2025- 07 - 27   |   بحث في الموقع  
logo متى تصدر نتائج الامتحانات الرسمية؟ logo الرئيس عون يُهنئ زحلة بإعلانها “مدينة عالمية للكرمة والنبيذ” logo نازك الحريري معزية السيّدة فيروز: إرث العملاق زياد الرحباني سيبقى خالداً logo “إنماء طرابلس والميناء” نعت زياد الرحباني..أسطورة وأكثر من أيقونة logo تدابير سير في شارع غورو logo مشهد مأساوي… شاب ينهي حياته داخل سيارته logo عن الذكرى الخامسة لتفجير مرفأ بيروت… ماذا قال المطران عودة؟ logo في جولته الجنوبية الأولى على المستشفيات… ماذا أعلن وزير الصحة؟
كي لا يموت الديب ولا يفنى الغنم
2025-01-31 09:57:56


مما لا شك فيه، ان رئيس الحكومة المكلف، القاضي الدولي الدكتور نواف سلام، يعمل على تشكيل الحكومة الجديدة وسط الكثير من العقد والمطبات والمطالبات المتعددة والمتشابكة، لكن العقدة الفعلية من دون منازع هي عقدة إصرار حركة امل ممثلة بالرئيس نبيه بري على نيله وزارة المالية كحصة حصرية له، ويعتبر انها يجب ان تكون حصرية بالطائفة الشيعية، فيما تردد بشدة انه يفضل ان يتولاها النائب والوزير السابق رجل الاعمال ياسين جابر، المحسوب على سياسة ونفوذ حركة امل.
في الواقع، فان هذا المطلب، والطرح الذي اثاره ويثيره ويتمسك به الرئيس نبيه بري، يطرح معضلة كبيرة ، ويبسط مشكلة متعددة الرؤوس والاوجه، تطال النظام السياسي اللبناني، ما بعد اتفاق الطائف، ويمكن على أساس حلها او عدم حلها، اعتبار انها ستكون مرحلة جديدة مفصلية في لبنان.
بمعنى اخر فان معضلة، او عقدة وزارة المالية، ومسالة حصرها بالطائفة الشيعية، تشكل لب المشكلة، التي يواجهها رئيس الحكومة المكلف، والإصلاحي والنظام السياسي اللبناني كله!
لماذا هذا التشبيه، الفارض نفسه، والذي لا مهرب من نقاشه واحاطته وتحديده، ومحاولة ايجاد مخارج له؟ في هذه الظروف المصيرية؟
لنتخيل، ولو من باب الافتراض السلبي، ان رئيس الحكومة المكلف ومع بداية العهد الجديد، الواعد والموعود، الذي يصادف مع بداية مرحلة تحول جديدة في لبنان والمنطقة، وافق على منح الطائفة الشيعية مطلبها أي نيلها وزارة المال، وتعيين من يقترحه الأخ الأكبر في الطائفة أي نبيه بري حسب تعبير الشيخ نعيم قاسم؟
ماذا ستكون عليه النتيجة، من الان وصاعدا في لبنان؟
بالتأكيد، فان تلبية هذا المطلب، في هذا الظرف، ستفتح الباب امام تحول غير مسبوق في النظام السياسي اللبناني.
النظام السياسي في لبنان، هو الان حسب نص ومحتوى الدستور، يعادل نظاما مدنيا كاملا، قابلا للتطوير نحو صيغة اكثر تقدما وتماسكا وقوة . اذ ان الدستور الحالي لا ينص على طائفية الوظيفة لاحد، وتبقى مسالة تجاوز الطائفية السياسية امرا ممكنا، ومطروحا من باب الامل والمرتجى الاكبر والمامول، لمستقبل الاجيال اللبنانية من كل المناطق والطوائف والاتجاهات.
ففيما أتت الإشارات، من شابات وشباب لبنان، في اكثر من مناسبة، اخرها انتفاضة وومضة 17 تشرين 2019 ، تطالب بالمساواة وتجاوز الطائفية والمذهبية، يدفع الرئيس بري ومن معه، باتجاه معاكس لتطلعات أجيال لبنان الشابة، التي كادت تفقد الامل بوطنها ووبلدها فقدانا تاما.
