2024- 05 - 04   |   بحث في الموقع  
logo "نشاط" باريس والرياض لترتيب المشهد السياسي اللبناني logo أسلحة مخدرات وأعمال إرهابية.. الجيش يوقف 5 اشخاص logo جريح بالرصاص في طرابلس.. إليكم التفاصيل logo حرب موازية بين إيران وإسرائيل: القبة السيبرانية آتية! logo بيرنز في القاهرة ووفد حماس يصل السبت..لاستكمال محادثات الهدنة logo حصاد ″″: أهم وأبرز الاحداث ليوم الجمعة logo "بين ورطة وفرصة"... بايدن امام قرار التخلي عن نتنياهو! logo "مذبحة"... إسرائيل أبلغت بايدن خطتها بشان رفح!
رحم الله الرئيس سليمان فرنجيّة ونجله الشهيد طوني والعائلة (بقلم جورج عبيد)
2020-05-13 10:11:30



على أطلال مؤتمر النائب السابق سليمان فرنجيّة الصحافيّ، وقف الإعلاميّ العتيق والعريق وصاحب وكالة اليقظة العربيّة سابقًا الدكتور جورج متري المرّ، متأمّلاً وعائدًا بالذاكرة إلى لحظة قديمة تركت بصمة لا تمحى في تاريخ الانتخابات الرئاسيّة في لبنان بسبب شدّة التنافس الديمقراطيّ بين شخصيتين عريقتين، واحدة عرفت بالكرم والمروءة وأخرى بالاتّزان والرؤية الصادقة والعميقة، وهما سليمان فرنجيّة والياس سركيس وقد كان حاكمًا لمصرف لبنان. كان جورج الصديق الحبيب، شاهدًا على تلك الجلسة سنة 1970 من داخل المجلس كإعلاميّ ممارِس ومراقب. فاستعاد شهادته من جديد راويًا وقائع تلك الجلسة بحماسة، مستذكرًا بأنّ الجلسة كانت حاميّة وديمقراطية بامتياز مع شيء من الحدّة والقسوة، لكون المعركة جرت بين نهجين مختلفين، كانا لا يزالان متنافسين في المعطى السياسيّ اللبنانيّ، وهما النهج الشهابيّ، ونهج التحالف الثلاثيّ المؤلّف من الرئيس كميل شمعون والشيخ بيار الجميل والعميد ريمون إدّه. 
 
يقول جورج بأنّ الجلسة ما إن بلغت لحظتها الحاسمة، وتمّ إعلان فوز الرئيس سليمان فرنجيّة بصوت واحد على الأستاذ الياس سركيس، وقد كانت تلك الانتخابات فريدة بحدّ ذاتها، حتّى دخل الرئيسان الراحلان صبري حمادة ورشيد كرامي مكتب الأوّل، وأجرى حماده اتصالاً بالأستاذ سركيس معلنًا النتيجة له، وقائلاً له بالحرف الواحد أنا على استعداد لتغيير النتيجة وقلبها، وإعلانك منتصِرًا حتى أجابه سركيس إذا أعلنت أنني منتصر فسأعلن أنني سقطت في الانتخابات. علم الرئيس سليمان فرنجيّة بجوابه، فأكبر فيه نبله واستقامته، فبادله الوفاء والاحترام والمحبّة، ووثق به وبقدراته ومهارته، فتركه في منصبه طوال عهده. هكذا يتصرّف الكبار بنبل وكبر واحترام
 
أتّكئ على رواية الدكتور جورج متري المرّ، في تلك العجالة، مقارنًا ما بين الجدّ والحفيد، فشتّان ما بين الثريا والثرى. كاتب هذه السطور، ذواقة بالوراثة لتاريخ مشترك وعريق مليء بالصداقة والمحبّة، جمع عائلته بآل فرنجيّة كبيت وطنيّ عربيّ من طرابلس إلى قرية المشتاية في وادي النصارى إلى إهدن وزغرتا، وكان الرئيس فرنجيّة والدكتوران الياس ويوسف عبيد ووالدي والمغفور له المحامي والنائب السابق في سوريا نوفل الياس أعمدة تلك العلاقة، من دون نسيان النسابة الجذوريّة الجامعة بين عائلتي وآل الراسي الكرام من بلدة الشيخطابا في عكار. وكاتب هذه السطور ذواقة لفكر حميد فرنجيّة الإصلاحيّ، وفروسيّة سليمان فرنجيّة وشهادة المغفور له طوني والعائلة، وقد رووا بدمائهم وزرعوا مجد لبنان. ومن هذه الزاوية، سأضيء على مؤتمر النائب السابق سليمان فرنجيّة ببضعة ملاحظات، تؤكّد مدى التدحرج السياسيّ والقيميّ الذي بلغه الرجل في مقارباته البعيد عن تراث عائلته الوطنيّ والعروبيّ العريق.
 
