على الرغم من أنّ مصير الإنتخابات النيابيّة المرتقبة في شهر أيّار المقبل لم يُحسم بعد، وأنّ بتّ أنْ تُجرى في الموعد المحدّد أم تتأجّل بسبب الخلافات الدائرة حول أيّ قانون إنتخابات ستجري على أساسه نتيجة التباين حول اقتراع المغتربين، كما أنّ تهديد كيان العدو الإسرائيلي بشنّ عدوان واسع على لبنان من شأنه أن يُطيّر الإنتخابات، فإنّ قوى سياسيّة وأحزاب ومرشّحين يتحرّكون وكأنّ الإنتخابات ستجري على بُعد أيّام.

فالحَرَاك السّياسي الذي نشط في الآونة الأخيرة على أكثر من مستوى وكأنّ الشّأنّ الإنتخابي أبرز عناوينه، أعطى إشارات واضحة على أنّ الأحزاب والتيّارات السّياسية والمرشّحين قد بدأوا تزييت ماكيناتهم الإنتخابية وأعطوا إشارة الإنطلاق لها.

من بين هذه الإشارات اللقاءات التي بدأت تُعقد بين الأحزاب والتيّارات السّياسية من أجل صوغ تحالفات إنتخابية في ما بينها في هذه الدائرة أو تلك، كما هو الحال لما يدور في اللقاءات المعلنة التي جمعت الحزب التقدمي الإشتراكي مع حزب الكتائب، وكذلك لقاءات الإشتراكيين مع القوات اللبنانية، أو إعلان قوى سياسية رفضها التام التحالف مع قوى وتيارات على خصومة سياسية معها كما حال القوات اللبنانية مع التيّار الوطني الحرّ، أو في تأكيد تحالف إنتخابي بات راسخاً كما هو حال التحالف بين الثنائي الشّيعي حزب الله وحركة أمل.

ومن بين هذه الإشارات أيضاً إعلان أحزاب وقوى سياسية أسماء مرشحيها للإنتخابات كما فعلت الجماعة الإسلامية عندما كشفت عن “باكورة” ترشيحاتها وهي النائب الحالي عماد الحوت عن دائرة بيروت الثانية، والأمين العام للجماعة عزّام الأيوبي عن دائرة الشّمال الثانية، وحزب الكتائب الذي أكّد على ترشيح نوّابه الأربعة الحاليين وهم سامي الجميل ونديم الجميل وسليم الصايغ والياس حنكش، فضلاً عن مرشّحين كتائبيين يُحضّر لإعلان ترشّحهم لاحقاً.

لكنّ الظّاهرة التي تشهدها حالياً أكثر من دائرة إنتخابية، وخصوصاً في دائرتي الشّمال الأولى والثانية هو الكشف عن أسماء مرشّحين جُدد للإستحقاق الإنتخابي المقبل أغلبهم من الوجوه الجديدة التي لم يسبق لها أن خاضت أيّ إنتخابات نيابية من قبل، ولا تملك أيّ تجربة سياسية كما لم تعمل مسبقاً في الشّأن العام، وهي في معظمها إغترابية وذات ملاءة مالية ملحوظة، ما يترك إنطباعاً أولياً عما ستشهده الإنتخابات المقبلة من ضخّ “مال إنتخابي” على نطاق واسع.

غير أنّ اللافت وسط هذا الحَرَاك السّياسي ـ الإنتخابي الذي تشهده أغلب الطوائف، بأحزابها وتيّاراتها وشخصياتها وقواها السّياسية، هو الصّمت الذي يُخيّم على السّاحة السنّية، والقلق الذي ينتاب كثيرين خشية الفراغ الكبير الذي تركه عزوف أبرز قواها وهو الرئيس سعد الحريري وتيّار المستقبل عن خوض الإنتخابات في العام 2022، ومثله فعل رؤساء الحكومات السّابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السّنيورة وتمّام سلام، في ظلّ خشية من استمرار هذا العزوف في انتخابات العام 2026، ما من شأنه أن يُعمّق الأزمة سواء داخل الطّائفة السنّية أو يفاقم الخلل على الصّعيد الوطني.

The post إشارات حَرَاك إنتخابي برغم مخاطر تُهدّد الإستحقاق!.. عبدالكافي الصمد appeared first on .