2024- 05 - 04   |   بحث في الموقع  
logo إتصال بين ميقاتي وبري.. ماذا دار فيه؟ logo جريح بحادث سير في الضنية logo العثور على جثة مراهق داخل بركة زراعية logo هدنة غزة... إسرائيل لن ترسل وفدًا إلى القاهرة إلا بِشرط واحد logo بشأن النازحين السوريين... تمنٍّ من ميقاتي إلى بري! logo جعجع مفقود.. هل تعرفون عنه شيئا؟ logo جعجع مفقود... هل من يَعرف عنه شيئًا؟ logo لإطلاقه النار من سلاح حربي... توقيف مواطن في المتين المزاريع
قانون... قيصر عامر!!! (بقلم جورج عبيد)
2020-06-08 23:17:49



هل من أحد لا يزال يتذكّر محلاّت قيصر عامر في وسط بيروت قديمًا، وكانت له فروع عديدة في لبنان؟ حين كنت وأخي صغيرين، كان أهلنا يشترون لنا العابًا من عنده وفي أعياد الصيف مفرقعات تفرح قلوبنا ليلة الأعياد، بعضها كان جيدًا ولكنّ بعضها الآخر كان بائلاً.


تذكّرت قيصر عامر مع صديقي الدكتور جورج متري المر ذلك الصحافيّ المخضرم المطلّ من ذكريات العالم الجميل والنضال الطويل والمعاصر للرؤساء والعهود والحكومات، وقد كان صاحب وكالة اليقظة العربيّة. تذكرته خلال نقاشنا حول تداعيات قانون قيصر وانعكاساته على لبنان وسوريا معًا سيّما أنّ معظم المحللين يربطونه بالمفاوضات مع الIMF كمادة مانعة للتواصل بين لبنان وسوريا وإغلاق الحدود بينهما وتوسيع رقعة اليونيفيل من الجنوب إلى كل الحدود مع دمج القرارين 1559 و1701، فيصيران قرارًا وحدًا.


قال لي جورج خلال النقاش، يا صديقي هذا قانون قيصر عامر. في البدء احتسبته يسخر ويستخفّ في آن. لكنّه أصرّ على التوصيف بصورة جديّة، فسألته لماذا تصرّ على مقاربة التوصيف بجديّة، ليجيبني يا جورج أليست نظريتك بأن العلاقة اللبنانيّة-السوريّة باتت ملحّة الآن أكثر من أيّ وقت مضى، وقد كتبت عن رؤيتك وأسهبت غير مرّة في شرح محاسنها ومنافعها على كلّ من البلدين، فماذا لو قرّر حبيبنا فخامة رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون ودولة رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب زيارة الشام، فما الذي سيحدث، كيف سيواجه الأميركيون هذه الزيارة، هل تصدّق بأنّ الأميركيين لا يزالون يملكون القدرة على إيقافها؟ هذا مجرّد تشبيح


النقاش مع صديقي جورج المرّ جاء ليلة الجمعة أي قبل اندلاع أعمال الشغب في وسط بيروت وتحوّلها إلى منطقة عين الرمانة-الشياح بهدف تفجير لبنان من أمعائه بفتنتين شيعيّة-سنيّة ومسيحيّة-إسلاميّة، كانت معدّة لشطرلبنان وتمزيقه. وبعيد ذلك ظهرت ملامح مخاوف من اشتداد الشروط الأميركيّة على لبنان فتتحوّل إلى شريط شائك يشبك ويغرس على الحدود فيحول دون إتمام التلاقي بين دولتين يربطهما التاريخ والجغرافيا والجذور العائليّة، وتكون بمثابة ألغام معدّة للانفجار تباعًا.


