بين تشكيل "عسكري سري" و"لبننة" نفسه: حزب الله يحاول استعادة مكانته
2025-03-07 16:56:08
نقلت صحيفة "لو فيغارو" عن عدد من المحللين السياسيين الفرنسيين قولهم أن "إعادة تنظيم قوات حزب الله، التي كان يزعم في السابق أنه قادر على حشد نحو مائة ألف مقاتل، جارية بالفعل ولكن دون رؤية واضحة حول آليات إعادة التشكيل".وأشار المحللون إلى أن هناك تدخلاً مباشراً من طهران لملء الفراغ في القيادة العسكرية لحزب الله، في حين يتطلع آخرون إلى العودة إلى هيكل عسكري سري مشابه لذلك الذي كان موجودًا في تسعينيات القرن الماضي، وذلك خشية من إطاحة إسرائيل بقياداته مرة أخرى. ومع ذلك، أُكد أن الوظيفة العسكرية الإقليمية لحزب الله، التي كانت تمثل خط دفاع أمامي لبرنامج إيران النووي على الحدود مع إسرائيل، أصبحت شيئاً من الماضي.ورأى مراقبون للأوضاع في لبنان أن "التشكيلة الحالية لحزب الله تختلف عن ما كانت عليه"، مشيرين إلى أن "المشاركة السياسية في السلطة لم تكن هدفاً بحد ذاته بالنسبة للحزب". فقد كانت القيادة العسكرية لحزب الله دائمًا هي الأكثر بروزًا، كما أن العنصر العقائدي كان معززًا بشخصية الأمين العام للحزب، الشهيد حسن نصر الله. وأوضح المراقبون أن "التعبئة التي حدثت في يوم تشييع نصر الله كان لها بعد دفاعي قوي بالنسبة للمشاركين، الذين رأوا فيها دفاعًا عن مجتمع ضعيف". تجدر الإشارة إلى أن حزب الله تجنب أي تواجد مسلح في يوم تشييع جنازة نصر الله، كما لم تعد قواته ظاهرة جنوب نهر الليطاني، وذلك التزامًا باتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني الماضي، الذي ينص على انتشار الجيش اللبناني على الحدود.على الرغم من أن رئيس الجمهورية جوزاف عون أدرج نزع سلاح حزب الله في إطار "استراتيجية دفاعية وطنية" لم يتم تحديدها بعد، إلا أن غالب أبو زينب، عضو المكتب السياسي لحزب الله، يرى أن "ذلك عبارة عن عملية طويلة لتخفيف الضغوط"، زاعمًا أن حزب الله لا يزال التشكيل الأكثر شعبية والأقوى في لبنان.وتظل مسألة مصير الأسلحة شمال نهر الليطاني أكثر تعقيدًا، وتشغل الجزء الأكبر من النقاش السياسي في لبنان. ورغم أن حكومة نواف سلام لم تذكر "المقاومة" في بيانها الرسمي، وهو ما كان الحزب يفرضه على الحكومات السابقة، فإن حزب الله لا يزال يخضع رسميًا للسلطة التنفيذية اللبنانية الجديدة. ومع ذلك، إذا استمر بقاء إسرائيل في خمسة مواقع لبنانية لم تنسحب منها بعد، فقد يلجأ الحزب إلى تشغيل مجموعات لا تنتمي بشكل مباشر إلى الحزب، وهو ما قد يضع السلطات اللبنانية في موقف حساس.حول دور حزب الله داخل الدولة اللبنانية، تساءلت الكاتبة والمحللة السياسية في "لو فيغارو"، سيبيل رزق، عن أبعاد تصريحات نائب الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، الذي قال أن "لبنان هو وطننا النهائي، وسنُشارك في بناء الدولة التي نحن جزء لا يتجزأ منها"، وأشارت إلى أن "هذا التصريح قد يكون مجرد محاولة لكسب الوقت أو ربما يعكس توجهًا حقيقيًا من فرع من الحزب الذي يقال إنه أصبح مُنقسمًا".وأكدت "لو فيغارو" في تحليلها أن حزب الله مطالب اليوم بـ"لبننة" نفسه والابتعاد عن الثورة الإسلامية الإيرانية، وأن يُلقي سلاحه ليتحوّل إلى حزب سياسي مثل الأحزاب اللبنانية الأخرى، وأضافت الصحيفة أن "الضغوط من أجل نزع سلاح حزب الله بالكامل وتفكيكه بلغت ذروتها محليًا وإقليميًا ودوليًا".وشكّل تشييع حسن نصر الله في 23 شباط 2025 نقطة تحوّل في تاريخ حزب الله الذي قاده لمدة 32 عامًا. وأظهرت التعبئة الضخمة التي تم تنظيمها لهذا الحدث أن الحزب لا يزال صامدًا رغم الانتصار الساحق لإسرائيل، الذي قضى على جميع كوادره العسكرية من الصف الأول والثاني، ودمّر جزءًا كبيرًا من ترسانته، وألحق خسائر بشرية ومادية فادحة بالحاضنة اللبنانية له.ترى اليومية الفرنسية أن السلطات اللبنانية تُحاول فرض أجندتها على الجميع، بمن فيهم أنصار حزب الله، رغم هامش المناورة الضيق للغاية المتاح لها في بلد مجزأ ومفلس. وبرأي المحللين، فإن الرافعة الرئيسية أمام هذه التحديات هي المساعدات الدولية لإعادة بناء المنازل والبنية التحتية التي دمّرتها الغارات الإسرائيلية، والهدف من ذلك هو استعادة شرعية الدولة من خلال تحييد القوة المالية لحزب الله، الذي يدعم أنصاره اجتماعيًا بفضل إيران.وأشار مهند الحاج علي، الباحث في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، إلى أن "أغلبية اللبنانيين مُتعبون، ويُريدون إعادة بناء منازلهم واستئناف أعمال شركاتهم، ولكن إذا لم تحترم الدولة اللبنانية وعدها بإعادة الإعمار، فلن يكون أمام أنصار حزب الله سوى البقاء في صفوفه والولاء للمال الإيراني".
وكالات