2024- 05 - 05   |   بحث في الموقع  
logo التجديد للطوارئ: محك للديبلوماسية اللبنانية ونفوذ اسرائيل logo متى سيُسلم بري الرد اللبنانيّ على الورقة الفرنسية؟ logo معطيات جديدة عن عصابة الـ “تيك توك”… وتسجيلات صوتيّة منسوبة للرأس المدبّر logo في بعلبك.. مطلوبٌ يقع بقبضة المخابرات! logo حصاد ″″: أهم وأبرز الاحداث ليوم السبت logo بالفيديو: “موكب حفل زفاف” يثير هلعاً في طرابلس.. ماذا حصل؟ logo رسمياً… ريال مدريد بطل الدوري الإسباني logo "حماس": نتنياهو شخصيًا يعرقل التوصل إلى اتفاق هدنة في غزة
قلب الطاولة، بدء معركة الفساد والمسار الشاق... (بقلم د. جيرار ديب)
2020-06-15 22:47:57



ألقى الوزير جبران باسيل في ذكرى ١٣ تشرين الأول، كلمةً توجه فيها إلى الرئيس ميشال عون قائلَاً: عندما تشعر بأنك لم تعد تتحمل، فلتضرب بيدك على الطاولة، ونحن من سيقلب الطاولة عليهم. بالتوازي مع هذه ذكرى تشرين في الحدث، أعلن الرئيس حسان دياب في ١٥ حزيران، الحرب على الفساد. 


الموقفان متناغمان، ويصلان إلى الهدف ذاته، وهو "قلب الطاولة". فهل ستبدأ معركة العهد، مدعومًا بتيار وطني حرّ، كرّس رئيسه الجهود لمحاربة الفساد؟ وحكومة أعلن رئيسها قرار البدء بقلع الفساد، الذي ينخر كل مفاصل الدولة والمؤسسات الرسمية من شروشه؟


توقف الكثيرون عند مفهوم "قلب الطاولة"، وماذا عنى بها الوزير باسيل! فهل قصد المعنى التجريدي لهذه العبارة، أي قلبها على رؤوسهم بقوة العضلات، أم السلاح؟ وماذا عن رئيس الحكومة، واختيار التوقيت غير المناسب لقراره، بعد أن خسر معركة إقالة حاكم مصرف لبنان؟


كثيرون حلّلوا وناقشوا، وفسّروا. وآخرون شطحوا متطرفين، معتبرين أنّ تحرك ١٧تشرين الأول، هو الإنقلاب الحقيقي على تصريح مهندس العهد. إلا أنّ القليل منهم، فهموا المعنى الحقيقي لهذه العبارة. فالمؤكد، أنّ قلبها لن يكون بالعنف، فلا تربية الوزير الأخلاقية، تسمح له بالإقدام على هكذا فعل؛ ولا تربيته الوطنية، تدفع به لإلغاء الآخر بهذه الطريقة. إذًا، كيف سيقلب جبران الباسيل الطاولة؟ هذا هو السؤال الحقيقي.


الإجابة عن هذا السؤال، ليست مستحيلة، عند من يمتلك شخصية عنيدة، ذكية، لبقة في التعاطي مع الخصم. شخصية، ديناميكية قادرة على المناورة طويلًا، لإيصال فكرته. إنّ جبران باسيل، واضع هندسات السياسة المستقبلية للبنان، سيقلب الطاولة في رسم مخططٍ متوسط المدى يرتكز على قاعدتين: التوظيفات والتعيينات.


يدرك باسيل جيداً، مكامن الفساد في البلاد؛ وخبرته الطويلة التي اكتسبها في تسلمّه الوزارات، لا سيما الخارجية منها، جعلت منه محنكًا مع الداخل، وديبلوماسياً مع الخارج. جبران باسيل، ليس بعيدًا عن أورشليم، فهو يعلم تفاصيل اللعبة السياسية في لبنان، ويدرك جيدًا أنّ الوزير في وزارته ليس سيدًا مطلقًا، ليس الآمر الناهي. بل الموظفون في كل دائرة حكومية، من مدير عام حتى أصغر موظف، لهم الدور الفعال في تطبيق القرارات، وأحيانًا، نصّها.


إنّ الطاولة التي قصد الوزير باسيل قلبها، هي طاولة التعيينات، والتوظيفات. هذا ما برز في التعينات الأخيرة التي صادق عليها مجلس الوزراء. لدرجة دفعت بالرئيس سعد الحريري، إلى تسميتها ب"تعيينات باسيل". لا تخفي أوساط رئيس التيار الوطني الحرّ، أنّ معركة التوظيفات والتعيينات ليست بالسهلة، بل صعبة جدًا. وتضيف هذه الأوساط أنّ الوزير ماضٍ بها للنهاية، حتى لو كان ذلك على وقع التهديدات المستمرة لا سيما من فرنجية، لجهة الإنسحاب من الحكومة أو عرقلة عملها. 


أهمية تلك التوظيفات، أنها تُعتبر بداية الخطوة الأولى في مسار الألف ميل، نحو التغيير الحقيقي. فكل تغيير اليوم يفرضه الوزير باسيل في التعيينات والتوظيفات، ينظر إليه على أنه الخطوة الأولى لبناء الدولة الصحيحة. لأنّ التغيير يبدأ في الموظف والمسؤول. لهذا نجد أنّ حرص الوزير على التعيينات، هو لقلب الطاولة الحقيقي، والتوجه نحو تغيير مرتقب لدولة المواطن، في المستقبل القريب.


بمقابل قلب الطاولة، تتقاطع قرارات رئيس الحكومة، الدكتور حسان دياب، النية ببدء مكافحة الفساد، واقتلاعه. لا بل الوقوف إلى جانب كل وزير يتلقى ضغطًا سياسيًا، من أية جهةٍ كانت. يدرك الرئيس دياب خطورة القرار، ويعلم أكثر من غيره، أنّ الموضوع لن يمرّ بالسهولة المتوقعة. فالفساد في البلد، له متمكّن من عقول الكثير من اللبنانيين، وإنّ القتال لن يكون سهلًا، لأنه سيدحرج رؤوساً كبيرةً وصغيرةً على السواء. 


يعلم الرئيس دياب، أنّ قراره هذا بقدر جرأته سيجابه من داخل الحكومة، قبل الخارج. لأنّه سيطرق أبواباً كثيرةً، قد يكون كلّ باب منها مغارة علي بابا بحدّ ذاته. لهذا سيختار الرئيس السير بين الألغام، كي لا ينفجر لغم ما، ويودي إلى تطيير الحكومة من أساسها، وهذا ما سيكون حريصاً عليه. لكن في المقابل، قد يكون الرئيس مطمئنًا إلى قراره هذا، لأنّه يسند ظهره على الرئيس ميشال عون، الذي كان أول من أعلن الحرب على الفساد بالقسم عند توليه الرئاسة. وخلف الكواليس، هناك، حزب الله، الذي برهن عبر وزيره حسن حمد جديّة العمل لإنقاذ ما تبقى من الجمهورية.


أخيرًا، مشروع مكافحة الفساد، إن كان بقلب الطاولة، أم بالقرار الجريء سيكون الخيار الأنسب لوضع البلاد على السكة الصحيحة. رغم مخاطر الخيارين، إلاّ أنّ العهد مصمّم أكثر من أيّ وقت مضى على إنهاء ولايته، بهدية يقدمها للبنانيين لطالما انتظروها.


 


                                                            د.جيرار ديب


                                           أستاذ الفكر السياسي في الجامعة اللبنانية



التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top