عام على الرحيل ...
على سقوط الروح الطاهرة الجامعة في باطن الأرض كي تصعد السماء ...
على إغتيال الصوت، وصوتك حرية رغم معاول الجهلاء...
على كبرياء النفس والوطن المتحدث عنفواناً فأصبح وثيقة وجودية تشرق من سطورها الشمس ...
عام مر دهراً...
على من تقاسمنا معه العمر ورغيف الخبز وكوب الماء...
على اغتيال الكلمة، والكلمة أصبحت شهيداً عشقه الله فقربه منه واستعجل احتضانه، ولم يسمح بأن يسقط دمائه على الأرض، نعم استشهد سيدنا وصعدت دمائه مع روحه عالياً إلى الرب...
على امتداد الحجب في عناق لم نشبع منه...
على انتظار طلته وملامحه ليقف الوقت ويطوي لحظاته ويسرع ثوانيه ويخفي دقائقه...
عام زرع فينا غصة رغم محاولتنا العيش، واتمام ما تبقى لنا من حياة، وأن نستمر في وطن فقد الوطن، في أمة عاشت واحتمت في عباءة الشهيد السيد حسن نصرالله...
لقد وصل النبأ العظيم...لم نصدقه، ولم نتقبله، وعدنا إلى الرحمن فتقبلنا كل ما هو جميل منه...
لا نبالغ فحياتنا ناقصة
الشمس ليست كالشمس
والقمر دمعه أكبر من الضوء
عام يا سماحتك تركت فينا تحولات التحول، وزرعت فينا الزرع، وشربنا من نهرك حتى غدونا البحر في دفاعنا عن الأرض...
عام وتكالبت علينا كلاب الهزيمة، وتشاطروا على دماء الشهداء إرضاء لمشغلينهم في غابة من تجار الإنسان، إنهم مجرمون ينتحرون بارادتهم، وزمر تضع الوطن في حقيبة السفر والخيانة...
اعتقدوا في رحيلك ضعفنا، وحولوا نقطة قوتك إلى خسارتنا، وزادت ألسنتهم بغاء وحقداً على من رفع الراية الشريفة، واعتمدوا الغدر كما يعيشون...
استضعفونا يا سيدنا في غيابك كما اعتقدوا وأنت لم تغب، ولا تزال بيننا ونهجنا، والنهج لا يموت...
اعتدوا على كراماتنا، وابتغوا الفتنة، وقلبوا الأمور وأنت الحق، والحق في حضورك وغيابك، وتجاهلوا أمر المقاومة ومهابة رجالها الأوفياء، ومثلك يا سيد لا يمضي إلى الله إلا منتصراً وهم كارهون...
شهادتك يا سماحة سيدنا اتعبتنا لأنك الروح التي تسري فينا فكيف بنا نتقبل غيابك هذا؟!
شهادتك كسرت الفؤاد ولم تمزقه، فأنت فينا وهدية الرحمن، وشرف الشرف...
شهادتك اليوم يا سيدنا... أدركنا بنعمتها، هي الود الذي زرعه الله فينا بعد أن أديت تكليفك، ورمزك الأممي أصبح ثأراً في ذمتنا، وهذه رحمة، والرحمة نعمة تعلمناها بعد شهادتك، وشهادتك عززت اندفاع انفعال المقاومة، فمن يلحق بك يستشهد وينتصر، ومن لم يلحق بك انهزم وينكسر...
ما سرك يا سيدنا في وجودك اعطيتنا قوة، وفي استشهادك بصمة كونية رزقتنا عنفواناً لشمس لا تعرف الأفول...
سيدي إننا على العهد، وسعداء لتحقيق ما ابتغيته، وأنت من طلب من الله سر الحياة:
"حلمي أن أرحل شهيداً في سبيل الله"...حقق الله أمنيتك خارج حدود الطبيعة...
سيدنا الوجع يكبر كل يوم، ولكننا سنعمل على أن نزين طريق زرعته بالعهد، وإننا على العهد...
يا أشرف الشرفاء وأطيب الشرفاء وأكرم الشرفاء صنعت حضارة من نور، حضارة أخلاقية نورانية، حضارة قرآنية ساندت إنجيل المسيحية وحمت كل مظلوم ومحتاج...
عام مضى على رحيل أخلاق الأرض في سيرة الأقدس، والمسيرة التي أحببت ستستمر...
أنت العهد يا سماحة الشهيد المقدس، وإننا على العهد، ولن تنحني الراية...وأيامهم عدد، ولا نقول وداعاً، بل إلى لقاء مع إنتصار الدم على السيف، وإلى اللقاء مع الشهادة...وإلى لقاء بجوار الاحبة...
نعم اشتاق لك الله، والله راضياً عليك فجعلك يا سيد التواضع والحسم والطيب، سماحة العطاء ومداد الكرم، والمبتسم وساحر الحديث الحوار والكلام والمفردات، الله احبك كما أحببناك، واشتاق إليك فطلبك بعد أن أكملت المهمة، وأكملت الطريق لتنال الشهادة...
طباعة المقال
ارسل إلى صديق
اضافة إلى المفضلة
حفظ الموضوع