1-لقد أكّد فرنجيّة بمؤتمره ذلك النمط الكلاسيكيّ القديم في التعاطي السياسيّ مع منطق الدولة، ككلّ زملائه في الطبقة السياسيّة الفاسدة، الذين ينظرون إلى الدولة على أنها مكوّنة منهم ومتشخصنة بهالاتهم ومملوكة بمؤسساتها من خلالهم ومتحرّكة بإراداتهم. وهذه الرؤية لا تزال تهيمن في معظم الأدبيات الصادرة عنهم، وتهتك عمق الدولة بمؤسساتها وتلوي أذرعتها، وتشلّ عملها وتتقاسم مغانمها، وتغطّي الفاسدين المنتمين إليها، والمحضونين منها، والمتعاونين معها. 
 
2-أفرط فرنجيّة بالقراءة الإقطاعيّة المتهوّرة الشديدة العشوائيّة، والخالية من المنطق الواقعيّ للقضاء اللبنانيّ، ليظهر نفسه في الشكل والمضمون بأنّه فوق القضاء والقانون، وأقوى من القضاء والقانون. هذه سمة اعتمدها هو وشركاؤه من أركان الطبقة السياسيّة الفاسدة لزرع الشكوك في النظام القضائيّ وتوجّهاته، في اللحظات الذروة التي بدأ يستعيد زمام المبادرات في مواجهة الفاسدين بدءًا من نقيب الصرافين وصولاً إلى أورور فغالي بلوغًا نحو ميلاد حليس والأخوين رحمه وصاحب مؤسسة شومان... 
 
3-لقد أراد سليمان أن يؤكّد وبقوّة بأنّ الحماية العائليّة والزعاماتيّة للفاسدين لا تزال سارية المفعول وبقوّة، أمام قضاء "جبران باسيل"، اي هي الناطقة في هذا الزمان وكلّ زمان. وتؤكّد بعض المصادر المتابعة بأنّ اعتماد سليمان ذلك الخطاب، وجذب القضاء إلى مواجهة الحمايات، دليل إفلاس بالكامل، وهو، بالتالي، توجّه خال من الأخلاق والقيم واحترام المؤسسات، ودليل آخر على أنّه لن يسمح بمسّ مملكة الفساد بمجموعة فاسدين، في حين أنّ التيار الوطنيّ الحر وحزب الله أظهرا القدرة النزيهة والواعية برفع الغطاء عن أي شخص إداريّ أو غير إداريّ ممكن أن يكون متّهمًا بالفساد. فكيف يمكن، وبهذا اللباس وتلك الصفة، أن يكون مرشّحًا لرئاسة الجمهوريّة؟!
 
4-لقد أكثر من التهكّم في مسألة عدم وجود الغاز في البلوك رقم 4، وقد أبدى سرورًا فائقًا بافتراضه أو زعمه بأنّ لبنان خال من الغاز والنفط. وافتراضه بحسب المعنيين بهذا الملفّ محشوّ بالزيف ومنطلق من الزيغ، وهو محدود وجامد في إطاره اللفظيّ البحت. ومهما كان من أمر، فبمجرّد أن يبدي تهكّمًا وبسرور فائق، فإنّه يظهر وبالحدّ الأدنى عديم الإحساس بالقيم الوطنيّة الصافية، وفي الحدّ الأقصى يظهر خيانته الحقيقيّة. فالثروة الوطنيّة قرينة للشرف. ولعلّ فرنجيّة علم أو يعلم، بأنّ الأميركيين ضغطوا وبقوّة على شركة توتال لكي تنسحب تدريجيًّا من مشروع التنقيب عن الغاز في البلوك 4 تحت ستار أن ليس من غاز في هذا البلوك. النتيجة واضحة: سليمان فرنجيّة مبتهج وفرح بالضغط الأميركيّ، فكيف يرصف نفسه في محور الممانعة والمقاومة؟
 
