يقول أحد الوزراء في الحكومة السابقة أنه عندما لبى دعوة وزير الاقتصاد آنذاك أمين سلام إلى منزله الجديد المطل على السراي الحكومي والذي إشتراه خلال وجوده في الوزاره، وقف سلام على الشرفة المطلة، وقال لبعض المدعوين: “لم يعد بيني وبين السراي سوى خطوات قليلة”.
هو حلم راود سلام وإستعجله فعوقب بحرمانه ودفعه جشعه المالي إلى خلف قضبان السجن بعد توقيفه، لا بل إن سلوكه الذي كان موضع شكوك في الوزارة التي تركها مرتعا لشقيقه كريم سلام ومستشاره فادي تميم اللذين أوقفهما القضاء قبل فترة، ترك حول الرجل علامات إستفهام كثيرة إلى حدود الإدانة قبل الاجراءات القضائيّة بحقه، حيث فاحت في عهده روائح الفساد والسمسرات وإستغلال النفوذ.
ظن أمين سلام أن وزارة الاقتصاد يمكن أن تكون عبارة عن مزرعة له ولشقيقه ومستشاره، وأنه من خلال ما إتهم به ودخل السجن على أثره، يستطيع أن يجني ثروة طائلة من دون حسيب أو رقيب، وأن علاقاته السياسية ومحاولاته التقرب من هذا الفريق أو ذاك، والدعم الإعلامي الذي كان يتلقاه من بعض الإعلاميين المستفيدين منه، وحرصه على أن يسمع منهم لقب “دولة الرئيس” قد يشكل مظلة أمان لتصرفاته المشبوهة.
أكثر من شكوى وردت إلى الرئيس نجيب ميقاتي عن الوزير أمين سلام لا سيما خلال فترة تصريف الأعمال، وقد حرص ميقاتي على إستدعائه أكثر من مرة إلى السراي وتنبيهه ومطالبته بالكف عن هذا السلوك الذي قد يودي به إلى السجن، حتى في إحدى المرات غضب الرئيس ميقاتي منه وعمل على توبيخه، ووضع المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم في أجواء بعض الملفات التي وصلته، إلى أن قامت لجنة الاقتصاد النيابية برئاسة النائب فريد البستاني بتقديم إخبار ضده حيث أسفر ذلك عن توقيف شقيقه كريم بتهم التزوير وإبتزاز شركات التأمين والإثراء غير المشروع، وقبل ذلك توقيف مستشاره فادي تميم بتهم الاستفادة المالية من إبتزاز شركات التأمين، وصولا إلى توقيفه بإشارة من النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، بعد سلسلة جلسات تحقيق أجراها معه، وكان آخرها جلسة إستمرت ثلاث ساعات إنتهت بصدور قرار التوقيف في سجن الضابط في مقر شعبة المعلومات في قوى الأمرالداخلي، بسلسلة من التهم وجّهت إليه تشمل: التزوير في إبرام عقود أثناء توليه منصبه الوزاري، التصرف بأموال عامة خلافا للقانون، إختلاس وهدر أموال عامة وإبرام عقود مشبوهة، إضافة إلى تهم مرتبطة بإبتزاز شركات التأمين وتبييض الأموال واستغلال أموال لجنة التأمين لصالح نفقاته الشخصية، من دون أي سند قانوني.
يُعدّ أمين سلام أول وزير يتم توقيفه في لبنان منذ نحو ٢٢ عاما، وأول مسؤول بهذا المستوى منذ توقيف حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة في أيلول من العام ٢٠٢٣، وهو بعد خروجه من الوزارة حاول التفتيش عن حصانة له كونه محام، فسعى إلى تجديد عضويته في نقابة محامي بيروت، لكن تمت مواجهته بالرفض، فعمل على نقل ملفه إلى نقابة المحامين في طرابلس التي قبلت طلبه، قبل أن يقبل القضاء بالطعن المقدم بانتسابه ويتم إلغاء عضويته بناء للحكم الصادر بهذا الصدد، ما جعله من دون حصانة، الأمر الذي سهل على النائب العام الحجار توقيفه بالتهم الموجهة إليه.