2024- 05 - 02   |   بحث في الموقع  
logo بالصورة: عبوة “معدّة للتفجير” تحت سيارة أمام مسجد في عكار logo “الكتلة الوطنية”: لخطة جدية تعالج موضوع اللاجئين logo وفد حماس إلى مصر قريباً... عبد الهادي: من المبكر الحكم على النتائج logo "لن يحمينا أحد"... نتنياهو: سنقاتل بمفردنا إن اضطررنا logo "منعزلٌ عن الجمهور"... دعوةٌ من بن غفير لإقالة غالانت! logo ميقاتي: مساعدة المليار يورو للبنان ليست رشوى وكل مقيم غير شرعي سيتم ترحيله logo "أصولي فلسطينية وأفتخر"... ردٌ من وضاح الصادق على منتقديه! logo مسؤول كبير بـ"سلاح أوروبي" في بيروت… جديد المؤامرة على اللبنانيين ورشوة "المليار"!
متى سقط لبنان سقطت سوريا ومتى سقطت سوريا سقط لبنان (بقلم جورج عبيد)
2020-06-05 22:17:44



يتعامل رئيس الحكومة الدكتور حسّان دياب وعددًا من الوزراء مع قانون قيصر الأميركيّ Cesar Law بحذر شديد، وهو قانون صدر سنة 2016 إبّان معركة حلب في سوريا، كمحاولة للضغط النفسيّ في سبيل إعاقة تقدّم الجيش السوريّ فيها مع حلفائه. وتتساءل أوساط سياسيّة عن سبب تدخّل وزيرة الدفاع زينة عكر عدرا وتوزيعها القانون على مجلس الوزراء لدرسه، وهل جاء تدخّل السيدة عكر بقرار ذاتيّ، أو أنّه منسّق مع جهات داخليّة وهل للسفارة الأميركيّة في بيروت علاقة بذلك؟ فتوزيع القانون لدرسه أحرج الحكومة وبفعل توزيعه تصبح الحكومة ملزمة بقراءته ودراسته وأخذ القرار بشأنه.


تشير بعض المعلومات بأن انغراس قانون قيصر في التربة اللبنانيّة، غير منفصل على الإطلاق عن الحراك المعدّ له حتى ولو ظهر هشًّا. القضيّة ليست في الحراك، بل في المحتوى غير المنظور المكنون في هدف الحراك ووظيفته وتوازيه مع قانون قيصر. القضيّة الجوهريّة السارية المفعول، استمرار استضعاف العهد بتطويقه وشلّ قدراته ومحاولة منعه بالتهويل والضغط للانطلاق بتجسيد رؤاه الداخليّة الفاعلة والمشرقيّة المتجذّرة والعاملة على تكوين وطن متفاعل ومتجانس، ومشرق يجيء من ذاتيته ويعبّر عنها هنا وثمّة. والوطن عند سيّد العهد لا يتكوّن ولا ينمو ولا يرى إلاّ باقتصاد منتج ومبدع وخلاّق، يبيد من ذاكرته مفاعيل الاقتصاد الريعيّ الذي أدخله في أتّون مديونيّة خطيرة ناهزت ال 100 مليار دولار.
في تقويم عقلانيّ مجرّد، يفترض بالعقل اللبنانيّ، إذا تحرّر من عقد الخوف والتبعيّة، وسما نحو استخراج العناصر الموضوعيّة بمراقبته للتطورات والأحداث أن يدرك بأنّ قانون قيصر لم يعد سيفًا مسلطًا على رؤوس الأشهاد والأهلّة، ذلك أنّ مجرّد التفكير بأن قانون قيصر هو الفيصل والمفصل الفاصل بين زمن وآخر تسطيح للحقيقة وهراء. فهو لا يحوي أي محتوى تكوينيًّ بالضغط الانقلابيّ. لقد فقد قدرته الانقلابيّة في سوريا، بمجرّد أن دخلت أميركا في مرحلة خطيرة من حياتها لم تشهدها إطلاقًا بهذه الكثافة والدسامة طوال تاريخها المعاصر والحديث، سواء بفعل تداعيات كوفيد-19، والعجز الماليّ والبالغ 3000 مليار دولار أميركيّ، ومقتل جورج فلويد ودخول أميركا على ضوء مصرعه العنصريّ عتبة صدام عنصري خطير بدأ يستعر ويؤشّر بما هو أعظم، أي بحرب اهليّة تقرع أبواب "الإمبراطوريّة التي لا تغيب عنها الشمس" لتبدأ شمسها بالأفول تدريجيًّا، لاحظوا كيف أنّ أميركا لم تجرؤ على مواجهة بارجة إيرانيّة اتجهت نحو فنزويلاّ، وبعضهم ربط إطلاق سراح الضابط الأميركيّ من إيران كثمن للعبور، علمًا أنّ الأمرين مختلفان.