5-لقد أساء الرجل كثيرًا بمزاعمه إلى حزب الله على وجه التحديد. وذلك من باب تهليله وتهكّمه بعدم وجود غاز في البلوك المذكور، وقد أمعن هنا بتبنّي الرؤية الأميركيّة من جوانبها كافّة، وكأنّه بهذا المعنى يستجدي عطفًا أميركيًّا عليه، لتبنيه بعد سنتين ونصف مرشّحًا أساسيًّا لرئاسة الجمهوريّة. وحزب الله وبحسب ما أظهره مراقبون متابعون وقريبون، اعتبروا بأن خطابًا سياسيًّا كهذا مارق، ويفترض بفرنجيّة أن يرقى إلى سدّة المسؤوليّة في العمق وليس في الشكل.
 
6-لقد بدأ حزب الله يكتشف أنّ ضبابيّة سليمان فرنجيّة تخفي ما وراء الأكمة. فهو في اللفظ اليسير يبدي دعمه لهذا المحور، وفي الجوهر يكشف المجافاة بمنظومة مصالحه مع هذا المحور. فالرجل نحت شبكة مصالح سياسيّة وماليّة مع وليد جنبلاط وسعد الحريري ونجيب ميقاتي، ومع رجال أعمال ومصارف على مستويات عديدة كآل البساتنة وآل رحمة وهم شركاء معه ومع وليد جنبلاط... وتلك المصالح بعيدة كلّ البعد عن محور بدأ يتجلّى من الميدان إلى الطاولة كشريك في التكوين الجديد، اي عبر رسم الخريطة السياسيّة لمشرق جديد ولبنان من ضمنه. لعلّ سليمان، وبتوصيفه الضمنيّ وغير المعلَن، محتسب بأنّ لبنان سيكون ضمن الدائرة الأميركيّة، والاحتساب بدوره غير دقيق حتى تنكشف نتيجة ما يحدث في إدلب وجوارها، فيما الأميركيون بدورهم متوغلون في الخسائر الماليّة والمعنويّة التي تكبّدوها نتيجة هيمنة الكوفيد-19 عليهم كما على العالم. بمعنى أن العالم بأسره آيل نحو تغييرات جذريّة، عالم ما قبل كورونا مختلف عن عالم ما بعده.
 
9-إساءة سليمان فرنجيّة إلى رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون كشفت هزالته. كلامه على أن عون كان يتوسّل غازي كنعان للوصول إلى رئاسة الجمهوريّة قبل حسم المعركة في 13 تشرين الأوّل من سنة 1990 وما بعدها، يردّ عليه بكلام قاله الرئيس السوريّ بشّار الأسد: "الرئيس ميشال عون خاصمنا بشرف وصالحنا بشرف". فهل يفهم سليمان فرنجيّة جوهر هذا الكلام ومعناه الصادر عن "صديقه الحميم" الرئيس الأسد؟ وهل يتذكّر "البيك" مدى انزعاج الرئيس الأسد من ترشّحه آنذاك بوجه الرئيس عون للرئاسة، فيما سوريا وحزب الله دعموا وصول الرئيس عون إليها؟ بمعنى أن فرنجيّة بات مكشوفًا سوريًّا بعلاقاته، والانكشاف منطلق للفيتو عليه. 
 
10-ختامًا معركة سليمان فرنجية لم تعد مع رئيس الجمهوريّة وليس مع التيار الوطنيّ الحرّ، بل مع دولة تتحضّر للتوثّب والتكوّن في معركتها على الفساد. لقد تحدّى الرجل التيار سواء بالحرب أو غير الحرب. مشكلة سليمان فرنجيّة ليست مع التيار. إنها مع تاريخ عائلته، ومع نفسه، وأخيرًا مع القانون، ولا شيء يعلو على القانون، إلاّ إذا بتنا أمام نهاية الدولة في لبنان، وهذا، وفي عهد الرئيس-الجبل، من تاسع المستحيلات.  
 
سليمان... لقد خلوت من الحكمة، وجمالها هربت منك إلى مكان آخر. ليتك تعود إلى فروسة جدّك وفكر أخيه وشهادة أبيك (لقد سامحت قتلة أبيك والعائلة، وغدرت بمن أعادك سياسيًّا من الهاوية إلى القمّة والحياة واعتبرك كابن حبيب له)، فشتان بحقّ ما بين الثرى والثريا. رحم الله الكبار الكبار.


التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top