أوضح معالي الوزير السابق، الدكتور عدنان السيد حسين، أن الولايات المتحدة الأميركية لا تضغط على الكيان لوقف الاعتداءات على لبنان، مشيرًا إلى أن الرد اللبناني الأمثل يكمن في الوحدة الوطنية لمواجهة الضغوط والعدوان.
*وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد:* في زيارته الثالثة إلى لبنان، يأتي المبعوث الأميركي توماس برّاك، وهو يريد أن يأخذ كل شيء من لبنان وأن يسلبه سيادته وحريٌته، فقط دعمًا للكيان المؤقت.
وقد تنصل من اتفاق وقف إطلاق النار، متغاضيًا عن الخروقات والاعتداءات الصهيونية اليومية مع استباحة سيادة لبنان.
يريد أن يأخذ ولا يعطي، وهو بالتالي طرف مع العدو وليس وسيطًا. وهذا ليس بغريب على الإدارة الأميركية التي لا هم لها في المنطقة سوى أمان الكيان المؤقت، الذي ما زال يمارس الغطرسة والعدوان ويتعرض بالقصف والاغتيال للمواطنين، ويمنع أهالي القرى من العودة إليها وإعادة إعمارها. وهو ما زال يرفض تطبيق الاتفاق ويحتل المزيد من الأراضي اللبنانية.
حول هذه العناوين وغيرها، أجرت مراسلتنا، الأستاذة وردة سعد، حوارا صحفياً مع معالي الوزير السابق الدكتور عدنان السيد حسين، وجاء نص الحوار على النحو التالي:
توم برّاك، المبعوث الأميركي، أعرب عن خيبة أمله بعد زيارته لرئيس الجمهورية اللبناني! ماذا يعني ذلك؟ وما هو الأمر الذي كان يأمله ولم يجده عند اللبنانيين وسبب له خيبة الأمل في زيارته الثالثة التي روج لها بأنها ستكون الحاسمة؟
في الزيارة الثالثة لتوم برّاك إلى لبنان، أظهر ما يمكن أن يسمى خيبة الأمل عنده، أي أنه كان يفضل جوابًا لبنانيًا مختلفًا عن الذي تلقاه من المسؤولين اللبنانيين وسلمه إياه فخامة رئيس الجمهورية الجنرال جوزيف عون. هذا الإظهار لخيبة الأمل يفسره على أنه مزيد من الضغط على لبنان بأنه في حال لم تعطوا إجابة أفضل من وجهة نظر أميركية، ستتعرضون لمزيد من الضغوط، أي التصعيد. والتصعيد يعني إطلاق يد “إسرائيل” في لبنان. هذا الإطلاق حتى يد “إسرائيل” لم تتوقف عن القتل وعن الاستطلاع الجوي كل يوم بواسطة Mk التي تجوب كل لبنان، وحتى إن الاغتيالات وصلت إلى طرابلس وإلى شمالي البقاع، أي أنها اجتاحت كل الأراضي اللبنانية.
براك تنصل من أي رغبة في الضغط على كيان الاحتلال لوقف اعتداءاته على لبنان، وادعى أن ذلك ليس وارداً في أجندته، كما تراجع عن المشروع الأميركي للتسوية المزعومة في الملف اللبناني. هل ترون أن هذا التراجع الأميركي تهديد مبطن للدولة اللبنانية بأنها ستكون بمواجهة كيان الاحتلال مباشرة دون وسيط؟ ما هي الخطوة التالية بعد فشل المبعوث الأميركي؟
متى ضغطت الإدارات الأميركية المتعاقبة على “إسرائيل”؟ إدارة بايدن السابقة أعطت “إسرائيل” كل ما يستلزم من السلاح ومن آلات الدمار. ماذا بقي عند الإدارة الأميركية لتمنعها عن “إسرائيل”؟ وعندما يقول بعض الأوروبيين أو بعض أوساط الغرب: أوقفوا تصدير السلاح إلى “إسرائيل”، وهذه الهبات الأميركية إلى “إسرائيل”، وحتى إن هناك دولًا أوروبية أرسلت إليها السلاح، لم نجد يومًا ضغطًا من هذه الدول، باستثناء بعض الدول في أميركا الجنوبية وفي أوروبا (4-5 دول). الغرب عمومًا لا يضغط على “إسرائيل”، الإدارة الأميركية لم ولن تضغط على “إسرائيل” حتى لو فشلت هذه الوساطة الأميركية. والدليل على عدم الضغط وعدم الاستعداد للضغط هو ما يجري في غزة. كم من المبادرات التي قدمتها حماس ورفضتها “إسرائيل”؟ ودائمًا كانت تقول الإدارة الأميركية: “الحق على حماس”، ولم تقل لمرة واحدة: الحق مع حماس. قالت دائمًا إن “إسرائيل” بحاجة لأن تدافع عن نفسها. لا يزال نفس السيناريو يسيطر عليها، ولا داعي للتفكير يومًا ما بأن الإدارة الأميركية تضغط على “إسرائيل”.
