سلام في بعبدا مجدداً واستعجال لتشكيل الحكومة
2025-02-07 20:25:56
لليوم الثاني على التوالي، يرتفع منسوب الأمل بولادة الحكومة، لتتجدّد العراقيل الّتي تحول دون هذه الولادة المتعسرة أساسًا. وقد خرج رئيس الحكومة المُكلّف نواف سلام من زيارته للرئيس جوزاف عون في قصر بعبدا، مساء اليوم، من دون الادلاء بتصريح. والحال إنّه، إثر الكلام الذي أطلقته الموفدة الأمريكيّة مورغان أورتاغوس بشأن حزب الله وتشكيل الحكومة، تُشير معلومات "المدن" لتسارعٍ في وتيرة الاتصالات في الوصول إلى تفاهمٍ حكوميّ. وإن كانت بوادره لم تخرج بعد إلى العلن.إعادة توزيعوكان رئيس الحكومة المكلف قد تواصل صباحًا مع رئيس مجلس النواب وسلمه بضعة أسماء لاختيار الوزير الشيعي الخامس، ومن بين هذه الأسماء كان الوزير السابق ناصر السعيدي الذي وافق عليه نبيه بري. ففي البداية اعتذر ناصر السعيدي، لكن بعد اتصالات متكررة معه، وافق بشرط الحصول على محفظة في مجال اختصاصه، وهو إما الجانب المالي أو الجانب الاقتصادي. وبما أن وزارة المالية محسومة لياسين جابر أو يتمسك بها الثنائي لصالح ياسين جابر، فإن وزارة الاقتصاد أصبحت من نصيب الطائفة السّنيّة، وهذا يستدعي إعادة توزيع المحفظات الوزاريةّ.
ولم تكن عملية إعادة توزيع المحفظات بالأمر اليسير، فظلّ ناصر السعيدي متمسّكًا بموقفه، رافضًا تولّي وزارة التنمية الإدارية، بينما جرى البحث بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف في أسماء أخرى. وعليه، سارع نواف سلام إلى عقد لقاء مع رئيس الجمهورية، لمناقشة كل هذه التطورات والتسارعات لإنجاز التشكيلة الحكومية قبل أن تُرسى تداعيات بعيدة المدى لتصريحات الموفدة الأمريكية. وهناك تمسك من قبل رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية بأن لا تضم الجكومة حزبيين، وبالتالي فإن الأسماء الّتي يمثلها الثنائي الشيعي هي تلك التي اقترحها رئيس الحكومة نواف سلام وقد وافق عليها الثنائي ولا ينتمي أحد منهم تنظيميًا إلى حزب الله أو حركة أمل. كما أن الاسمين اللذين يمثلان حزب الله يعملان كطبيبين في الجامعة الأمريكية في بيروت، أي أن لديهما التصريح الأمنيّ الذي تمنحه أمريكا لمن يعمل في الجامعة الأمريكية؛ وهذا لا يعني عدم وجود موانع لتوليهما هذه المحفظة.التصعيد الأميركيّ والمواقف المرنةومن المحتمل أن الثنائيّ أدركا حجم التصعيد الأمريكيّ واعتبرا أن الموجة لا تزال مرتفعة. لذلك، اختارا التعامل ببعض الواقعية؛ فعمل حزب الله على تليين موقفه تجاه السعيدي أو أي اسم يُمكن التوافق عليه. لكنه في المقابل يرغب في إظهار مشاركته في الحكومة من خلال الأسماء التي يتم الاتفاق عليها مع الرئيس المكلف، وكأن ذلك لم يُحقق الشرط الأمريكي أو لم يستجب لبنان لما اشترطته المبعوثة الأمريكية. وتفيد بأن رد حزب الله على تصريحات الموفدة الأمريكية جاء بثلاثة أشكال:- الشكل الأول: التظاهرة التي أقيمت على طريق المطار.- الشكل الثاني: البيان الاستنكاري الذي أدلى به محمد رعد.- الشكل الثالث: الإجراء المتعلق بتليين الموقف بشأن تشكيل الحكومة والوزير الشيعي الخامس، أي أن الثنائيّ لم يتمسك بتسمية الوزير الخامس، خصوصًا أن الرئيس المكلف يرفض منحهم هذا الوزير، لمنعهم من الحصول على ورقة الميثاقية أو ورقة الثلث المعطل.
ويمكن التشبيه بأن التصعيد الذي تعرض له موقف بري منذ يوم الخميس الماضي وحتى يوم الجمعة، أي ما قبل التصريح الأميريكي، يشبه إلى حد بعيد التصعيد الذي قام به الثنائي الشيعي في رفض انتخاب جوزيف عون."جلبة" التصريحات الأميركيّةمن جهة أخرى، جاءت تصريحات الرئاسة اللبنانية يوم الجمعة لتعلن بوضوح أنها "غير معنية" ببعض تصريحات نائبة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، وذلك عقب لقائها بالرئيس جوزاف عون. فقد أدلت المبعوثة الأميركية بتصريحات أثارت جدلاً واسعاً، خصوصاً بعد أن أبدت امتنانها لإسرائيل على هزيمة حزب الله، وأكدت رفضها لإشراكه في الحكومة المقبلة. وقد تداول الناشطون صوراً لمورغان وهي تضع خاتماً نقش عليه نجمة داوود، مما اعتبره البعض استفزازاً وانحيازاً واضحاً لإسرائيل.
ولم تخلُ الأجواء من مظاهرات شعبية؛ فقد دعا أنصار حزب الله إلى اعتصام أمام مطار بيروت الدولي استنكاراً للتصريحات الأميركية، وقام المحتجون بقطع بعض الطرق المؤدية إلى المطار وأيضاً بعض الطرق في الجنوب، إلا أن الجيش اللبناني تدخل سريعاً لإعادة فتح الطرق ومنع إغلاق طريق المطار. كما حاولت المبعوثة الأميركية التوجه إلى الجنوب، لكنها اضطرت للعودة بواسطة طوافة تابعة للجيش لتفادي أي إشكالات مع المحتجين. وانتقد رئيس كتلة حزب الله، النائب محمد رعد، تصريحات المبعوثة الأميركية، واصفاً إياها بأنها "تدخلاً سافراً بالسيادة اللبنانية وخروجاً عن اللياقات الدبلوماسية ومقتضيات العلاقات الدولية". وأضاف رعد أن التصريحات "زاخرة بالحقد وانعدام المسؤولية"، مشدداً على أنها "تطاول على مكون وطني يمثل جزءاً من الوفاق الوطني والحياة السياسية اللبنانية".
المدن