هل يدرك العقل اللبنانيّ بالعمق واستنادًا إلى تلك الوقائع الظاهرة والبادية أن قانون فيصل فاقد قدرته وقوته، وهل يعي بأن استخدام دونالد ترامب يقف عند حدود التهويل اللفظيّ ومحاولة استهلاكه كما صفقة القرن لغايات انتخابيّة تخصّه؟ يتصرّف ديفيد شينكر بالملفّ اللبنانيّ بعشوائيّة ليست معهودة في تاريخ العلاقات اللبنانيّة-الأميركيّة، وخالية من الآليات الدبلوماسيّة، تسانده من لبنان السفيرة دوروثي شيا، كما ساندته من قبل السفيرة السابقة مارغريت ريتشارد. فقد عكف الرجل، أي شينكر، على إطلاق تصريحات وتإدلاء بأحاديث أسبوعيّة لا تزال تتحرّك بمحوريّة أميركا الآحاديّة ويسلك بها سلوكًا استكباريًّا يتمسّك بتلك المركزيّة في العالم، ويتصرّف على أساس أنّ العالم خاضع بالقوّة له. وفي لبنان تجول شيا على شخصيات سياسيّة، تمارس عند بعضها لغة التحريض المتعمّد، ثمّ تدلي بأحاديث تصدر فيها أوامر للحكومة وللمعنيين بضرورة العمل على محاصرة حزب الله وسحب سلاحه، وتحذّر الشخصيات اللبنانيّة من الاتجاه نحو دمشق.
المؤسف في هذا المشهد تصرّف عدد من الشخصيات السياسيّة الذين استقبلوها بترحاب بالغ. ويتبيّن بالأعراف الدبلوماسيّة بأنّ شيا أخلّت كليًّا بها بعدم احترامها لها واعتمادها فعل تحريض اللبنانيين على بعضهم البعض وزجّهم في قوالب فتنويّة لا سيّما بين السنّة والشيعة، ومحاولة التقويض من القرارات السياديّة المنحصرة فقط بالخصوصيّة اللبنانيّة وبالآليات الدستوريّة الحافظة لسلامة الأراضي اللبنانيّة وديمومتها.
غير أن آليات التحريض، كما سبق وأظهرنا، ضعيفة جدًّا بسبب أن أذرع أميركا الداخليّة غير مفتولة العضلات بل من حليب سائل، وأيّ حرب تخوضها أميركا بالتحريض عليها أو بشكل مباشر ستنعكس عليها داخليَّا.
وعلى هذا، إنّ الحكومة اللبنانيّة بحال قرأت تلك المعطيات بتجرّد، قادرة على تجاوز الهواجس والمخاوف والأوهام والتماس الحقيقة بمواقف جذريّة تقلب الطاولة على الرؤوس. الذهاب إلى سوريا ليس هاجسًا، بل هو واقع. لكنّ الجوهر في القضيّة أن الحكومة إذا ما تشدّدت وشدّت ركبها قادرة على الطلب من حاكم مصرف لبنان والمصارف اللبنانيّة أن يعيدوا ما جنوه من فوائد على اليوروبوندز أو سندات الخزينة، والتي بلغت منذ سنة 1994 ال 48% ما يفوق ال20 مليار دولار أميركيّ. وقادرة أن تجني من الفوائد الأخرى والتي بلغت ال 14% ما يفوق العشر مليار دولار. السؤال المطروح على الدكتور حسان دياب، لماذا لا يطلب من المصارف تحت طائلة الملاحقة القانونيّة أن تدفع ما جنته من فوائد يفترض أن تكون للدولة وللبنانيين؟ لماذا لا تتصرّف الحكومة بحزم شديد وتفرض على المصارف إعادة الودائع اللبنانيّة من الخارج إلى الداخل وقيمتها 180 مليار دولار أميركيّ وتسييلها في الداخل؟ كسر قانون قيصر بالأحداث الأميركيّة الميدانيّة يتيح للحكومة اللبنانيّة إذا ما تبصّرت أن تقفز فوق القانون الأجوف بالكليّة وإرغام أصحاب المصارف بأن يعيدوا الأموال أو الودائع وهي ملك اللبنانيين أجمعين. كما أنها قادرة على الضغط على السياسيين لكي يدفعوا للخزينة ما جنوه زورًا منها، وتجني من الأملاك البحرية وسوليدير والنورماندي والمؤسسات ما قيمته خمسة مليار دولار أميركيّ، إذا لم يكن أكثر من ذلك. لسنا بحاجة إلى صندوق النقد الدوليّ، نحن بحاجة إلى قرار حكوميّ جريء، وإلاّ فتلك الحكومة لن تختلف عن سابقاتها بشيء.
