لم يعد للصلح مطرح بين الرئيس سعد الحريري والنائب نهاد المشنوق، هكذا يوصف أحد المتابعين العلاقة بين الرجلين اللذين كانا يتناغمان ويتعاونان ويتبادلان الأدوار في السياسة للوصول الى الأهداف التي تخدم توجهات “الحريرية السياسية” أو “تيار المستقبل”، قبل أن ينقلب المشهد في نهاية عهد المشنوق في وزارة الداخلية ويتظهر أكثر فأكثر خلال وبعد الانتخابات النيابية، ويتفرق الشمل، ويغرد المشنوق بعيدا عن الحريري وتياره..
يدرك الحريري بحسب مقربين منه، أن المشنوق بات بعيدا كل البعد عن تياره، لدرجة أنه بات يعتبره خصما له في السياسة، يسعى دائما الى إحراجه والمزايدة عليه، وتظهير تنازلاته وتراجعه أمام حزب الله والتيار الوطني الحر، تحت حجة الدفاع عن الطائفة السنية، أو المملكة العربية السعودية، بما يجعل المشنوق يبدو وكأنه يقدم أوراق إعتماده ليكون بديلا عن الحريري، تارة من خلال تنازله لحزب الله ووضع الحاج وفيق صفا على يمينه على كرسي الشهيد وسام الحسن في وزارة الداخلية، وتعذيب الموقوفين الاسلاميين في روميه، عندما كان الحريري في قمة خصومته مع الحزب، وتارة أخرى برفع السقف في الدفاع عن السعودية والاصرار على موقف واضح وغير ملتبس من الاعتداء على شركة أرامكو، والهجوم العنيف على إيران في الوقت الذي يهادن فيه الحريري حزب الله والتيار الوطني الحر للسير بالبلد وإنقاذ إقتصاده.
كثيرة هي المحطات التي يعتبرها الحريري بمثابة سقطات للمشنوق في علاقته معه، منذ وزارة الداخلية التي شعر الحريري أنها خرجت من تحت عباءته، وأن من سماه وزيرا لها يعمل وفقا لمصالحه الشخصية لا بل يُضيّق على الحريري، مرورا بانسحاب المشنوق من كتلة المستقبل وعدم وقوفه الى جانب زملائه خلال تسمية الحريري لرئاسة الحكومة، ومن ثم تصرفاته في مجلس النواب تجاه الحريري وكتلته، وتغريداته التي يحمّل من خلالها الحريري مسؤولية كل ما يحصل من دون أن يسميه، ويحرجه لاخراجه من تفاهماته بالمزايدة عليه في الدفاع عن السنة من جهة وعن السعودية من جهة ثانية، وصولا الى مؤتمر “إنماء بيروت” الذي قاد خلاله المشنوق معارضة شرسة من تحت الطاولة وبواسطة النائب السابق محمد قباني ضد الحريري وفريقه السياسي حول مشروع بلدية بيروت لتحسين الواجهة البحرية في عين المريسة، ما جعل الحريري يشعر نفسه محاصرا من داخل بيئته وبيته.
كل ذلك يؤشر الى أن التباين في وجهات النظر السياسية، أو الاختلاف على بعض التفاصيل أصبح من الماضي، وأن ثمة قطيعة كاملة بين الحريري والمشنوق تحولت الى صراع سياسي واضح، خصوصا أن المشنوق أيضا يعتبر أن “تيار المستقبل” طعنه في الانتخابات من دون أن يحرك الحريري ساكنا، وأنه إخترع فصل النيابة عن الوزارة من أجل إستبعاده عن التوزير في حكومته الحالية.
في غضون ذلك، دخل اللواء أشرف ريفي الى خط هذا الصراع وهو الذي كان يشكل مع الحريري والمشنوق ثلاثيا سياسيا ناريا، قبل أن يتلقى من المشنوق سلسلة من الطعنات أولها عندما قطع الطريق عليه لتسلم وزارة الداخلية باقناع الحريري بتسليمها له، وآخرها عندما ترك ريفي ينسحب من جلسة الحكومة إحتجاجا على عدم إحالة ملف ميشال سماحة الى المجلس العدلي، بينما كان الاتفاق بأن ينسحبا معا، لكن المشنوق (بحسب مقربين من ريفي) حرّض الحريري عليه ليتبرأ الأخير من كلام ريفي الذي لجأ بعد ذلك الى الاستقالة.
وبين الحريري والمشنوق، يقف ريفي الى جانب الحريري الذي صالحه إنطلاقا من موقعه وثوابته حفاظا على وحدة الصف، من دون أن يبدل موقفه الرافض للتسوية الرئاسية التي ما يزال يعارضها.
ويبدو أن ريفي وبعد لقائه الرئيس الحريري مؤخرا، قرر أن يرد الصاع صاعين للمشنوق، حيث شن هجوما عنيفا عليه من دون أن يسميه، متهما إياه “بطعن الحريري والتربص به، وباستثمار السلطة لتحقيق المنافع”، لافتا الى أن “المشنوق شارك في نعيم التسوية وإستقبل مسؤولي حزب الله في المواقع الرسمية”، لافتا الى أن “خداعه لم يعد ينطلي على أحد، وأن المواقف الرنانة التي يطلقها لن يستعيد عبرها ما خسره، مذكرا إياه بما حصل في سجن رومية الذي أسقط كل إدعاءات حماية مصالح الطائفة، إضافة الى نكثه بوعد كشف التحقيق في جريمة إغتيال الشهيد اللواء وسام الحسن”.