دمشق ـ هدى العبود
يقول الفنان القدير زهير عبدالكريم عن شهر رمضان: لم يكن شهرا عاديا على أهالي قريتي معربا بالقرب من العاصمة دمشق نظرا لقدسيته، فالناس حقيقة كانت تخاف ان تغضب الله وسبحانه وتعالى، لأن شهر رمضان شهر الرحمة والمغفرة، فالفقير له مكانة خاصة في الحي، بدءا من شيخ الجامع مرورا بكباريه الحارة الذين كانوا يتولون أمور القرية من خلال كبارها، وبرأيي هذا حال المجتمع السوري في كل محافظاته مهما بعدت مشاربها عن بعضها.
وتابع: عندما بدأت الصوم كنت في الصف السابع الابتدائي، وحقيقة كنت لا أمتلك تلك القدرة الكبيرة على تحمل العطش والجوع، لذلك عندما بدأت الصوم كنت أتسحر وأبقى نائما حتى وقت الإفطار، وأمسك بكأس الماء وأنتظر صوت المؤذن وانتهاء قراءة القرآن من القارئ لأشرب قبل الجميع. لذلك أحيانا كنت أدعي الصيام، وأنا لست بصائم، لكن والدي وبحكم أننا أسرة مسلمة تؤدي فرائضها كاملة كان يعمل على مراقبتنا، وكان سؤال جدتي ووالدتي دائما «هل زهير صائم»، وكي لا يكتشف أمري أقوم بفرك شفتي لتصبحا جافتين واغرب عيوني كأنني دايخ من شدة الجوع وكانت تنطلي الكذبة على والدي رحمه الله.
وعن المواقف الذي لا ينساها، قال: كانت حرب تشرين التحريرية عام 1973 أثناء حلول شهر رمضان المبارك، وكان ابن خالتي قادما ليودع العائلة لأنه ذاهب للحرب، هكذا قال سويعات قليلة أريد ان اطلب رضاء جدي ووالدي وأعمامي وخالاتي وعماتي، وكنت انتظره على موقف الباص، تناولت منه طاقيته الخضراء، وسارعت إلى بيت خالتي أبشرها بأن احمد قادم، وكانت علاقتي معه علاقة قرابة وحب واحترام، جلس معنا في بيت جدي سويعات قليلة ونظر إلينا جميعا وضمني إلى صدره وقال: متوجها لجدي ووالده ووالدته ادعولنا الله ينصرنا ونرجع بالسلامة، وسامحوني ان اخطأت يوما بحق أي منكم لكنه عاد شهيدا، هذا الموقف الرجولي والبطولي لشاب في ريعان عمره ذاهب للحرب طالبا الدعاء والرضا وخالتي تفتخر بأن ابنها طيارا قدم روحه فداء للوطن، لن ننساه ولن أنسى رمضان 1973.