شكل المواطن محمد ريما ظاهرة اكتسحت لبنان من شماله الى جنوبه بلمح البصر، وأصبحت على كل شفة ولسان، وحديث كل البيوت والمقاهي، ولاقت تفاعلا كبيرا من جميع طبقات المجتمع، الفقير قبل الغني، لدعم محمد مادياً ومعنوياً لينتصر على مرضه النادر، وذلك قبل ان يتبدل المشهد تماماً، ويسوده الغموض، وتحيط به التساؤلات من كل حدب وصوب، وتتناقض بخصوصه الآراء بين “محمد ريما شاب آدمي وصادق الله يشفيه وينصره”، و “محمد ريما كذاب الله لا يسامحه لعب فينا وضحك علينا وأوهمنا أنه مريض ليحقق مكاسب مالية ويغادر البلد”..
سؤال كبير، لم يلق جوابا حتى الآن، هل محمد ريما صادق أم كاذب؟ خصوصاً بعدما أظهر الشعب اللبناني تعاطفا كبيرا مع مرضه، وبرهن أنه يتمتع بروح انسانية عالية، وشهامة وكرم وإقدام على مساعدة ودعم أي حالة إنسانية وبشتى الوسائل. بالرغم من عدم الاستقرار المالي والاقتصادي والظروف الصعبة التي ترخي بثقلها على شرائح واسعة منه، لكن كل ذلك لم يمنعه من المبادرة في الوقوف الى جانب هذه القضية “الانسانية”..
صحيح أن ظاهرة محمد ريما جمعت الشعب اللبناني كله تقريباً، ولكن القصة بدأت مؤخرا تأخذ طريقاً مغايرا، بعدما انقسم الرأي العام الى قسمين، الأول مازال على موقفه المتعاطف والداعم لريما حتى النهاية رافضاً كل ما يتم تداوله بأن ريما محتال ويدعي المرض وأنه يجمع المال للسفر خارج البلد، والثاني انقلب عليه كون قصته أصبح يسودها الشك خصوصاً بعد ما ورد في وسائل الاعلام، بأن وزير الصحة الدكتور جميل جبق صرح بأن “محمد لم يخضع لأية فحوصات طبية حتى نُشخّص حالته”، بالإضافة الى التوضيح الذي أعلنه الطبيب سركيس حول أن محمد جاء اليه متوسلاً وباكياً طالباً منه المساعدة في كتابة تقرير طبي يساعده في الحصول على الفيزا للسفر إلى الخارج. وهناك قسم بعيد كل البعد عن هذين الرأيين، داعما لريما، واصفاً اياه بـ”الذكي”.
كل ذلك يطرح مزيدا من الأسئلة لجهة: هل محمد ريما فعلاً مريض؟ وان كان مريضاً، لماذا هذه الموجة الكبيرة من التكذيب؟ ومن يقف خلفها؟، وان كان هناك شكوكا حول مرضه، فلماذا لا تتدخل وزارة الصحة، وتصطحب ريما بالقوة الى المستشفى كون وضعه بين الحياة والموت، (بحسب قوله) وتتكفل بكل ما يحتاجه من عناية وأدوية ومسكنات حتى تصدر النتائج المخبرية التي تقطع الشك باليقين؟، وفي النهاية، إن كان صادقاً يُقدم له الإعتذار أمام الجميع ويعوّض له عن كل ما تعرض من مسّ به وبشخصه، وان كان كاذباً فيجب أن يعاقب عقاباً شديداً ليكون عبرة للجميع، حتى لا تموت الانسانية التي ظهرت بأبهى صورها لدى الشعب اللبناني.