كتبت نوال نصر في “نداء الوطن”:
ليسوا نباتيين بل “نباتيين جداً” أو لنقل “فيجنيين” أو “فيجيتاريين” وأكثر! فهل يبالغون في ما هم عليه؟ هل يتبعون “تراند” ويبالغون، أم يتبعون نداء القلب والعقل والروح والجسد ويعيشون أحراراً من أكل لحوم الحيوانات المذبوحة لأكثر من سببٍ وسبب؟ “فيجن” هو التراند فماذا يقول “الفيجنيون”؟ وبماذا قد يشعر من يتعرف عن كثب على “الفيجنيين”؟
هو زمن صيام، وهو زمن قلة وعوز، وهو زمن حلّق فيه سعر الدولار وباتت قصته قصة. وفي فصول القصةِ باتت أسعار اللحوم محلّقة. ولأن اللبناني بطبيعته “شاطر” وقادر على التفكير ببدائل، فكّر بالإنقطاع عن اللحوم والتحوّل إلى نباتي، أو نباتي جداً، غير عارفٍ أن للفيجن، كما “للفيجيتارين”، أصولاً أوسع وأبعد وأعمق.
إنقطع رافي نرسيسيان، منذ ثلاثة أعوام، عن تناول اللحوم كلياً. استثمر “كافيه” في النادي الرياضي “بار”، يبيع فيها أشياء كثيرة، وأكثر ما فيها “فيجن”. فما الذي اخذه الى هناك؟ الى هذا العالم الغذائي الذي سمع عنه كثيرون ويعرف عنه قلة؟
رافي نرسيسيان انطلق موظفاً في مصرف، ويحمد الله في اليوم الواحد آلاف المرات، أنه ترك تلك الوظيفة قبل أن تعصف الأزمة الأسوأ في لبنان، ويصبح “المصرفي” على كلّ شفة ولسان. شغفُ الشاب، الذي أصبح خبير تغذية، بعالم الطعام دفعه الى الإبحار في دهاليزه الى أن رسا على ضفة “الفيجن”!
الخبير في التغذية يُحضّر طبقاً يصلح للرياضيين و”الفيجنيين” ويضم بعض الشوفان، بعض زبدة الفستق، نصف تفاحة، ثلاث حبات فريز، بعض حبات اللوز، قليل من حليب اللوز، رشة جوز الهند، فتلتهمه الصبيّة التي انتهت للتوّ من تمرين رياضي قاسٍ مرددة: إنه لذيذ. لذيذ جداً.
هذا الطبق ليس فيه أي شيء يمت الى اللحوم ومنتجاتها بصلة. فالحليب مصنوع من اللوز والزبدة مصنوعة من الفستق. وهذا هو الفارق بين نظام الفيجيتريان ونظام الفيجن، فالأول يسمح بتناول بعض منتجات الحيوانات غير اللحوم، أما الثاني فقد يتقيأ من كلّ ما هو مستخرج من المواشي والحيوانات. فهل المسألة نفسية جداً أم نظرية وفلسفية أم صحيّة؟
يدمج الخبير في التغذية، في المفهوم الذي يتبعه في النادي الرياضي، بين الصحة والتغذية لا بين الرياضة والتغذية فقط. وهو لم يُصبح “فيجينياً” عن عبث، أو بالصدفة، بعد أن سمع عن هذا النظام كثيراً وقرأ عنه كثيراً واكتشف عن كثب ما أخذ منه وما أعطاه. يدافع رافي، مثله مثل كثيرين، عن هذا النظام الغذائي لكن، أليست اللحوم ضرورية أحياناً من أجل الحصول على بعض الفيتامينات والمعادن؟ ينتبه رافي الى هذه النقطة بالتحديد جازماً أن لكل شيء بدل البديل بدائل متعددة، ومن يعانون هم من يتبعون نظام الفيجن من دون وعي لطبيعة ما يجب تناوله وما يجب التعويض به. هؤلاء غالباً هم من يتوقفون عن تناول اللحوم دفاعاً عن الحيوانات وليس لضمان صحة أفضل. وهذا خطأ هائل وسيؤدي الى فقدانهم الطاقة والصحة. ويقول: نحن نأكل في نظام الفيجن كل ما يتحدر من الحبوب والخضار والفاكهة. أطباقنا تتضمن تشكيلة من كلّ هذه الأنواع ما يمنحنا الفيتامينات والمعادن اللازمة. فيتامين ب12 هو أكثر ما قد يفتقر إليه من يتبعون نظام الفيجن، وهو موجود أصلاً في التراب، لكن بسبب استخدامنا موادّ دقيقة في تنظيف الخضار، ما عاد بإمكاننا الحصول على هذا الفيتامين من هذا المصدر. في كلّ حال، هناك أكلة لحوم يفتقرون مثل كثير من متبعي نظام فيجن الى فيتامين ب12، ناهيك أن هناك من يحقنون هذا الفيتامين في الحيوانات. لذا أعتقد أننا يمكننا الحصول عليه إذا احتجنا عبر تناول مكملات فيتامين ب12. وهو موجود في الفطريات وفي أنواع من الفاكهة.