دخل العدوان الاسرائيلي على إيران أسبوعه الأول، في ظل تخبط صهيوني واضح بالدرجة الأولى نتيجة الرد الإيراني القاسي على الكيان الغاصب وتدمير مساحة واسعة من المدن في فلسطين المحتلة ولا سيما في تل أبيب التي لم تشهد دمارا من هذا النوع منذ العام ١٩٤٨، ووسط تناقض أميركي يعبر عنه ترامب والمسؤولون في إدارته والذين يرفضون إستدراج أميركا إلى هذه الحرب.
بالأمس، وجه ترامب صفعة قاسية لنتنياهو بإعلانه أنه سيتخذ قرارا بشأن المشاركة في الحرب خلال أسبوعين، وأن أبواب المفاوضات لا تزال مفتوحة والوصول إلى الحلول ما يزال ممكنا، خصوصا أن إطالة أمد المواجهات لا تصب في مصلحة إسرائيل التي لا تريد بعد كل ما قامت به العودة إلى المفاوضات وفي الوقت نفسه لا تستطيع تحمل المزيد من الصواريخ الإيرانية في ظل تراجع الدفاعات الجوية عن رصدها والتصدي لها، في حين أن هذه الاطالة تصب في مصلحة إيران التي إستعادت زمام المبادرة وعززت من إمتلاك القيادة والسيطرة والتي تمثلت بإطلاق صواريخ أقل وإصابة أهداف أكثر وبدقة متناهية.
واللافت، أن إسرائيل كانت تستعد لمواجهة الصواريخ الإيرانية عبر الدفاعات الجوية وإطلاق صفارات الإنذار بمجرد إستعداد الجمهورية الإسلامية لإطلاقها، وهي اليوم تفعّل هذا التصدي مع إطلاق الصواريخ التي تفشل في معظم الأحيان الدفاعات في تفجيرها، وهذا يشير بحسب مراقبين إلى أن إسرائيل كانت تعتمد على قدرات إستخبارية تابعة لها على الأراضي الإيرانية وقد نجح الحرس الثوري بعد أيام من الحرب على ضربها وإطفاء كل الأعين الاسرائيلية في طهران، وملاحقة فلول الموساد التي كانت تسعى إلى إستهداف إيران من الداخل، لذلك فإن إسرائيل لم تعد ترصد إطلاق الصواريخ إلا بعد أن تأخذ طريقها إلى الكيان الغاصب، وبما أن الرد الإيراني يعتمد على الهجمات المركبة وعلى سرعة فائقة للصواريخ التي يستغرق وصولها إلى الكيان بين ست إلى تسع دقائق فإن الدفاعات الجوية تعجز عن رصدها وكذلك يصار إلى تأخير إطلاق صفارات الإنذار ما يخلق مزيدا من الإرباك والرعب في المجتمع الإسرائيلي.
يمكن القول، إن الحرب دخلت مرحلة دقيقة خصوصا في ظل التفاوت الحاصل بين أميركا وطرفيّ النزاع كل على حدة، فالأولى تريد تنازلات من إيران حول برنامجها النووي وتخصيب اليورانيوم، وهي في الوقت نفسه تتهيب المشاركة في الحرب إلى جانب إسرائيل في ظل الانقسام الأميركي حولها ورفض الأكثرية الساحقة لاستدراج الولايات المتحدة إلى المجهول.
وفي هذا الاطار ثمة أسئلة كثيرة تطرح في المجتمع الأميركي وضمن إدارة ترامب، لجهة: هل من مصلحة لأميركا في الدخول بهذه الحرب؟ وهل مشاركتها ستؤدي إلى القضاء على المشروع النووي الإيراني، لا سيما بعد التجارب الفاشلة في الحرب على اليمن؟، وماذا عن إطالة أمد الحرب، وهل تستطيع أميركا الاستمرار فيها في ظل معارضة الداخل؟ وماذا سيكون الحال في حال إستهدفت إيران القواعد والمصالح الأميركية في المنطقة؟ وماذا سيكون عليه موقف الدول الحليفة لإيران؟ وهل ستشعل مشاركة أميركا حربا إقليمية أو ميني حرب عالمية؟..
وبالنسبة لإسرائيل، فإنها ترفض كل أنواع التفاوض، وتعتبر أن إيقاف الحرب من دون تحقيق الأهداف التي أعلنها نتنياهو أو على الأقل واحد منها وهي تتمثل باسقاط أو تقويض النظام والقضاء على البرنامج النووي وضرب القدرات الصاروخية، يعني هزيمتها وهزيمة شخصية لنتنياهو الذي قد يكون هذا العدوان آخر حروبه.
أما إيران، فإنها ترفض التفاوض تحت النار، وتطالب بوقف العدوان عليها قبل تفعيل أي عمل أو وساطة دبلوماسية، وهي تعتبر أن ما يجري اليوم من محاولة فرض شروط عليها أو جرها إلى المفاوضات هو بمثابة كسر لذراعها أو التعاطي معها بمنطق المهزوم، في حين أنها ترد بشكل موجع على إسرائيل بعدما نجحت في إستيعاب الصدمة الأولى وتحول الحرب إلى تقليدية بهجمات متبادلة.
إذاً، لا يبدو في الأفق أية حلول في ظل تمسك كل طرف بمواقفه، فيما الأنظار تتجه اليوم إلى جنيف حيث يفترض أن تجتمع الترويكا الأوروبية بريطانيا وفرنسا وألمانيا مع وزير الخارجية الإيراني عباس عرقجي الذي يؤكد أن الجمهورية الإسلامية منفتحة على التفاوض المنطقي وليس على أية إملاءات أو شروط.
The post الحرب تدخل مرحلة دقيقة.. ولا حلول في الأفق!.. غسان ريفي appeared first on .