دمشق ـ هدى العبود
ذكريات الفنانة السورية سلمى المصري في شهر رمضان كثيرة، «الأنباء» التقتها لتعرف ذكرياتها ومواقفها التي لا تنسى في هذا الشهر الكريم فقالت:.. «شهر رمضان شهر الخير فماذا أقول عنه هو شهر الروحانية والبركة، فبقدر الفرح الذي يملأ قلوبنا أشعر حاليا بالحزن على «أهل غادرونا، ولكنهم باقون في قلوبنا» مازلت اتذكر أمي ومائدتها ووالدي رحمه الله وهو يحمل على كتفيه سلمى الصغيرة التي صامت يوما كاملا وهي في الثامنة من العمر»، هذه الطريقة التي شعرت فيها بسعادة والدي وجدي وجدتي ووالدتي جعلتني أصوم الشهر كاملا منذ ذلك الوقت» ولكنهم جميعهم غادروا ولا اعتراض لارادة الله.
ذكريات مؤلمة ومفرحة بنفس الوقت، فأنا لا تبارح مخيلتي موائد رمضان كل يوم، كانت والدتي رحمها الله تضحك وهي تقول لنا «يا الله ضرب المدفع يا حبايبي يا الله» يا سلمى الفتة بالسمنة أمامك والتمر الهندي بانتظارك اشربوا الماء، علما أنها كانت تعلم عليم اليقين أن أغلبنا غير صائمين، وبعد أن أصبحت فنانة كنا نصور برمضان، ففي إحدى السنوات كنا نصور بحي المهاجرين الدمشقي «حارة على الهوا»، وحي المهاجرين بعيد عن مركز المدينة ومنطقة جبلية مرتفعة، وبما أنني صائمة فانه يتوجب علي أن أتناول الفتة على الفطور، وفعلا احضر الشباب الحمص واللبن والفتة، وقمت بإعداد صحن كبير تناوله الشباب على عجلة من أمرهم، كم كنت سعيدة، واعتبرها ذكرى جميلة لا تنسى، لأننا كفنانين أسرة واحدة.
وعن المواقف التي تنساها المصري في شهر رمضان قالت: لا أريد أن أتحدث عن العزايم العائلية، أريد ان أتحدث عن عادات كبار أهل الشام، ففي الجامع الأموي كان التجار الكبار والميسورو الحال، يقومون بإعداد موائد الإفطار من أجل الصائمين الفقراء والقادمين من المحافظات والقرى، قد يكون أغلبهم لا يستطيع ان يدفع ثمن الإفطار في المطاعم، فيذهبون إلى الجامع ليجدوا موائد رمضانية بدءا بالعصائر وانتهاء بالمناسف، وجميعنا يعلم ان الجامع الأموي له مكانة دينية كبيرة حتى يومنا هذا، وهذا ينطبق على العديد من الجوامع بدمشق والمدن السوية التي يقدم فيها الإفطار من قبل الناس، كما ان دور الأيتام يصلهم الإفطار من المطاعم الفخمة، وكان الخيرون لا ينسون الحراس في الأسواق مثل سوق الحميدية ومدحت باشا، هذه المواقف والعادات الدمشقية الرمضانية تطورت، ومازالت حتى يومنا هذا، وهذه مواقف لا تنسى خصوصا صوت «المسحراتي» ذاك الصوت الرخيم الذي ينتظره الكبار والصغار «عندما يبدأ بحركته المعتادة في شوارع دمشق العتيقة وهو ينادي «يا صايم وحد الدايم» كنا كأطفال نحبه وننتظره وكأن السحور لا يبدأ إلا إذا نادى للناس بأسمائهم.