| محمد غزالة | كاتب ومحلل سياسي
تشكل الانتخابات البلدية في لبنان، محطة ديمقراطية مهمة تتيح للمواطنين اختيار ممثليهم المحليين الذين يتولون مسؤولية إدارة الشأن العام على مستوى القرى والمدن. في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، تزداد الحاجة إلى مجالس بلدية فاعلة، شفافة، ونزيهة. ولكن يبقى السؤال المحوري: من هو الشخص المناسب للترشح للانتخابات البلدية؟ وما هي المواصفات المطلوبة؟ وهل تكفي الرغبة وحدها لخوض هذا الاستحقاق؟
أولاً: أصحاب الكفاءة والخبرة
الترشح للانتخابات البلدية لا ينبغي أن يكون عملاً ارتجالياً أو ناتجاً عن طموح شخصي فقط، بل يجب أن يستند إلى كفاءة مثبتة في العمل الإداري، القانوني، أو الإنمائي. يجب أن يكون المرشح ملمًا بالقوانين البلدية، بمبادئ التخطيط العمراني، وبكيفية إدارة المال العام. إن امتلاك خبرة سابقة في العمل العام أو التطوعي هو رصيد مهم يجب أخذه بعين الاعتبار.
ثانياً: أشخاص ذوو سمعة نزيهة ونظيفة الكف
البلديات تتعامل مباشرة مع أموال ومشاريع عامة، ولهذا فإن النزاهة هي مفتاح الثقة. يجب أن يكون المرشح معروفاً بنزاهته، بعيداً عن شبهات الفساد أو التربّح غير المشروع. فالمجلس البلدي يجب أن يعكس صورة نظيفة عن الحكم المحلي، وهذا لا يتحقق إلا بأشخاص يضعون المصلحة العامة فوق أي اعتبار.
ثالثاً: من يتمتعون بعلاقات جيدة مع المجتمع
على المرشح البلدي أن يكون شخصية توافقية، لا مثيرة للانقسام. يجب أن يكون قادراً على العمل مع مختلف فئات المجتمع المحلي، بعيدًا عن العصبيات السياسية والطائفية. العلاقات الجيدة مع الفعاليات، الجمعيات، الشباب، والنساء تعزز فرص نجاحه في بناء شراكات فاعلة تترجم إلى مشاريع حقيقية.
رابعاً: أصحاب الرؤية والبرنامج الواضح
ليس مطلوباً من المرشح فقط أن ينتقد ما هو قائم، بل أن يحمل رؤية وبرنامجاً إنمائياً قابلاً للتطبيق. يجب أن يقدم خطة عمل واقعية ترتكز على حاجات الناس الأساسية، من البنية التحتية إلى إدارة النفايات، ومن دعم التعليم المحلي إلى التحول الرقمي. وجود خطة عملية هو ما يميّز المرشح الجاد عن آخرين يسعون فقط إلى النفوذ أو الشهرة.
خامساً: الشباب والنساء: طاقات مهدورة يجب دعمها
لطالما كانت المجالس البلدية تفتقر إلى مشاركة الشباب والنساء بالشكل الفعّال، رغم أن لهم الدور الأبرز في التغيير والتنمية. آن الأوان لإفساح المجال أمامهم، ليس فقط للترشح بل أيضًا للوصول إلى مواقع القرار. تمكين النساء والشباب يضخ دماء جديدة في العمل البلدي ويحدث نقلة نوعية في طرق التفكير والتنفيذ.
سادساً: الملتزمون بمبدأ الشفافية والمساءلة
يجب أن يكون المرشح مستعدًا للخضوع للمساءلة من الناس، وأن يتعهد بنشر تقارير دورية عن أداء البلدية، وموازناتها، ومشاريعها. الترشح البلدي هو تعهد بخدمة الناس لا مجرد فوز بمقعد. لذا يجب أن يكون المرشح شفافًا، حريصًا على التواصل الدائم مع المواطنين.
الترشح للانتخابات البلدية مسؤولية وطنية قبل أن يكون حقاً ديمقراطياً. لا ينجح فيها إلا من يجمع بين الكفاءة والنزاهة، وبين الحضور الشعبي والقدرة على التخطيط والعمل. وعلى الناخبين أن يدققوا جيدًا في الخيارات المطروحة أمامهم، لأن المجلس البلدي الناجح هو حجر الأساس في بناء تنمية مستدامة من القاعدة إلى القمة.