وهذا المصير الكارثي الذي يهدد لبنان بأوخم العواقب كما يقول سياسي بارز من خارج منظومة السلطة وكل ادواتها يسير بسرعة نحو ما يخطط للبنان، حيث لا «بارقة ضوء» بسيطة تطمئن المواطن اللبناني في كل ما يتعلق بأداء القوى السياسية من داخل الحكومة وخارجها، وكل موقع من مواقع الدولة وبالاخص على المستويات المالية والنقدية ولو ان الفشل والتقاعس عن المسؤولية يمتد الى كل كبيرة وصغيرة تتعلق بالانقاذ وباخراج اللبنانيين من ازماتهم الخانقة وسنتحدث لاحقا عن بعض جوانب ما بلغته الطبقة المتحكمة بأعناق اللبنانيين على ان نتناول اليوم بعض جوانب الملف النقدي بعد ان بات حديث كل مواطن لما له من تداعيات على حياة الاكثرية وما يختزله فعلا من توجهات مخطط لها سلفا لمزيد من الانهيار في سعر صرف الليرة اللبنانية.
ومن هنا يوضح السياسي البارز ان ما حصل في الايام الماضية على مستوى انهيار الليرة وما سبق ذلك من تقاعس في عمل الحكومة والمتحكمين بقرارها، وتخلي الجهات النقدية والمصرفية عن دورها وفي اغلب الاحيان الانخراط في لعبة المضاربة بالعملة الوطنية، كل هذا أدى الى سقوط الوعود التي خرجت بها عدد من الاجتماعات المالية والنقدية وما صدر من تعاميم عن مصرف لبنان وما انتهت اليه جملة اللقاءات على اعلى المستويات في الحكومة وغيرها من حيث الفشل في تطبيق خطوة بسيطة ومتواضعة تتعلق بتخفيض سعر صرف الدولار الى 3200 ليرة و«قطع يدّ» مافيات المضاربات في السوق السوداء والسوق الرسمي، خصوصا ان الامعان في تحميل الارتفاعات المستمرة في سعر الدولار لجهات مجهولة تتحرك في السوق السوداء ليس اكثر من «ذرّ الرماد في العيون» فمن دون جهات نقدية ومصرفية في المصارف ولدى الصيارفة تموّل السوق السوداء لما كان في قدرة من يعملون بالخفاء على ارتفاع الدولار الى حدود خيالية بلغت الستة الاف ليرة في الساعات الماضية.
ولم يعد خافيا ان الانهيار الكبير في سعر الليرة تتحكم فيه قرارات سياسية داخلية وخارجية الى جانب عوامل الانهيار الداخلي وفقدان السيولة بالدولار، الى جانب كل انواع المافيات المالية والنقدية وكل المنتفعين من نهب المال العام وما تبقى في جيوب اللبنانيين في مقابل عجز مفرط او تواطؤ لدى اهل السلطة في تحقيق خطوة جزئية التي كانت تضمنتها تعاميم مصرف لبنان عن انشاء المنصة الالكترونية وبالتالي اعتماد سقف 3200 ليرة للدولار مع ان هذه الخطوة حتى ولو نفذت تتماشى مع المثل القائل «تمخض الجبل فولّد فئراً».
على ان هذا التهرب من المسؤولية والتواطؤ والعجز في امكانية تنفيذ خطوة متواضعة كالتي اعطيت للمنصة الالكترونية او الوعود التي انتهت اليها الاجتماعات تخزل في مضامينها اربع مفارقات عجيبة، لما بلغته الطبقة السياسية وكل المعنيين بالشأن العام بدءا مما يحصل على مستوى انهيار الليرة الى ما يفترض القيام به من اجراءات ومعالجات.
– المفارقة الاولى: ان الحكومة ورئيسها وكل المعنيين فيها وبقراراتها تبث عجزهم في ملفات ومسائل جزئية وموقتة، حتى حيث ضبط تفلت المافيات التي تضارب في السوق النقدية واوصلت الدولار الى سعر خيالي.
وكان هؤلاء في عالم اخر ولا تعنيهم احدى اكثر المسائل حساسية بما لها من نتائج خطيرة على الاستقرار وحياة اللبنانيين وتتعلق بضبط سعر الدولار.
– المفارقة الثانية: استقالة كل القوى السياسية التي لا همّ لها سوى وضع العصي امام عمل الحكومة من تيار المستقبل الى الحزب الاشتراكي والقوات اللبنانية واخرين، فكل ما يقوم به هؤلاء اصدار البيانات والمواقف، بينما استقالوا من دورهم في طرح الحلول والمخارج حتى على مستوى ضبط سعر الدولار.
المقاربة الثالثة استقالة المعنيين في مصرف لبنان من دورهم في الحفاظ على التوازن النقدي واتخاذ كل ما امكن لمنع المضاربات والاثراء على حساب المصلحة الوطنية وجيوب الفقراء وبدءا من التدخل في السوق للحد على الاقل من «جنون» ارتفاع الدولار ومنع الفلتان بأكثر اوجه اسعار الدولار وبما يتيح تأمين حد ادنى من السيولة بالعملة الاميركية في السوق حيث بات مكشوفا لكل اللبنانيين ان السعر الذي يعلن عنه يوميا هو سعر وهمي لمن يحتاج الى دولارات وبالتالي فمسار الانهيار في الليرة لا يبدو ان له سقوفا معينة.
– المفارقة الرابعة: ان نقابة الصرافين، بغض النظر عن الشبهات التي تحيط بعدد من المعنيين فيها بعد توقيف بعضهم من ثم اطلاق سراحهم لكن حصر مسؤولية تحديد سعر السوق اليومية بنقابة الصرافين هو استخفاف فعلي بالمصالح الوطنية وتخلي من يعنيهم الامر بهذه المهمة عن ادنى مسؤولية مناطة بهم، وبالتالي رمي «كرة نار» الانهيار النقدي في المجهول، مع العلم ان معظم الصرافين الى جانب الصرافين غير الشرعيين يمارسون كل انواع الابتزاز بحق كل من هو بحاجة الى كميات من الدولار مهما كانت حاجة هذا الشخص او ذاك لكمية من الدولارات فيخفون وجود مبالغ مكدسة من الدولارات في خزائنهم الا اذا اضطر من بحاجة لكمية من الدولارات الى الخضوع للسعر الذي يحدده الصراف والاغرب ان كثيرين من الصرافين يبلغون من لديه «شيك» بالدولار انهم على استعداد لصرف اي شيك مهما بلغت قيمته نقدا مقابل حسم 30 بالمئة من قيمته وهو الامر الذي حصل مع احد الاشخاص الذي عرض شيكا بمليون دولار على احد الصرافين فما كان من الاخير الا ان بلغه انه على استعداد لاعطائه 700 الف دولار نقدا مقابل شيك المليون دولار، على طريقة «حاميها حراميها».
وفي الخلاصة يعتقد السياسي اللبناني ان الموعد الجديد الذي حدد لاطلاق المنصة الالكترونية في 23 الحالي لن يكون مصيره افضل مما سبقه، وحتى ولو وضعت المنصة المذكورة موضع التطبيق فحتى ذلك التاريخ لا يعلم الا الله السقف الذي سيصل اليه الدولار.