اتجهت الأنظار إلى باريس، حيث حل الملف اللبناني بتعقيداته الأمنية والاقتصادية والسياسية في الإليزيه خلال استقبال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لرئيس الحكومة نواف سلام الذي عاد الى بيروت مطمئنا للدعم الفرنسي. وكتب على منصة “إكس”: “أعود إلى بيروت مطمئناً نتيجة التزام الرئيس إيمانويل ماكرون بمساعدة لبنان والتجديد لقوة اليونيفيل، وتعزيز علاقاتنا الثنائية لاسيما في مجالات الأمن والاقتصاد والتعليم والثقافة”.
وعلمت “الأنباء” الإلكترونية أن الرئيس سلام اطلع من الرئيس الفرنسي على التحضيرات الجارية لمؤتمر الدعم الدولي للبنان المتوقع انعقاده في الخريف المقبل، إضافة الى الدور الفرنسي في التمديد لليونيفل. وسيستمر الملف اللبناني حاضرا في باريس في اليومين المقبلين أيضا مع زيارة المبعوث الأميركي توم برّاك الذي وصل الى العاصمة الفرنسية ليل أمس للبحث في الملف اللبناني مع وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو والمسؤولين الفرنسيين، إضافة الى متابعته الشأن السوري حيث تولى إدارة لقاء رفيع المستوى إسرائيلي – سوري أمني يتعلق بشكل خاص بجنوب سوريا، وهو الأول من نوعه بين وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، وفق ما أفاد مصدر دبلوماسي رفيع المستوى. كما سيحضر برَاك اجتماعا حواريا بين قائد “قسد” مظلوم عبدي ووفد حكومي سوري برئاسة وزير الخارجية أسعد شيباني استكمالا لما كان قد بدأه مع الرئيس أحمد الشرع قبل أيام من أحداث السويداء.
عون
وفيما يستمر الحراك السياسي الداخلي في لبنان متأرجحا على وقع تصريحات برَاك وما تثيره من قلق على المستقبل، وبين لملمة تداعيات معارك السويداء الدامية، أكد الرئيس جوزف عون امام مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان مع وفد من مفتي المناطق زاره في قصر بعبدا أننا “أمام مفترق طرق مفصلي وقد يكون مصيرياً، ووحدتنا وتعاوننا وتضامننا هم الأساس. واعتبر ان “لكل جماعة لبنانية قيمة مضافة تقدمها للبنان، وخصوصا جماعة السنة التي تعطيه قيمتين كبيرتين: الإعتدال في الداخل، وتأكيد انتماء لبنان الى محيطه العربي”. وشدد رئيس الجمهورية على أن “اللبناني تعب ولم يعد قادرا على تحمل أي حرب اضافية، ونحن لا نريد ان نأخذ البلد الى المزيد من الدماء، لدينا فرص كبيرة جدا، وانتم تشاهدون كيف أن إخواننا العرب يفتحون اياديهم ويأتون إلينا. علينا ان نربح هذه الفرص وننقل بلدنا من وضع الى آخر”.
دريان
بدوره المفتي دريان الذي زار أيضا عين التينة والتقى الرئيس نبيه بري أكد “إننا نحن في لبنان نعيش كأسرة واحدة لا يفرقنا أحد، وهذه فرصة لنؤكد وحدتنا الوطنية التي هي أقوى سلاح في وجه أطماع العدو الصهيوني بأرضنا”. أضاف “من أجل ذلك اكدنا ان لبنان بوحدته لن يستطيع أحد أن يمرر أي مشروع تقسيمي أو تفتيتي يفرق بين أبناء الوطن الواحد. صوت الاعتدال والوسطية يجب أن يسود عند كل اللبنانيين”.
حملة مشيخة العقل الانسانية
وفي سياق الدعم الإنساني لأهالي السويداء أعلن شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى، “إطلاق حملة إنسانية واسعة. موجها نداء عاجلا من أجل “بلسمة جراح السويداء”. ودعا أبي المنى إلى “فك الحصار عن السويداء وتأمين مستلزمات الحياة وإعادة الإعمار والتعويض عما نهب وسرق”، مطالبا بإجراء “تحقيق دقيق وشفاف حول ما ارتكب من مجازر”.
وقال في مؤتمر صحافي في دار الطائفة في بيروت، ” كنا نتمنّى أن يحصل اتفاق قبل أن يحصل ما حصل، ومع انكشاف الواقع الحقيقي على خسائر هائلة في الأرواح وغيرها كان لا بد لنا من إدانة الاعتداء الآثم على السويداء”، أضاف: “نحن نقوم بجزء من مهامنا ومعنيون بتحمل المسؤولية الإنسانية، على الأقل بالوقوف إلى جانب أهلنا في السويداء”.
استثمارات سعودية في سوريا
وفي سياق متصل وفي خطوة تحمل الكثير من الدلالات والرسائل في أكثر من إتجاه إقليمي، وصل إلى العاصمة السورية دمشق، وفد سعودي رفيع المستوى برئاسة وزير الاستثمار خالد بن عبد العزيز الفالح، وذلك في إطار المنتدى السعودي – السوري الذي جاء بتوجيه من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وضم الوفد أكثر من 130 رجل أعمال ومستثمرا، ما يعكس حجم الاهتمام الرسمي والاقتصادي السعودي بتعزيز العلاقات مع سوريا. ويهدف المنتدى إلى استكشاف فرص التعاون المشترك بين البلدين، وبحث إمكانيات توقيع اتفاقيات استراتيجية تسهم في دعم التنمية المستدامة وتعزيز المصالح الاقتصادية المتبادلة بين الرياض ودمشق، في خطوة قد تشكل نقلة نوعية في مسار العلاقات الثنائية.
من جانبه، قال وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح لقناة “العربية”، إن السعودية تراهن على مستقبل سوريا من خلال رؤوس أموالها وشركاتها الكبرى. مؤكداً أن البيئة الاستثمارية في سوريا “جاذبة جداً”، وأن المملكة حريصة على أن تكون شريكاً فاعلاً في مرحلة إعادة الإعمار والتنمية. مضيفا أن شركات سعودية بدأت فعلياً في إنشاء مصانع داخل سوريا، وأنه سيتم الإعلان عن عدد كبير من المشاريع الاستثمارية الجديدة، في خطوة تعكس التزام المملكة بدعم جهود الاستقرار الاقتصادي في سوريا.
وشدد الفالح على أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يحرص شخصياً على دعم سوريا في مسيرتها نحو البناء والازدهار.