تتخذ بعض المواقف السياسية منحى تصعيديا إلى حدود التآمر والتواطؤ على لبنان، حيث أن تيارات سياسية وحزبية مستعدة اليوم لهدم الهيكل من أجل تحقيق مكاسب شخصية وفئوية أو لإرضاء هذا الراعي الدولي أو هذا الداعم الإقليمي بتنفيذ أجندات بعيدة كل البعد عن المصلحة الوطنية العليا.
وإذا كان رئيس الجمهورية جوزيف عون قد وضع النقاط على الحروف خلال لقائه وفد نقابة المحررين بالإشارة إلى لبنانيين يقصدون أميركا ويبخون السم على بعضهم البعض ويشوهون صورة لبنان، فإن الأخطر الذي تطرق له الرئيس عون هو إنتقاد الجيش ومحاولة إستهدافه، وصولا إلى الهجوم غير المبرر على قيام رئيس الجمهورية بتكليف الجيش التصدي للتوغل الإسرائيلي في حال تكرر بعد جريمة بليدا وإعدام الموظف البلدي.
اللافت، أن من يطلق هذه الحملات ضد الجيش وقرار التصدي ويتبناها وفي مقدمتهم القوات اللبنانية عبر رئيسها سمير جعجع تارة وعبر مسؤولها الإعلامي شارل جبور الذي أعلن ذلك صراحة في برنامج صار الوقت، معتبرا أن “الجيش لا علاقة له بالأمر، وأن تكليفه بمثابة مغامرة”، لا يحاكي أي موقف وطني أو أخلاقي أو سيادي، بل يتماهى مع التوجهات الاسرائيلية التي تسعى إلى ضرب معنويات الجيش لتدفع لبنان إلى الرضوخ لشروطها بما يعني الاستسلام الكامل للإرادة الصهيونية.
لا يمثل رئيس الجمهورية طرفا سياسيا لكي يتم التركيز على إستهدافه، وهو بعيد عن منطق المنافسة السياسية، وبالتالي يُفترض أن لا يشكل إستفزازا لأحد، باستثناء من يعانون من عقد نقص تجاه أي مرجعية مسيحية وازنة خوفا على الشارع وعلى الشعبية التي تتآكل بفعل المواقف الارتجالية والسعي في أحلك الظروف إلى تصفية الحسابات السياسية وتسجيل النقاط.
أما المؤسسة العسكرية فهي الوحيدة التي ما تزال تشكل الضمانة وصمام الأمان وتحافظ على هيبة وحضور الدولة وأي محاولة سياسية مهما كان نوعها للنيل منها يعتبر عبثا يؤدي إلى إضعاف المناعة الوطنية.
من هنا، فإن الاستمرار في وضع الجيش في دائرة الهجوم يقدم خدمة مجانية لإسرائيل التي يبدو أن بات لديها من يتطوع للدفاع عنها وعن إجرامها ولتقديم المبررات لعدوانها ولترويج سردياتها السامة، ما يعني أن إستهداف رئيس الجمهورية والتقليل من شأن الجيش لم يعد موقفا سياسيا بقدر ما هو تواظؤ ضد لبنان يفترض أن يتصدى له القضاء لوضع حد لهذا الإرتجال في زمن الحرب.
لا يحتاج الجيش اللبناني إلى شهادات، وهو اليوم يقوم بواجباته كاملة، ولولا العراقيل التي يفرضها الاحتلال الاسرائيلي لأنهى مهماته في جنوب الليطاني، وهذا ما أشار اليه العماد رودولف هيكل على طاولة مجلس الوزراء خلال عرض التقرير الثاني من خطة حصرية السلاح، الأمر الذي يفترض أن يؤسس لموقف جامع حيال رفض هذا الاحتلال والسعي بشتى الطرق لإنهائه، لا أن يصار إلى غض النظر عن الإجرام والتفتيش عن الثغرات لإضعاف الجيش في مواقف باتت أقرب إلى الخيانة الوطنية من مجرد إبداء رأي أو إنتقاد سلوك هنا أو قرار هناك.
لا شك في أن المهام التي يضطلع بها الجيش وتكليفه من قبل رئيس الجمهورية بالتصدي للعدو ليس ترفا أو إستعراضا كما يروّج البعض، بل هو موقف وطني سيادي بإمتياز لا يعرفه سوى رجال الدولة، أما المتسكعين على أبواب السفارات، والمتسلقين لأبواب الطائرات الخاصة والعارضين أنفسهم للبيع وللعمل على القطعة لدى هذه الدولة أو تلك، فإن لم يستحوا من أنفسهم فأن وطنهم يستحي بهم!..


الحجار: لا مخاوف لدينا بل نمتلك إرادة لتعزيز العلاقات مع السعودية
مرقص: لبنان يحتاج إلى الدعم السعودي في مسار الإصلاح
وزير الأشغال: أُؤيّد التفاوض بين لبنان وإسرائيل
The post وضع الجيش في دائرة الهجوم.. خدمة مجانية لإسرائيل!!.. غسان ريفي appeared first on .