قبل الإضاءة على القانون بمعانيه، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الأميركيين، ومن دون تردّد فضلاً عن الأتراك، هم خلف ما حدث مساء السبت في بيروت. ترميد لبنان هدف كبير واستراتيجيّ وغاية ضروريّة في العقل الأميركيّ، فهم متوغّلون باستهلاك عناوين الجوع والفاقة والعوز والبطالة، فيما هم قد زرعوها بسلوكياتهم مع المافيات الداخليّة، بهدف أخذ حزب الله على وجه التحديد نحو المساحة الفتنويّة، بظنّ وقح وسمج بأنّ ميكانيزم التورّط تبعده عن هدفه الجوهريّ وتضعفه ما بين لبنان وسوريا والمنطقة، علمًا أن الحزب امتصّ المحاولة وأجهضها لا سيّما في منطقة عين الرمانة-الشياح، وهو المدرك وبقراءته الموثقة بأن من تحرّك على الأرض لا تسوغ عليهم التورية لكونهم مكشوفي الرؤوس والانتماء


الأميركيون يضغطون من ثلاث زوايا، زاوية الأرض وقد ظهر الفشل سريعًا ودراماتيكيًّا. والجهاز الأمنيّ الذي حرّك الطرابلسيين وعددًا من العكاريين للتوجه إلى بيروت قد انكشف بدوره بشحنه الماليّ واللوجستيّ عبر أذرعه في طرابلس، بهدف جعل عاصمة لبنان الثانية، والممرّ الاستراتيجيّ نحو الداخل السوريّ وساحله دائم التوتّر والترجرج. أمّا الزاوية الثانية فهي صندوق الدعم الدوليّ. فهو الحجاب الذي يتلطون خلفه من بعد إفلاس لبنان لجعله بالكليّة تحت سيطرتهم بشروط سياديّة قاسية ممّا لا شكّ فيه بأنّ لا قدرة للبنان على تحملها لأنها ستؤدّي حتمًا إلى اختناقه. والشروط السياديّة بدورها تتمحور بالزاوية الثالثة وعنوانها قانون قيصر Caesar Low  وهو غير معنيّ ولا مرتبط بتلك اللحظة بل بلحظة الحسم في حلب سنة 2016 بهدف الضغط على القوات السوريّة معنويًّا وماديًّا فيما كانت قد بدأت بالحسم في حلب واستعادتها إلى سيادة الدولة. الشيء الجوهريّ الذي لم يفقهه بعضهم بأنّ قانون قيصر أجهضته نتائج المعارك في الحلب بل نتائج المعارك الميدانيّة في سوريا كلّها، فأيقظته الإدارة الأميركيّة وأحيته بغية الضغط من خلاله على الداخلين اللبنانيّ والسوريّ معًا.


ما يفهم خلف الحجب بأن الولايات الأميركيّة ستربط بل ستدمج بين شروط صندوق النقد الدوليّ، وقد وحدت الحكومة اللبنانيّة الرقم للتفاوض، وقد جاءت وحدة الرقم بعيد لقاء فخامة الرئيس العماد ميشال عون للجنة المولجة بالتفاوض، وبين قانون قيصر. ويقول سياسيّ كبير بأنّ الهدف من قانون قيصر ليس حصار سوريا بالمطلق بل تطويع اللبنانيين عبر تطويق العهد على وجه التحديد للقبول بشروط الصندوق والارتماء عند أقدامه وهم المعوزون والمفلسون، آخذبن بعين الاعتبار بأنّ الحرب واحدة على لبنان وسوريا بآلياتها وأدوراها وأدواتها. 


تقول مصادر عارفة، بانّ الحكومة اللبنانيّة لن تجيب بشيء على تلك الهواجس وهي مشروعة قبل انكشاف الشروط ومعرفتها. غير أنّه بات مسلّمًا بأنّ المسائل السياديّة بجوهرها وطبيعتها غير قابلة للمساومة والنقاش كتوطين الفلسطينيين ودمج السوريين وفرض أنماط محدّدة لعلاقات لبنان بمحيطه. هذه عناوين بالنسبة للحكومة اللبنانيّة ولرئيس الجمهوريّة وطنيّة-عقيديّة ثابتة، ومهما كان من أمر فإنّ مواجهة الشروط السياديّة، وبحال حاولوا فرضها، أشرف بكثير من القبول بها لقاء حفنة من الدولارات. فالعهد لم يتوقّف يومًا عن الجهاد المضني باتجاه تحويل لبنان من الاقتصاد الريعيّ إلى الاقتصاد المنتج، وهو عاكف بهذا الاتجاه، وعنده أنّ هذا التحوّل مسلّمة وطنيّة راسخة لا يمكن الحياد عنها، إنها عماد اتجاه لبنان نحو الاكتفاء الذاتي فكيف ولبنان غنيّ بثرواته النفطيّة والغازيّة والمائيّة؟ 