أمّا سوريا فباعتقاد جهات سياسيّة محايدة بعيدة كلّ البعد عن الاصطفافات التقليديّة، فالخوف من الذهاب نحوها والتعاطي الأخويّ معها قمّة الخطيئة في ظلّ المعطيات الواردة حول التطورات الأميركيّة. لنفترض بأنّ رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب مع وزراء مختصين قرّروا زيارة دمشق كما زيارة بغداد فماذا ستفعل الإدارة الأميركيّة حينذاك؟ ستطالنا في المصارف حسنًا وماذا بعد؟ هل تحرّض زمرتها لعراضات أمنيّة، فالنتيجة فاشلة حتمًا لأنّ حزب الله بإمكانه أن يبسط ذراعه القويّة على الحدود الشمالية والشرقيّة مع سوريا ويفصل الحدود اللبنانيّة-السوريّة عن الداخل، وإذا لم يدخل الحزب أرض الواقع بقرارات جذريّة قالبة للطاولة فإن الحكومة السوريّة قد تأخذ قرارها بإغلاق الحدود مع لبنان تلقائيًّا فهل يتحمّل لبنان؟
المسلّمة الجوهريّة التي يفترض بالرئيس دياب أن يكون قد أدركها بأنّ سوريا لن تقبل ومهما كان الأمر بأن يكون لبنان شوكة في خاصرتها الرخوة. ليست سوريا من لن تقبل بذلك بل حتمًا روسيا التي تدرك المخاطر الأميركيّة من خلال اللعب بأمن لبنان واقتصاده. ذلك أنّ الحرب الماليّة واحدة على لبنان وسوريا معًا وهي شرسة بل فاتكة. لقد أبلغ أصدقاء مشتركون بين قيادات لبنانية وسورية، بأن الاستسلام للاميركيين فيما هم متجهون إلى التبعثر ممجوج ومرفوض، فإسرائيل تلعب على هذا الوتر بهدف المشاركة في التخويف عبر غارات تشنها عن طريق كسروان البقاع الشمالي حمص، كانت مصياف أمس إحدى أهدافها. ما يهم لبنان وسوريا اتحادهما القويّ والمتين في تلك المرحلة رغمًا عن أنوف كثيرين، والعمل معًا على سوق مشرقيّة مشتركة.
مسك الختام: كلام جريء للغاية قاله المثلّث الرحمات البطريرك إغناطيوس الرابع لكاتب هذه السطور قبل وفاته بأسبوعين. "الحرب على سوريا ليست على الرئيس بشار الأسد، بل على سوريا بهدف إسقاطها من بعد تمزيقها أربًا إربًا. فمتى سقطت سوريا سقط العراق وسقط لبنان وضاعت القضيّة الفلسطينيّة وارتجّ العرش الهاشميّ". المعادلتان الجوهريّتان المفترض بالحكومة اللبنانيّة إدراكهما، إسقاط لبنان بالحرب الماليّة الفاتكة إسقاط لسوريا، ومتى سقط لبنان وسوريا سقط العراق على الرغم من التسوية فيه، وإسقاط سوريا بالحرب الماليّة عليها إسقاط للبنان والعراق معًا. معادلتان تفرض على لبنان مدّ يده إلى سوريا حتى نربح الحرب ونتحرر منها.
أمّا إذا سرنا بخلاف ذلك فنحن إلى نهاية عدمية سائرون، استفيقي أيتها الحكومة من مخاوفك وهواجسك وأوهامك، قانون قيصر هشّ وأجوف وإلى وادي النسيان، وأميركا المتجبّرة إلى مصير مجهول، والله نعم الوكيل يا دولة الرئيس.



التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top