أطلقت مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة عبر أكاديمية الدولة الوطنية وبالشراكة مع المجلس الوطني للبحوث العلمية CNRS، سلسلة جلسات علمية بعنوان "الإنذار المبكر في المدن: البحث التطبيقي والرصد الحضري".

وانعقدت الجلسة الأولى في مقر الأكاديمية في صيدا. وشارك فيها مجموعة واسعة من مختلف القطاعات البلدية والتربوية والإقتصادية والنقابية والأهلية والهندسية والأكاديمية والصحية والشباب.

افتتحت الجلسة بعرض من المهندس جهاد عاكوم بإسم أكاديمية الدولة الوطنية في مؤسسة الحريري تناول فيه "مفهوم واجهة العلوم والسياسات Science-Policy Interface" باعتبارها بنية معرفية تحوّل الإنتاج العلمي (من تقارير ومؤشرات وأفضل الممارسات الصادرة عن المؤسسات الأكاديمية والبحثية) إلى مادّة تؤثّر في مسارات تطوير السياسات العامة وآليات تطبيقها، وهو نهج تطوّر على المستوى العالمي وتجسّد في الأطر الدولية المعنية بإدارة المخاطر والتنمية المستدامة".

وأضاء عاكوم على الدور الذي تؤدّيه مؤسسة الحريري في تعزيز هذا الترابط من خلال شبكاتها القطاعية ومقارباتها التشاركية. وطرح أعمال أكاديمية الدولة الوطنية الهادفة إلى تعزيز الحوار بين الجهات الأكاديمية والباحثين من جهة والمجتمعات وصنّاع القرار من جهة أخرى، بما يسهم في بناء سياسات فعّالة مبنية على الأدلّة وتستجيب للتحوّلات المحلية والدولية.

وألقت رئيسة مؤسسة الحريري بهية الحريري كلمة اشارت فيها الى أن "اللقاء اليوم هو لإطلاق مسار مستدام من الحوار العلمي والبنّاء مع الشباب والخبراء، من خلال الأيام والجلسات العلمية، لنبحث سويّا في واقع وطننا ومدننا، ولنستشرف المستقبل في عالم سريع التحوّل، ولنتعامل مع التحديات والمخاطر بمسؤولية، انطلاقاً من طرح السؤال الصحيح".

واعتبرت "أننا اليوم بأمسّ الحاجة إلى اعتماد البحث العلمي، لنفهم التعقيدات والتداخلات بين القطاع والآخر، وبين المؤشر والآخر، ولتكون الأسئلة العلمية هي المدخل لرسم السياسات المحلية والوطنية القائمة على الدليل".

ونوّهت الحريري بـ"دور المجلس الوطني للبحوث العلمية الرائد في بناء الدولة، من خلال التخطيط العلمي ودعم العملية التربوية والأكاديمية في لبنان"، معربةً عن فخرها ب"الشراكة الإستراتيجية والعمل المشترك بين المؤسسة  والمجلس منذ توقيع مذكرة التفاهم في كانون الأول 2023، على المستويين الوطني والمحلي، في مجالات الإقتصاد الأزرق والرصد الحضري والإستدامة البيئية".

 وتحدث الامين العام للمجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتور شادي عبد الله فعبّر عن اعتزازه بافتتاح هذه الجلسات العلمية في صيدا لمناقشة " كيف يمكن تحويل المعرفة العلمية الى سياسات حضرية واقعية تعزز الجهوزية وتبني الصمود وتحد من الخسائر البشرية والمادية أمام الكوارث والمخاطر".

وأعلن أنّ "المجلس قرّر أن تكون مدينة صيدا نموذجاً رائداً وموقعاً تجريبياً لجميع الأنشطة العلمية المتعلقة بالإنذار المبكر والرصد البيئي والحضري، من خلال البرامج والمراكز البحثية للمجلس:

- دعم المرصد الحضري لمدينة صيدا وتزويده بالبيانات والتحاليل الدورية

- مراقبة تلوث الهواء والبحر باستخدام أحدث تقنيات الإستشعار عن بعد والمحطات الذكية

- تعزيز أنظمة الإنذار المبكر للحرائق والفيضانات والجفاف وربطها بالمنصات الوطنية للمخاطر

- تطوير قاعدة بيانات متكاملة للبنية التحتية والمخاطر البيئية في المدينة واتحاد بلدياتها بالتعاون مع مؤسسة الحريري والبلديات والوزارات المعنية

وختم: "نلتقي اليوم في حرم مؤسسات تحمل إرثا وطنياً وتربوياً راسخاً، لا يسعني إلا أن أستحضر مسيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي آمن بأن العلم ليس ترفاً بل هو ركيزة الوجود الوطني وأداة للنهوض الحضاري".

وكانت مداخلة لرئيس بلدية صيدا واتحاد بلديات صيدا-الزهراني المهندس مصطفى حجازي اعتبر فيها أن " ما تهدف اليه هذه الجلسة يتلاقى مع عمل بلدية صيدا في هذا الإطار"، لافتاً الى أن "مشروع الهيكلية الجديدة للبلدية يقترح عدة وظائف جديدة، ومنها ما يتعلق بإدارة مخاطر الأزمات والكوارث"، ومشيراً إلى أنّه "يفترض إقامة تدريبات حول المخاطر مع جميع المدارس والمستشفيات، الى جانب إشراك اختصاصي إدارة الكوارث في مجالات الترخيص في المدينة".

وأكد "الحاجة الماسة لتجهيز المدينة بأجهزة الإنذار المبكر". وقال: أعتقد اليوم ليس صعباً  أن ننشىء نظام إنذار مبكر. لدينا المعرفة والقدرة ، ومجلس البحوث لديهم كل الخبرات، وهناك تجهيزات موجودة ربما نستطيع قريباً ان نشغلها في المدينة. ونحن سباقون بموضوع الدراسات والتعامل مع الأزمات.

وأعلن حجازي أن " البلدية بصدد اطلاق مرصد حضري في مدينة صيدا خلال فترة قريبة"، مؤكدا أن "البلدية تعول على التعاون مع المؤسسات المحلية والدولية، والمجلس الوطني للبحوث العلمية ومؤسسة الحريري سيكونان من الفاعلين معنا في هذا الإطار".

• الجلسة الأولى: "التكامل بين أنظمة الإنذار المبكر والتخطيط الحضري في المدينة":

وقدم الجلسة الأولى حسن السبع ( الباحث في المجلس الوطني للبحوث العلمية، والمتخصّص في علوم وإدارة المياه وأنظمة الإنذار المبكر في البيئات المنخفضة البيانات). وتخلّلها عرض فني لتعريف أنظمة الإنذار المبكر Early Warning Systems، وكيفية التكامل بينها وبين التخطيط الحضري للمدن، مستخدماً الخرائط والدراسات العلمية، للإشارة إلى كيفية رصد ومنع إدارة مخاطر الكوارث والأزمات بطريقة سليمة، عبر السبل التكنولوجية والهندسية والإدارية وآليات الرصد والقياس والتشارك المجتمعي، معدداً أنواع المخاطر الموجودة في المدينة.

بعد ذلك، أدار السبع جلسة تفاعلية عبر خرائط لمنطقة صيدا والجوار، واستمارة إلكترونية مباشرة حول محور الجلسة ومضامينها، وفتح باب النقاش والإستفسارات للمشاركين.