إذا عدنا إلى جوهر المبادرة الأميركية ومحاولة لعب دور الوسيط مقابل العدوان الإسرائيلي المتمادي والمتصاعد.. ما هو جوهر المقترحات الأميركية المعروضة على لبنان؟ ولماذا تبادر المقاومة ومعها أركان الدولة اللبنانية إلى رفضها؟ وهل باتت التسوية مستحيلة في لبنان كما هي في غزة إلا بغالب ومغلوب؟
رفضت المقاومة في لبنان المبادرة الأميركية خصوصًا في نقحتها الأخيرة. فيما طرح في الزيارة الماضية عبرت عن الرفض بوسائل مختلفة. يريدون تخطي القرار 1701 لجهة التزامات “إسرائيل”، وإسرائيل غير ملزمة بأي شيء، بينما المطلوب تسليم سلاح حزب الله في كل لبنان وليس فقط في جنوب الليطاني، وأن السلاح الذي يُسلّم في جنوب الليطاني للجيش اللبناني مطلوب تدميره. كيف ذلك؟ هل يمكن لأي عاقل أن يقبل بهذا السيناريو؟ فعندما تتخلى الولايات المتحدة عن دور الوسيط وتصبح شريكًا كاملاً مع “إسرائيل” في هذا العدوان، ماذا تقول المقاومة؟ بل ماذا يقول المسؤولون اللبنانيون؟ لا أعتقد أن هناك جوابًا على هذا الضغط الأميركي سوى رفض بعض ما ورد في هذه الورقة الأميركية في نقحتها الأخيرة.
ما تقديركم للوضع الداخلي اللبناني في هذه المرحلة؟ وخصوصًا كما يعبر عنه موقف الرئيس اللبناني جوزف عون. وهل لا يزال بمقدور المبعوثين الأميركيين تحفيز فريق من اللبنانيين ضد المقاومة؟
هناك طبعا خطورة على الوضع الداخلي اللبناني لجهة تمزيق النسيج اللبناني، وهذا عمل تقوم به الولايات المتحدة الآن في الدول العربية كافة. وحسبنا أن نراقب ما جرى في سوريا والعراق، وقبلها في ليبيا واليمن والصومال وغيرها من أفغانستان إلى شمال أفريقيا إلى جنوب أميركا اللاتينية. الخطورة في الوضع الداخلي تكمن في انقسام اللبنانيين حول الوعود الأميركية. نحن نطالب بعدم تصديق الوعود الأميركية، وأفضل رد على كل الضغوط الأميركية التي تحدثنا عنها، وعلى العدوان الإسرائيلي، هو وحدة وطنية يقودها رئيس الجمهورية بحكم مسؤوليته المحددة في الدستور، وبحكم خطاب القسم، وبحكم نص القسم الرئاسي بالحفاظ على سلامة ووحدة لبنان. من هذا المنطلق نعتبر أن أفضل الرد هو الوحدة الوطنية اللبنانية، وحدة المسؤولين، بل وحدة الشعب اللبناني، وعلى وسائل الإعلام ألا تغرق في مستنقع الوعود الأميركية، وأن تتنبه إلى ما فعلته الإدارات الأميركية في الرأي العام اللبناني والعربي والعالمي خلال عقود من الزمان، خصوصًا بعد انتهاء الاتحاد السوفياتي منذ مرحلة تسعينيات القرن الماضي.
المسؤولية اللبنانية الأساسية تقع في وحدة الموقف وتظهير هذه الوحدة، وهذا أقوى من السلاح الناري الذي يمكن أن يمتلكه الجيش اللبناني أو المقاومة اللبنانية. إذا تحققت هذه الوحدة يمكن أن نبني عليها خطوات استراتيجية وخطوات تكتيكية لمواجهة العدوان الإسرائيلي.