2025- 04 - 30   |   بحث في الموقع  
logo مرقص: نعمل على تعزيز وسائل الإعلام العام التابعة للوزارة logo بيان ترشّح إلى المجلس البلدي في طرابلس logo البلديات في لبنان.. تحديات وآمال (3).. بقلـم: د. عبدالرزاق القرحاني logo زحمة مرشحين في زغرتا.. إنتخابات بلدية تأسيسية لإستحقاقات لاحقة!.. حسناء سعادة logo عندقت تخطف الأضواء… ولائحتان تتنافسان!.. نجلة حمود logo توافق الثنائي يُجهض مسعى حشرهما في بيئتهما!.. عبدالكافي الصمد logo جبل النفايات:هل “للفيحاء” من حلول؟..  logo حريق كبير في الدكوانة.. هل من إصابات؟
العقد الاجتماعي الجديد في سوريا...بين الإسلام وعصر التنوير
2025-02-05 12:55:52

تسعى نظرية العقد الاجتماعي في الفلسفة السياسية إلى شرح مفهوم السلطة وشرعيتها وعلاقتها بأفراد المجتمع. في العقد الاجتماعي يدخل أفراد المجتمع مع بعضهم البعض، ومع الدولة، في علاقة متبادلة، ويقبل الأفراد بتسليم إدارة بعض الحقوق والحريات للدولة التي تقوم بدورها بحماية الأفراد والحفاظ على النظام الاجتماعي.
يعود مفهوم العقد الاجتماعي إلى اليونان القديمة، حيث ناقش فلاسفة مثل أفلاطون وغيره، الأسس التي تقوم عليها العلاقة المتبادلة بين الأفراد والدولة.إن الشكل الأبسط للعقد الاجتماعي في المجتمعات الصغيرة هو "اللاعقد"، حيث لا وجود للسلطة السياسية بالمعنى الفوقي، بل ثمة حالة طبيعية تحكم المجتمع حيث يكون الأفراد أحراراً ومتساوين، لكنهم يواجهون أيضاً مخاطر الصراع وانعدام الأمن. لذلك كان من الضروري في المجتمعات الكبيرة، إيجاد اتفاق ضمني بين الأفراد والدولة، حيث تستلم الدولة من الأفراد، بناءً على عقد اجتماعي، إدارة بعض الحقوق والحريات بتفويض من الأفراد وتقدم الحماية مما يعطيها شرعية وقبول.إن القبول هو محور العقد الاجتماعي، إذ يوافق عليه الأفراد بحكم قرارهم بالعيش داخل مجتمع معين. وقد تكون هذه الموافقة صريحة أو ضمنية، لكنها الأساس الذي تقوم عليه السلطة السياسية. أما شرعية هذه الأخيرة، فتُبنى على موافقة الأفراد. وتالياً، إذا لم يوافق الأفراد على العقد الاجتماعي، أو فشلت الدولة في الالتزام بمقتضاياته، تصبح شرعية السلطة السياسية موضع تساؤل.سلطة قوية...وحق الثورةيعتبر توماس هوبز، الفيلسوف الإنكليزي، مؤسس نظرية العقد الاجتماعي الحديثة. فقد شرح في كتابه "الطاغوت"، كيف أن الأفراد في الحالة الطبيعة سيعيشون في حالة مستمرة من الحرب وعدم الاستقرار. ورأى أن العقد الاجتماعي ضروري لإنشاء سلطة مركزية قوية للحفاظ على النظام ومنع الفوضى.وقد طوّر جون لوك، الإنكليزي أيضاً، نظرية العقد الاجتماعي وقال إنه إنما تم إيجاده لحماية الحقوق وأن للأفراد الحق في الثورة ضد الحكومة التي تنتهك حقوقهم.أما كتاب "العقد الاجتماعي" للفيلسوف جان جاك روسو، فيُتعبر أحد أهم المؤلفات في هذا السياق الفكري. فبعد سقوط الشرعية الدينية كأساس للحكم في أوروبا، أصبح من الضروري البحث عن شرعية بديلة يقوم عليها الحكم السياسي وتتحدد على أساسها مسؤوليات الحاكم والمحكوم، والواجبات والحقوق المترتبة على كل منهم."وثيقة المدينة" ليست صالحة لعصرنالقد سقط العقد الاجتماعي في سوريا، منذ زمن بعيد، بسبب الاستبداد. فمنذ أن جاء نظم "البعث"، قبل أكثر من خمسين عاماً، سلب حقوق الأفراد وصادر ملكياتهم وقمع الحريات العامة بكل أشكالها. فلم يحترم أي عقد إجتماعي لأن الاستبداد لا تحلو له العقود والعهود. من جهة اخرى، نرى أن مصطلح "العقد الاجتماعي" ورد مرات عديدة في المقابلات التي أجراها السيد أحمد الشرع منذ توليه قيادة المشهد السياسي في سوريا الجديدة. والجميع يعرف الخلفية الشرعية التي يستند عليها هذا الأخير. ففي الفقه الإسلامي، هناك البيعة والشورى وغيرها من أشكال العقد الاجتماعي الذي ينظم العلاقة بين الأفراد والسلطة. وعادة ما يرجع الإسلاميون إلى "وثيقة المدينة" التي أشرف عليها النبي محمد نفسه والتي تحكم العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين في الدولة الإسلامية. بل إن بعض القادة المسيحيين أعادوا التذكير بهذه الوثيقة للتشديد على حقوق المسيحيين وعلى أهمية مراعاتهم في سوريا المستقبل!من نافل القول إن مجتمع المدينة، أيام النبي محمد، لا يشبه إطلاقاً مجتمعنا اليوم. إن المواطنة المتساوية بين كل أفراد المجتمع هي العقد الاجتماعي الوحيد الصالح في أيامنا. وأما العودة اليوم إلى وثيقة المدينة التي كانت في زمانها صالحة للتطبيق، هي عودة في التاريخ 1300 عام إلى الوراء! هذه العودة التي ستجلب معها الويلات التي عرفها تاريخ الصراعات السياسية في الدولتين الأموية والعباسية.لقد تغيرت الظروف وتبدلت، مما يجعل الحاجة ملحّة لعقد اجتماعي جديد يستوعب كل هذه التحولات ويعطيها شكلاً قانونياً صحيحاً، هو الدستور الذي يتوافق عليه كل السوريين بصفتهم أفراداً في المجتمع، وليس ضمن تصنيفات دينية وإثنية تقسّم المجمع وتزرع فيه بذور البغض والصراع.ان الدستور هو الضامن الوحيد لحقوق كل السوريين. وهو الحامي للجميع، وليس لفئة أن تحمي فئة، بمعزل عن زواريب التفوق السكاني وحيثياتها.قد يستلهم العقد الاجتماعي من الثقافة الإسلامية أسس العدل والمساواة، لكنه يجب أن يأخذ أيضاً من عصر التنوير قيم الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان. نريد أن يكون مستقبل سوريا نموذجاً يُحتذى، يكسر القاعدة التي يروج لها البعض بأن رياح التغيير، أو ما سمّي بالربيع العربي، تركت كل البلدان التي مرت بها في الفوضى والعنف وعدم الاستقرار حتى صار ضعفاء النفوس يترحمون على أيام الاستبداد!


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top