 تضيف أوساط سياسيّة على ما تبيّن من نتائج، بأنّ تلك الزوايا التي أطلّ الأميركيون منها بالاتجاهين اللبنانيّ والسوريّ، غير فعّالة. ذلك أنّ الأرض التي أوقفوا عليها أوباشهم في العاصمة بيروت وأفلتوهم نحو الشغب وتحطيم الواجهات والمحلاّت ممسوكة بقوّة من القوى الأمنيّة والجيش اللبنانيّ بشكل خاصّ وحزب الله. هذا عينًا ما أدّى إلى إفشال الرهان على الفتنة ببعديها المسيحيّ-الإسلاميّ والشيعيّ-السنيّ. وتعتبر تلك الأوساط بأنّ التفاهم بين الجيش اللبنانيّ والحزب على أشدّه ومتانته، وما من قوّة تملك القدرة على اختراقه مهما علا كعبها، وتؤكّد الأوساط عينها ثبات ورقة التفاهم بين التيار والحزب والعلاقة العميقة بين رئيس الجمهوريّة وأمين عام الحزب، وهذه الورقة كان لها الفضل من جديد في حماية لبنان من الانزلاق نحو هذا المنحدر الخطير.


يبقى من هذه الناحية، التفاوض مع صندوق النقد. تشير الأوساط وتؤكّد من جديد بأنّ الدولة لن تفرّط البتّة بالمسائل السياديّة الخاصّة بلبنان، وهي بدورها مدركة بغضّ النظر عن الاصطفافات السياسية المضادّة لتوجهاتها بأنّ العلاقة اللبنانيّة-السوريّة غير خاضعة لمقاييس تفرض فرضًا بسبب النوازع الحاقدة والمصالح الفاجرة، بل هي قناعة راسخة. فثلاثة أرباع الحدود معها والربع مع إسرائيل، الأسر من جذور واحدة، المصالح مشتركة، سوريا بالنسبة إلى لبنان هي المدخل الطبيعيّ للعالم العربيّ فهل نغلق الحدود كرمى لتلك النوازع وكرمى للأميركيين لكي نختنق ونموت من شدّة الاختناق، كما خنق الشرطيّ الأميركيّ المواطن جورج فلويد الأسود البشرة حتى الموت.


وفي الختام تنصح تلك الأوساط الدولة اللبنانيّة بعدم التعاطي مع صندوق النقد الدوليّ من زاوية الخوف والرعب، وتتمنى أن ترتكز الدولة اللبنانيّة في مقاربتها بأنّ أميركا لم تعد تخيفنا، إنها مختنقة بفعل أزمتها الداخليّة المرتبطة حتمًا بالأزمة الانتخابيّة ومرتبطة بالخسائر التي أوصلتها إليها الصين بالإضافة إلى عاصفة الكوفيد-19، من دون أن ننسى بأنّ العجز الماليّ قد بلغ ال3000 مليار دولار أميركيّ وهو قابل للتصاعد أكثر. وبناء على ذلك ترى تلك الأوساط بأنّ الاتجاه نحو سوريا بات ضروريًّا في هذه اللحظة بالذات. إنها اللحظة المناسبة بالضرورة. ذلك بأنّ سقوط سوريا سقوط للبنان وللتسوية في العراق، وسقوط لبنان بدوره سقوط لسوريا وللتسوية في العراق، ثمّة ارتباط جوهريّ بين أضلع هذا المثلّث، وأي سقوط لأحد أقانيمه سقوط للمنطقة في لجّة فوضى عدميّة وهذا ما لن تسمح به روسيا على وجه التحديد، فضلاً عن أنّ القدرة الأميركية على إنتاح أنماط فتنويّة في المنطقة شبه معدومة هذا إذا لم نقل بأنها معدومة بالكامل.


هذا ليس بقانون قيصر يا جماعة إنه قانون قيصر عامر... واللبيب من الإشارة يفهم.


 



التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top