الدكتورة نجيبة مطهر مستشار مكتب رئاسة الجمهورية صنعاء
قبل أن ينطلق الشرع والدواعش من ادلب، التي جمعت كل الاسلاميين المتطرفين في العالم من القاعدة وداعش وجبهة النصرة وأكثر من (17) فصيلاً جهادياً، كانت هذه الفصائل تتسابق فيما بينها على رفع شعارات القضاء على إسرائيل وبلاد الكفر، المتمثلة بأوروبا وأمريكا.وبعد ان اقتحموا دمشق بقيادة الارهابي الشرع او مايسمى بالجولاني بعد ان طلبت منهم الجهات الغربية ان ينتهجوا الاعتدال المتفق عليه، في 2023، وفقاً لما صرّح به السفير الأمريكي السابق في دمشق “روبرت فورد”،
وبعد اختفاء المؤسسة العسكرية والأمنية وإقالة الحكومة، ما شكّل فراغا حكومياً، في جميع مؤسسات الدولة ومرافقها العامة، وتفرّد الجولاني بالسلطة، وفرض اللون الطائفي الواحد، من الفصائل المتشددة، وتم ارتكاب وفرز السوريين ومراقبتهم بطريقة تفكيرهم ولباسهم ومأكلهم ومشربهم، وجاءعصر الانخراط الأميركي ومعه الأطلسي، في سوريا، كون المرحلة الحالية والمقبلة فيها، قد عنونتها روسيا، بأنها مرحلة «وراثة الإرهاب» و السؤال المطروح والذي يفرض نفسه سوريا إلى أين؟
خريطة طريق فيينا قد أقرت وحدة سوريا الجغرافية، ونظامها العلماني، وسوريا المقسمة، ممنوعة روسياً… وسوريا المسالمة، ممنوعة إيرانياً، وسوريا المقاومة، ممنوعة أميركيا، أما سوريا الداعشية فهي مطروحة ومُنظّر لها في مراكز البحث – وبقوة – صهيونياً. وتدخل سوريا مرحلة جديدة ممثلةً باستعار حرب الوكلاء فيها. وهذا الأمر بتقديري، سيجعل من الاستنزاف المديد مكلفاً على الجميع، فضلاً عن كونه مرفوضاً من قبل روسيا ومحور الممانعة معها، وذلك لأن الاستراتيجية الروسية والإيرانية، لمرحلة ما بعد الاتفاق النووي، تعتمد على الخلاص من براثن الاستنزاف والصعود لتثبيت نظام تعدد الأقطاب المتكافئ القوى. الشعب العربي السوري العظيم الذي يملك إرثًا مُشرّفًا في مُقاومة الهيمنة الاستعماريّة الغربيّة، وخاضَ أربع حُروب قدم خلالها آلاف الشّهداء ضدّ المشروع الصّهيوني لن يقبل بـ”الرّشوة” الأمريكيّة المسمومة ويُوافق على التطبيع، وهو الذي رفضه طوال 13 عامًا من الحِصار والحُروب والجُوع تحت شعارات كاذبة مُزوّرة بالديمقراطيّة، وحُقوق الإنسان، ومُحاربة الاستبداد، ولو اراد الشرع المتصهين لتنفيذ استراتيجيتة وسيعمل على تنفيذ خريطة الشّرق الأوسط الجديد التي ستبدأ، بالتّطبيع السوري- الإسرائيلي، وبناء علاقات تحالفيّة إسرائيليّة- تركيّة تقود المنطقة، ولو اعطى هذا الداعشي أولويّة لرفع الحِصار عن بلاده، فإنه لا يهتم بما يجري في قطاع غزة، ولم نسمعه يُدين الجرائم في سوريا من دواعشه، وحسب أقوال صديق المُطبّعين العرب، أبراهام كوبر” المُلقّب بحاخام السّلام الإبراهيمي،الذي اجتمع بالإرهابي (الشرع) أكثر من ساعتين في دمشق ، وأكّد أنّ مُفاجأة العام المُمثّلة في لقاء القمّة بين الارهابي (الشرع ) والارهابي نتنياهو الذي يُشرف كبير الارهابين ومعلمهم ترامب شخصيًّا على ترتيبه بات وشيكًا جدًّا، ويلعب السّفير الأمريكي في أنقرة ومبعوث أمريكا الخاص إلى سورية دورًا “لُوجستيًّا” كبيرًا في هذا وبالتالي فإن اتّفاق “السّلام”المُفترض بين سورية الجديدة وإسرائيل القديمة، سيكون ترجمة لكُل المطالب الإسرائيليّة، وأبرزها التدخّل عسكريًّا إسرائيليا في الأراضي السوريّة في أيّ وقت , وهو البند الذي تجسّد في الخطيئة التاريخيّة لماذا خطيئة تاريخية؟ لان انسحاب إسرائيلي وفق الاتّفاق لن يشمل هضبة الجولان التي تصر الحكومة الإسرائيليّة أنها باتت أراضٍ إسرائيليّة وليست مُدرجة على مائدة المُفاوضات مُطلقًا،
كما ان اتفاق وقف إطلاق النّار في لبنان، هو سطحي بل الاتفاق شرّع للغارات الإسرائيليّة ان تقصف اينما تشاء و شرّع لعمليّات الاغتيال لعناصر “حزب الله” وقصف الضّاحية الجنوبيّة، ومُعظم المُدن والقُرى اللبنانيّة، بذريعة وجود عناصر للحزب
وبالتالي ان كان هناك انسحاب “سيكون كاذب” من المناطق العازلة التي استولت عليها القوّات الإسرائيليّة بعد إطاحة نظام سوريا السابق في الجنوب السوري مِثل درعا، وجبل الشيخ، والقنيطرة.
الخلاف التركي- الأمريكي “المُصطنع” حول حصول أنقرة على طائرة “الشبح (إف 35) الأمريكيّة سيتم تسويته قريبًا حسب وعود السفير باراك، وبما يؤدي إلى حلف تركي- إسرائيلي تكون له اليد العُليا في الشرق الأوسط الجديد، وضد إيران على وجه الخُصوص، السيناريوهات الامريكية والإسرائيلية لإعادة تغيير مُعادلات القوة ووضع خريطة جديدة للشرق الأوسط، قد تبدو مبهرة بالنسبة لمؤيدي حرب الإبادة في غزة ولبنان واليمن،فمَن كان يتصوّر أن تصمد المُقاومة في قطاع غزة أكثر من 600 يوم، ويفشل نتنياهو في تحقيق جميع أهدافه من وراء حرب الإبادة وأبرزها التهجير والقضاء على “حماس” والجهاد الإسلامي، وتحقيق النصر المطلق؟ ومن كان يحلم أن العدوان الأمريكي الإسرائيلي على إيران سيستمر 12 يومًا دون استسلام القيادة الإيرانيّة في السّاعات الأولى، وتغيير النظام، واغتيال السيّد علي خامنئي المرشد الأعلى، وتدمير المنشآت النووية الثلاث كليًّا، والأهم من ذلك وصول الصواريخ الإيرانيّة العظيمة والمُباركة إلى تل أبيب وحيفا وبئر السبع وعسقلان وأسدود وصفد، وتدمير مُعظم مبانيها وناطحات سحابها، وتحويلها إلى مدن أشباح بعد لجوء 7 ملايين مستوطن إلى الملاجئ والأنفاق ليل نهار طوال أيام الحرب، وهروب دون رجعة أكثر من مليونين إلى أوروبا وأمريكا من قبرص أو شرم الشيخ، لإغلاق مطار اللّد (بن غوريون) وخُروجه عن الخدمة.واليمن ايضا عملت واجبها
زمن كامب ديفيد وأوسلو، واتّفاقات التطبيع الإبراهيميّة، ورصد التريليونات، لدعم المشروع الأمريكي لتغيير الأنظمة الوطنيّة المُعادية له، تحت عناوين حقوق الإنسان، والديمقراطيّة والحريات التي نراها بكُل وضوح في أبشع صُورها في قطاع غزة، والأخطر من ذلك رصد تريليونات الدولارات من أموال الأجيال الحاليّة والقادمة لمُكافأة الجزّارين أدوات حرب الإبادة والتّجويع والتطهير العِرقي، هذه البلطحة ستنتهي ونهايته قادمة حتمًا، والشعب السوري سيعيد سورية الى مكانها افضل مما كانت باذن الله.