2025- 08 - 18   |   بحث في الموقع  
logo مخزومي: تطبيق القرار الحكومي ليس مطلباً دولياً بل لبنانيًا بحتًا logo الحاج عن الرئيس بري: عنده دائمًا الخبر اليقين والوصفة للوصول اليه logo لقاء جمع كريمة والسيد وزمرلي مع سفير الجزائر في طرابلس : تأكيد تعزيز الروابط التاريخية logo قنبلة صوتية من مسيّرة إسرائيلية تُصيب 3 عمال في الخيام logo سلام: على أميركا الضغط على اسرائيل لوقف الأعمال العدائية logo قائد الجيش عرض الاوضاع مع برّاك وأورتاغوس logo سلام: ندعو لإعلان التزام دولي واضح بعقد مؤتمر لدعم إعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي في لبنان logo ترامب قبيل اجتماعه بزيلينسكي: استعادة القرم وعضوية الناتو غير واردين
لبنان وموانئ العرب: هل يعود شرق المتوسط إلى خريطة التجارة العالمية؟
2025-08-05 10:56:34




مع تزايد أهمية الممرات البحرية ومنافسة الدول على اقتصاد الموانئ، يعود الحديث مجدداً عن موقع لبنان من هذا السباق العالمي على التجارة الدولية. فمن القرن الأفريقي إلى البحر الأحمر، ومن جبل طارق إلى قناة السويس، تشهد المنطقة منافسة اقتصادية ناعمة، تتقدّم فيها الدول عبر تطوير موانئها وربطها بشبكات التجارة واللوجستيات العالمية. لكن شرق المتوسط – رغم موقعه الجغرافي الحيوي – ما زال يبحث عن دوره في هذه الخريطة الجديدة، ولبنان في قلب هذه الفرصة.


فمع تحوّلات خطوط الشحن العالمية نتيجة الأزمات الجيوسياسية، وتزايد أهمية موانئ شرق المتوسط كمحطات بديلة عن المسارات التقليدية، يبدو أن لبنان أمام فرصة استراتيجية حاسمة: إما أن يستثمر موقعه، وإما أن يظل خارج معادلة التكامل البحري الإقليمي.


لطالما كان مرفأ بيروت بوابة الشرق، لكن انفجار 4آب 2020 تسبب بخسائر تقدّر بمليارات الدولارات وفقدان الثقة الدولية. ورغم ذلك، تُظهر بيانات 2025 أن حركة البضائع استردت نحو 88.5% من مستويات ما قبل الأزمة، وبلغ عدد الحاويات في الأشهر الخمسة الأولى من العام أعلى معدل له منذ 2019. ورغم تراجع عدد السفن، فإن المؤشرات تشير إلى قدرة المرفأ على التعافي النسبي. لكن من دون رؤية استثمارية واضحة، يبقى هذا التعافي محدوداً وعرضة للتراجع.


لكن التحديات ما زالت حاضرة، ولا سيما في التصنيفات الدولية. فقد جاء لبنان في المرتبة 117 عالمياً في مؤشر الأداء اللوجستي لعام 2024، مع تقييمات منخفضة في كفاءة الجمارك والبنية التحتية، مما يؤثر سلباً في جاذبية البلاد كمركز إقليمي للنقل والتوزيع. وتُظهر هذه التصنيفات أن ضعف الحوكمة ما زال يشكّل عائقاً بنيوياً أمام تطوير قطاع النقل البحري.


في المقابل، تشهد موانئ شرق المتوسط تحرّكات ديناميكية. ميناء بورسعيد في مصر يشهد توسعات كبيرة باستثمارات تفوق الـ 2 مليار دولار، وميناء حيفا تجاوز الـ 1.5 مليون حاوية سنوياً بعد تطويره، بينما حقق ميناء طنجة في المغرب قفزات نوعية جعلته من أكبر موانئ المتوسط. كذلك، تسعى موانئ مثل العقبة وطرطوس إلى تعزيز حضورها رغم التحديات السياسية، مستفيدة من خطط إقليمية لإعادة تشكيل شبكات النقل وسلاسل الإمداد.


لبنان يمتلك كل المقومات الجغرافية والتاريخية للعودة إلى خريطة التجارة. لكن ذلك يتطلب نموذجاً اقتصادياً جديداً يقوم على الحوكمة، والشراكات مع شركات عالمية، وتحييد المصالح السياسية عن المرافق الحيوية، كما أن الاستثمار في التحول الرقمي في قطاع الموانئ عبر تقنيات التتبع والذكاء الاصطناعي يمكن أن يرفع الكفاءة بنسبة تصل إلى 30%، ويجذب استثمارات أكثر استدامة إذا ما تم تبنّي معايير البيئة والحوكمة والمسؤولية الاجتماعية.


كذلك، من المهم التفكير في الربط البري والسككي بين الموانئ والمناطق الصناعية والحدودية، خصوصاً مع مشاريع ربط إقليمي جديدة بين المشرق والخليج وتركيا، مما يجعل التكامل في البنية التحتية عنصراً حاسماً في التنافس الإقليمي. ولا يقتصر تطوير الموانئ على الجانب التقني فحسب، بل يرتبط أيضاً بقدرة الدولة على تقديم نموذج مؤسسي قابل للثقة، يحفّز الشركات العالمية على استخدام المرافئ اللبنانية كمحطة عبور وتوزيع.


يبقى السؤال: هل يملك لبنان الرؤية لاستعادة موقعه؟ الجواب لن يأتي من الأوراق، بل من إعادة بناء الثقة العربية بقدرة البلاد على أن تكون مجدداً بوابة اقتصادية بين الشرق والغرب. ولعلّ تجربة “موانئ دبي العالمية” تمثّل نموذجاً يحتذى به، إذ يمكن لتعاون استثماري معها أن يوفّر للبنان الخبرة والتمويل والرؤية اللازمة لإعادة تشغيل مرفأ بيروت وفق أعلى المعايير الدولية. إن لم يتحرّك لبنان الآن، فربما لن يكون جزءاً من الجغرافيا التجارية الجديدة التي تُرسم في شرق المتوسط.


 


 


 


 


 




Saada Nehme



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top