في حال تلبية هذا المطلب الان، والقبول بتكريس وزارة المال للطائفة الشيعية ومن تقترحه حركة امل، فان هذا الامر سيفتح الباب واسعا امام كل الطوائف والمذاهب، لكي تطالب وتختار حقيبة تحصرها بها، او اكثر، وستفتح الباب الى تحول النظام السياسي اللبناني، من نظام الطائفية المقننة الخفرة الخجولة والمبطنة والمقنعة، بتطلعات وامال تقدمية في المستقبل، الى نظام الملل العلني الموزع على الطوائف والمذاهب. ويصبح مجلس الوزراء في هذه الحال عبارة عن مجلس الملل والطوائف والمذاهب المتحدة تحت سقف السلطة الإجرائية المفترضة! وحينها سينطلق سباق طائفي مذهبي، محموم مجددا، لاختيار وانتزاع وزارة اوحقيبة، لكل طائفة او مذهب او ملة. فمن يمنع عندها الموارنة من المطالبة بحقيبة او اكثر، على سبيل المثال؟ طلبا للحماية والانصاف وكذلك السنة والدروز وباقي الطوائف التي ستتناتش الوزارات والحقائب بشكل علني ومباشر.
هنا عمليا، سيصبح فيما لو قبل الرئيس المكلف بهذا الاقتراح، بمثابة إعادة لبنان الى ما يشبه صيغة المتصرفية، التي وضعت في القرن التاسع عشر، حيث توزعت الطوائف والمذاهب، على مجلس إدارة جبل لبنان آنذاك.
وهذا سيكون بمثابة نعي نهائي، لصيغة لبنان الدولة الحضارية المدنية المتقدمة، وتصبح صيغة الحكم في لبنان، منطلقا للتقسيم والشرذمة الموعودة في المنطقة، بالتكامل مع مشاريع التجزئة، المعدة من اطراف كثيرة، لمستقبل لبنان والمنطقة.
الرئيس بري، صاحب هذا المطلب، أي حصر وزارة المالية بالطائفة الشيعية، عمد الى الترويج لكلامه عبر المقابلة الشهيرة التي نشرها موقع "أساس ميديا"، مستندا في مطلبه الى شهادات رجال اصبحوا كلهم في عداد الأموات! والطريف ان رواية بري نفسها التي تقول بان حصر حقيبة المالية بالطائفة الشيعية طرحت في الطائف، لم تستطع ان تحصل على شهادة واحدة قوية وصلبة او مؤيدة لهذا المطلب، وتؤكد ان ذلك جرى خلال اجتماعات ونقاشات اتفاق الطائف .
انبرى من عاصر وعايش اجتماعات الطائف، الى نفي ازعومة بري ومنهم الوزير والنائب السابق بطرس حرب، وادمون رزق، وخالد قباني كاتب ومقترح، اغلب بنود التعديلات الدستورية التي اقرت، وكان اخرهم حليف وصديق الرئيس بري اللدود، النائب السابق وليد جنبلاط الذي اكد في حديث لصحيفة عكاظ، ان الطائف لم يقرر هذا الموضوع ولا وجود لهكذا قرار في الطائف.
في المحصلة، اُسقطت حجة بري المفتعلة عن طريق من هم احياء حتى الان.
في هذه الحالة، ما هو الحل امام الرئيس المكلف، الذي أوضح بشكل حازم، انه من اهل المرونة، وضد سياسة الاستبعاد، ليؤكد ان الدستور لم يحصر اي حقيبة باي طائفة، كما لم يمنع أي طائفة عن أي حقيبة؟
يبقى في هذه الحال الحل الممكن، وهو ان تعطى حقيبة المال في الحكومة المقبلة لاحدى الشخصيات الشيعية، لكن من خارج التسمية التي يقترحها بري او الثنائي حركة امل وحزب الله.
على ان يكون من يتولى الحقيبة شخصية شيعية من اختيار الرئيس المكلف، على ان تحظى بطبيعة الحال بالكفاية والخبرة والسيرة الحسنة المطلوبة لوزير مال، قادر على التفلت من الضغوط والحزبيات الدكنجية الضيقة والتطلع لنهوض واصلاح لبنان على المستوى النقدي والمالي. على ان يتم الاحتكام الى مجلس النواب باعتباره المؤسسة الوحيدة القادرة على الحسم ومنح الثقة او حجبها.
مع التاكيد، على ما ورد في خطاب القسم لرئيس الجمهورية، حول اعتماد المداورة في المناصب من الان وصاعدا.
هل سيرضخ الرئيس المكلف لمطالب إعادة الدولة والنظام الى الخلف؟ ام سيعتمد حلا قابلا للحياة، والمواجهة، يحقق لكل طرف قسما من مطالبه، لكي تبقى صورة الدولة بحدها الادنى موجودة؟ مع امل بالتطوير، وصيغة التفاهم بين أطرافها من دون ان تحال الى التقاعد والخراب والاندثار المبكر، على قاعدة "لا يموت فيها الديب ولا يفنى الغنم".


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top