كتب رمال جوني في صحيفة “نداء الوطن”:
خلف مقود سيارتها، تمضي سناء بيطار، أول شوفيرة تاكسي في النبطية، يومياتها الطويلة في نقل الصبايا. فمنذ تسعة أشهر وابنة الثلاثة وثلاثين ربيعاً تتنقل على خط النبطية – صور. تقل الصبايا إلى جامعاتهن واعمالهن متحدية الناس والمجتمع وظروف الحياة: “أقود السيارة يومياً فلماذا لا استغلها لأعيش، العمل ليس عيباً أو مسيئاً للعائلة”.
قررت سناء الأم أن تكافح لأجل ابنتيها، رفضت الاستسلام للبطالة، أو الالتزام بمقولة “ما في إلك شغل عنا”، وعمدت إلى تأسيس منظومتها الاقتصادية الخاصة، بقوانينها النسوية، وأنظمتها المتعلقة بحق المرأة في أن تكون سائقة تاكسي على خط النبطية، تسد عبرها متطلبات بناتها، ومتطلبات المنزل.
داخل سيارة سناء تتعرف إلى سيدة باحثة عن الأمان الإقتصادي والإجتماعي معاً، وعن حقها في ممارسة عمل تحبه. لا تنكر أنها تجهل أبسط حقوقها، غير أنها على يقين أن حقها في العمل مشروع وحفظه لها الدستور. كسرت حصرية “التاكسي” بالرجال، احتوت كل الإنتقادات التي طالت عملها ووضعتها في خانة “الجهل”، فالعمل برأيها حق مشروع لها، وثقه القانون.
باكراً تخرج الى عملها، تنقل الصبايا كل واحدة إلى عملها أو جامعتها، إذ تمكنت في فترة وجيزة أن تثبت نفسها، وتحصد ثقتهن، ممن بتن يتصلن بها أو يطلبن منها توصليهن إلى أي مكان، خصوصاً في ظل ما يواجههن من تحرش وأعمال خطف وغيرها، وهذا ما حمّسها أكثر لتثابر في عملها وتقول: “عادة ما تواجه الصبايا الكثير من المشكلات، ولا يمكن ان نغفل ما حدث من خطف للبنات، فبات الأهل يثقون بي أكثر، ويؤمنوني على بناتهن”.
لا تغادر الإبتسامة وجهها، ترى أن “المرأة سيدة الميادين، تملك كل مؤهلات العمل، وإن كان في عالم التاكسي”. رفضت الرضوخ لواقعها، ولم تُعر كل نظرات الإنتقاد اهمية، بل تمكنت وخلال فترة وجيزة من كسب ثقة البنات وأهلهن: “بت مقصدهن في تنقلاتهن اليومية، زرعت الأمان داخلهن، اسمع مشاكلهن وأسدي النصح لهن، خصوصاً اننا نعيش في زمن لا ثقة فيه، لا يمكن لأحد أن ينسى حوادث الخطف والتحرش وغيرها”.