في ظل التوتر المتصاعد على الجبهة الجنوبية والضغوط السياسية والاقتصادية التي يعيشها لبنان، تعود فرنسا إلى الواجهة الديبلوماسية مجددا عبر زيارة المستشارة الرئاسية لشؤون الشرق الأوسط والعالم العربي آن كلير لو جاندر، في خطوة تعكس القلق الباريسي من الانزلاق نحو مواجهة شاملة يصعب احتواؤها.
وأكد مصدر ديبلوماسي في بيروت أن "باريس تستشعر حجم المخاطر المحدقة بلبنان نتيجة تزايد الانقسامات الداخلية حول ملفات أساسية كالسلاح وقانون الانتخابات، إلى جانب تصاعد التهديدات الإسرائيلية التي تتخذ منحى تصعيديا يوما بعد يوم، ما جعل من الضروري تحريك القنوات الفرنسية المباشرة مع بيروت قبل فوات الأوان".
وأوضح المصدر أن "زيارة لو جاندر، التي بدأت الأربعاء وتستمر يومين، تحمل طابعا سياسيا وأمنيا بامتياز، على رغم أن جدولها يتضمن لقاءات اقتصادية أيضا. وتأتي هذه التحركات في إطار محاولة فرنسية لإعادة وصل ما انقطع بين القوى اللبنانية من جهة، وبين لبنان وشركائه الدوليين من جهة أخرى".
أضاف المصدر: "لو جاندر التي تجيد العربية بطلاقة وشغلت سابقا مناصب ديبلوماسية بارزة أبرزها سفيرة لدى الكويت وناطقة باسم الخارجية الفرنسية، ستتوجه بعد زيارتها بيروت إلى دمشق، ما يعكس سعي الإليزيه إلى مقاربة إقليمية شاملة تربط بين المسارين اللبناني والسوري، لاسيما في ظل التداخل الأمني والسياسي بين البلدين. وتأتي هذه الزيارة بعد أيام قليلة على زيارة المسؤول في وزارة الاقتصاد جاك دولاجوجي إلى لبنان، ما يدل على أن التحرك الفرنسي يتخذ منحى تصاعديا ومترابطا، يجمع بين البعدين الاقتصادي والسياسي في مقاربة واحدة".
وبين المصدر "أن جوهر الاهتمام الفرنسي يبقى في الجانب الأمني المتصل بكيفية احتواء التصعيد الإسرائيلي المتسارع، في ظل رفض حزب الله لأي نقاش حول سلاحه شمال الليطاني، وحرص باريس على منع تحول الجنوب إلى ساحة مواجهة مفتوحة قد تطيح بما تبقى من استقرار داخلي".
وشدد المصدر على "أن باريس لاتزال تنظر إلى لبنان بوصفه مدخلا أساسيا لدورها في المشرق، ولذلك ستحاول استخدام اتصالاتها المتوازنة مع كل من طهران وحزب اللهمن جهة، وواشنطن والعواصم الخليجية من جهة أخرى، في سبيل منع تفجير الساحة اللبنانية. وتأتي مهمة لو جاندر ضمن سياق دعم الجهود التي بدأها جان ـ إيف لودريان، وليس بديلا عنها، في إشارة واضحة إلى أن فرنسا قررت مضاعفة حضورها الديبلوماسي في لبنان، في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن تتدحرج الأوضاع نحو المجهول".
The post باريس تحرك ديبلوماسيتها قبل فوات الأوان appeared first on Lebtalks.