لم تكلل تجربة ليونيل ميسي الأخيرة مع منتخب الأرجنتين في كوبا أميركا 2019 بالنجاح حيث فشل من جديد في حصد لقب عالمي أو قاري لتغلق صفحة جديدة من كتاب " ميسي والأرجنتين " بخاتمة ليست سعيدة أقله إلى حد الآن.
وإذا ما نظرنا إلى أسباب إخفاق الأرجنتين في هذه البطولة والبطولات التي سبقتها وتحديدا خسارة 3 مباريات نهائية في كأس العالم 2014 وكوبا أميركا 2016 و2017، نرى بأن الأسباب متعددة لكن النتيجة واحدة وهي فشل ميسي في تحقيق لقب لمنتخب بلاده ما يفتح دائما النار عليه ويقارنوه مع مارادونا او غريمه الحالي كريستيانو رونالدو الذي نجح في تحقيق لقبين مع منتخب بلاده هي يورو 2016 وكأس الأمم الأوروبية 2019.
وهذا بالطبع ما زاد من النقاش حول ميسي وقد وصل الامر إلى حد تشكيك البعض بقدراته الذي يجزم كثيرون من محبي اللعبة بأنه من كوكب كروي آخر.
لكن الأمر يتعدى ذلك بكثير حيث أن هناك أسباب عديدة حالت لحد الآن دون تتويج ميسي بأي لقب يزيل كثيرا من كاهل الضغوط الملقاة عليه وسنحاول الإضاءة عليها تباعا.
يد ميسي لن تصفق لوحدها
يجب على الجميع أن يعلم بأن كرة القدم الآن لا تقوم على الشيئ الفردي مهما بلغ حجم اللاعب وكبر، إنما يكون اللاعب عنصرا مساعدا لكنه لن يكون إطلاقا العامل الأبرز فكرة القدم اليوم أصبحت قائمة على منظومة تكتيكية واضحة المعالم ولكل لاعب واجباته.
وميسي قد يصنع الفرص أو يسجل الأهداف لكنه ليس مسؤولا عن طريقة تعامل زملاءه مع الكرات أمام المرمى أو في تجنب ارتكاب الهفوات الدفاعية، وهي أمور كانت الأساس في عدم تتويج الأرجنتين باللقب وليس أداء ميسي.
ومع إهدار هيغواين لبعض الفرص السهلة في المباريات النهائية السابقة إلا خير دليل على ذلك ولو تم تسجيلها لكان نفس من ينتقدون ميسي اليوم يهللون له أو على الأقل يكفوا عن انتقاده.
منظومة تحتاج لمزيد من العمل
يجب الإعتراف بأن منتخب الأرجنتين، يفتقد للكثير من الأمور كي يصبح المنتخب رقم واحد في العالم.
وذلك بغض النظر عن أداء ميسي وتألقه أو لا، حيث أن المنتخب يعاني في الشق الدفاعي والأهم هو منطقة وسط الملعب وعدم إيجاد تنويع في طريقة بناء اللعب بل مجرد اتكال على ميسي.
ورغم العمل المقبول نوعا ما الذي قام به سكالوني المدير الفني الحالي للمنتخب، لكن المنظومة ما زالت تحتاج لكثير من العمل وليس فقط إتكال كلي على ميسي، بل يجب أن يكون البرغوت هو العنصر الحاسم في التشكيلة، بحيث يقوم كل لاعب بما عليه من واجبات فكرة القدم اليوم أصبحت عملا جماعيا وليس فرديا قائما على أداء النجوم، والدليل بأن العديد من الفرق والمنتخبات نجحت طوال السنوات الماضية في تحقيق البطولات وهي لا تملك أي نجم في صفوفها بل عوضت ذلك بالعمل الجماعي وهذا ما يجب على الأرجنتيين القيام به.
مقارنة ظالمة بين كريستيانو رونالدو وميسي
لا يختلف اثنان بأن كريستيانو رونالدو وميسي هما اهم لاعبان على الإطلاق منذ مطلع الألفية الثالثة وما حصدهما للجوائز الفردية إلا خير دليل على ذلك مع استمرارية وثبات في المستوى مع تألق في كل موسم وهما ما فتح باب المقارنة بينهما والسؤال الذي يدور دائما من الأفضل.
وإذا ما كان الصراع في السابق قد تحول إلى ثنائية برشلونة ريال مدريد لكن ايضا الأمر وصل لحد المقارنة بين منتخبي البرتغال والأرجنتين خاصة مع تتويج رونالدو بلقبين قاريين هما يورو 2016 وبطولة الأمم في حزيران الماضي.
لكن إذا ما أردنا القراءة بين السطور نجد بأن تلك المقارنة ظالمة فمنتخب البرتغال لديه استقرار فني ومدرب من طراز تكتيكي رفيع هو نونو سانتوس، حيث لم تتغير الإدارة الفنية إطلاقا بعكس منتخب الأرجنتين الذي فيه الكثير من التقلبات الفنية وعدم الإستقرار وبالتالي ليس من المنطقي مقارنة إنجازات كل منتخب في ظروف ليست مثل بعضها البعض.
استراتيجية جديدة اعتمدها ميسي هذه المرة
كان لافتا بعد هذا الخروج، اعتماد ميسي لسياسة جديدة في التعاطي مع الحدث إذ فتح النار ولأول مرة على التحكيم وهو أمر لم نعتده من النجم الأرجنتيني المعروف برصانته وهدوءه وابتعاده عن المشاكل، لكن ميسي فاجأ الجميع بأخذ المبادرة ومهاجمة التحكيم.
وبغض النظر عما إذا كان مع ميسي الحق أو لا، لكن الطريقة التي هاجم بها ميسي التحكيم وإتحاد أميركا الجنوبية ومن ثم البيان الذي أصدره إتحاد أميركا الجنوبية وعدم استلام ميسي لميدالية المركز الثالث، يبدو بأن النجم الأرجنتيني قد قرر المواجهة بطريقة مختلفة أو ربما هي طريقة جديدة لتحويل البوصلة وعدم تحميله مسؤولية خسارة الأرجنتين لكن في المحصلة يبدو بأن صورة النجم ليونيل ميسي كلاعب بعيد كليا عن المشاكل والتصريحات الإعلامية المثيرة قد تغيرت بالفعل بقرار شخصي من النجم الأرجنتيني أقله في الفترة الحالية.