وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، فقد رد فوناتسوس على سؤال طرح عليه خلال مؤتمر صحافي في مقر الشركة في بوسطن حول ما إذا كان الفيروس التاجي الذي أثر بشكل كبير على الصين سيعطل سلاسل التوريد ويقلب الخطط الكبيرة للشركة، بالنفي مؤكدا أن الحالة الاقتصادية للشركة جيدة جدا.
ولكن أثناء حديثه، كان الفيروس ينتشر بصمت بالفعل بين كبار المسؤولين التنفيذيين في الشركة، والذين لم يعرفوا أنهم أصيبوا به قبل ذلك بأيام خلال اجتماع القيادة السنوي للشركة، حيث حضر هذا الاجتماع 175 مسؤولا، بعضهم جاء من دول أوروبية كان الوباء قد انتشر فيها على نطاق واسع بالفعل.
وقبل الاجتماع، تصافح الزملاء بحرارة وتبادل بعضهم القبلات على الخدين، حيث إنهم لا يلتقون سنويا إلا في هذا الاجتماع، كما تناولوا العشاء جميعا في أحد الفنادق الفخمة في نهاية اليوم.
وعقب هذا الاجتماع سافر بعض موظفي الشركة على متن طائرات مليئة بالركاب عائدين إلى عائلاتهم، حيث حملوا الفيروس إلى ست ولايات أميركية وثلاث دول على الأقل.
ويعد اجتماع القيادة السنوي لبيوغن أحد أبرز الأمثلة لما يسميه علماء الأوبئة المناسبات الناشرة للفيروس superspreading events، حيث يؤدي تجمع عدد قليل من الناس إلى عدد كبير من الإصابات. وبدلا من القيام بالمهمة المنوطة بهم في مكافحة الأمراض، تسبب موظفو الشركة في نشر الفيروس.
وأحصت إدارة الصحة العامة بولاية ماساتشوستس 99 مصابا بالفيروس من موظفي الشركة والأشخاص المخالطين لهم. إلا أن هذا العدد يشمل فقط أولئك الذين يعيشون في تلك الولاية. أما العدد الحقيقي عبر الولايات المتحدة، فكان أعلى بالتأكيد، حيث إن أول حالتي إصابة بالفيروس تم تسجيلهما في ولاية إنديانا وأول حالة في ولاية تينيسي كانوا لمديرين تنفيذيين بالشركة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن 6 من الحالات المبكرة التي تم اكتشافها في ولاية كارولاينا الشمالية تنتمي أيضا لموظفي الشركة.
وقال فوناتسوس في أول تعليق علني حول ما حدث: «بالنسبة للشركة التي تتمثل مهمتها في إنقاذ الأرواح، كان من الصعب جدا رؤية زملائنا ومجتمعنا يتأثرون مباشرة بهذا المرض. ما كنا لنعرّض أي شخص للخطر عن قصد».
وحتى يوم 21 (شباط)، قبل اجتماع بيوغن السنوي بيوم واحد، لم يكن لدى الولايات المتحدة سوى 30 حالة مؤكدة.
ويبدو أن الفيروس انتقل خلال الاجتماع من قبل اثنين من كبار المديرين التنفيذيين للشركة، حيث ظهرت نتيجة اختبارات «كورونا» الخاصة بهما إيجابية بعد أيام قليلة من اللقاء.
ورفضت الشركة ذكر أسماء هذين الموظفين، كما رفض فوناتسوس أن يخبر «نيويورك تايمز» ما إذا كان قد خضع لاختبار «كورونا».
وقال ديفيد كاويت، المتحدث باسم الشركة: «فوناتسوس يركز تماما على سلامة الموظفين، وتوفير الأدوية للمرضى، وقيادة الشركة. وهو يعتبر أن هذه الأمور لها الأسبقية على حالته الصحية».
وأكد كاويت أن الشركة تحركت بسرعة عند علمها بأن بعض موظفيها يعانون من أعراض تشبه الإنفلونزا، حيث أرسل كبير الأطباء في الشركة بريدا إلكترونيا لإبلاغ كل من حضر اجتماع القيادة بضرورة الاتصال بمقدم الرعاية الصحية عند الشعور بأي أعراض.
وبالفعل، توجه عدد من موظفي الشركة إلى غرفة الطوارئ في مستشفى ماساتشوستس العام مطالبين بإجراء اختبارات لهم، ليتم إخبارهم بأن حالاتهم لا تفي بمعايير الاختبار في ذلك الوقت، حيث لم يسافر أي منهم إلى إحدى بؤر تفشي الفيروس، ولم يتعاملوا بشكل مباشر مع أشخاص ثبتت إصابتهم بالفيروس، حسب علمهم.
وبعد يومين، تأكد اثنين من المديرين التنفيذيين، من إصابتهما بالفيروس، وذلك بعد عودتهما إلى منزليهما في ألمانيا وسويسرا، حيث كانت الاختبارات متاحة على نطاق أوسع.
وشاركت الشركة هذه الأخبار مع موظفيها وطالبتهم بالعمل من المنزل، ومع ذلك، قام مسؤول تنفيذي في بيوغن بزيارة مجموعة أبحاث الأدوية والشركات المصنعة الأمريكية PhRMA، في نفس اليوم، وقد ثبت بعد ذلك إصابة هذا المسؤول بـ«كورونا»، لتقوم المجموعة بإغلاق مقرها لتعقيمه.
بالإضافة إلى ذلك، فقد كان من ضمن الموظفين المصابين، موظفة صينية تدعى جاي لي، كانت تعيش في بوسطن منذ سنوات، وقد قررت لي السفر إلى الصين مع زوجها وطفلهما بعد شعورها بأعراض الفيروس، خوفا من ألا يجد الطفل من يعتني به في حال دخولها إلى المستشفى، حيث كان كل أقاربها في بكين.
وقال مسؤولو شركة طيران الصين (air china) إن لي تناولت الدواء لإخفاء أعراضها ولم تكشف عن حالتها الصحية للمضيفات على متن الرحلة.
وبعد هبوطها في الصين، وضعتها السلطات قيد التحقيق بتهمة «عرقلة الوقاية من الأمراض المعدية»، وهي جريمة يقال إن عقوبتها هي السجن لمدة تصل إلى سبع سنوات.
وتعافى جميع موظفي الشركة المصابين، وقال كاويت إنه، بخلاف لي التي تم فصلها، عاد الجميع إلى العمل.
وتبرعت بيوغن بمبلغ 10 ملايين دولار لمكافحة الفيروس وقامت بتوفير عدد من معدات اختبار الفيروس ومعدات الحماية للطواقم الطبية بمختلف المستشفيات الأميركية.
وتتصدر الولايات المتحدة دول العالم من حيث أعداد حالات الإصابة، ثم إسبانيا وإيطاليا وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والصين وإيران وتركيا وبلجيكا وهولندا.
وبلغت أعداد الإصابات في الولايات المتحدة نحو 560 ألف إصابة إلى جانب نحو 22 ألفا و115 وفاة.