خلعت عكار ثوب التبعية عنها، ووجهت رسائل شديدة اللهجة الى كل من يعنيهم الأمر، بأنها لم تعد معقلا لهذا التيار السياسي أو ذاك ممن يمعنون في حرمانها وتهميشها، فانتفضت وصرخت بوجه السلطة وتياراتها مطالبة باسقاط النظام، شأنها في ذلك شأن سائر المناطق التي عاشت عرس الثورة على مختلف الاراضي اللبنانية.
ساحتا العبدة وحلبا شهدتا على هذه الثورة غير المسبوقة، حيث امتلأتا بالمواطنين من مختلف القرى والبلدات العكارية والذين يعانون الامرين لجهة حرمانهم من ابسط حقوقهم فكان يوم الأحد مختلفا ومميزا لهم كما لكل اللبنانيين بحراك شعبي ثوري كان أشبه بمهرجان صدحت فيه الأغاني والأناشيد الوطنية والثورية، وتخلله حلقات رقص ودبكة وهتافات طالبت برحيل السلطة تحت شعار “كلن يعني كلن” إضافة الى إنتقادات واسعة للحكومة التي أوصلت عكار ومناطق لبنانية أخرى الى وضع لا يحتمل من الافقار واليأس والجوع.
هذا في الساحتين، أما خارجهما فقد أقدم مواطنون على قطع العديد من الطرقات في بلدات الجرد والساحل والمناطق الحدودية في وادي خالد حيث يتشابه الوجع وتتشابه المعاناة.
واللافت في عكار كما في عدد من المناطق اللبنانية هو غياب نواب المحافظة عن السمع، وهم الذين لم يكد يمر يوم من دون أن يتحفوا العكاريين بتصريحاتهم أو بتغريداتهم على مواقع التواصل الاجتماعي أو بزياراتهم للترويج لتياراتهم السياسية باطلاق الوعود التي كان ينتهي مفعولها عند إنتهاء كل زيارة من دون أن يتحقق أي شيء منها.
أمام هذا الواقع المستجد يبقى رهان وتمنيات أبناء عكار ان يبقى صوتهم واحدا وموقفهم موحدا، في تجاوز التيارات السياسية والطائفية الى رحاب الوطن الواسع، وأن تكون ثورتهم فرصة لتلبية مطالبهم ورفع صفة الحرمان عنهم، لا أن تكون زوبعة في فنجان ينتهي مفعولها سريعا، لتعود الهيمنة السياسية الى ما كانت عليه.