يرى مراقبون أن تسليم السلطة الذي تم بشكل سلس وسلمي من قبل آخر حكومات النظان السوري، إلى محمد البشير آخر رؤساء حكومة الإنقاذ، التابعة لهيئة تحرير الشام، أتى لقطع الطريق أمام النظام القديم لمناصفة الحكم، بينما يرجحون أن البلاد ستمر بمرحلة انتقالية سيعمها بعض الفوضى لكن دون ترجيح حدوث أي نزاعات فصائلية أو إراقة للدماء.
بالتوازي، يصعب التكهن بشكل الحكم الجديد لسوريا في ظل حالة التموضع الحالية التي تجعل البلاد منقسمة إلى 3 كانتونات، أكبرها ستديره حكومة البشير الجديدة ويسيطر على أكبر مدينتين في سوريا هما دمشق وحلب، بينما تستمر كل من الحكومة المؤقتة في إدارة المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني المدعوم من تركيا، شمالي البلاد، وقوات سوريا الديمقراطية في إدارة مناطق شرقي الفرات الغنية بالموارد النفطية والزراعية.
إنهاء النظام السابق
ويرى المستشار القضائي خالد شهاب الدين أن "هناك جهات دولية تحاول فرض القرار 2254 على السوريين، على الرغم من أن النظام قد سقط والثورة انتصرت وبالتالي صار القرار من الماضي، ولن يكون شكل الحكومة الانتقالية بمثابة تقاسم للسلطة بين الحكم الجديد والنظام القديم".
ويوضح شهاب الدين أن تعيين البشير كرئيس للحكومة في دمشق، يهدف إلى "قطع الطريق أمام عودة النظام القديم أو إعادة تعويم المنظومة التابعة له، لأن جميع الموظفين المنشقين سيلتحقون بالوزارات والهيئات التي كانوا يشغلونها". ويضيف أن اليوم التالي لسقوط النظام لن يكون كارثياً، بل بالعكس ستشهد البلاد وضعاً أكثر انضباطاً مع تجنب إراقة الدماء وعودة الموظفين إلى دوائرهم.
وحول محاسبة مجرمي الحرب، يرجح شهاب الدين أن "الأولوية الآن للحكم الجديد، هو تحقيق الأمن وضبط البلاد، ثم ستأتي مرحلة العدالة الانتقالية التي ستتم من خلال مؤسسات قضائية يتم تشكيلها لاحقاً"، مؤكداً أن "سوريا لن تشهد أي صراع فصائلي على السلطة".
ويتابع أنه بعد إنهاء ترتيبات انتقال السلطة من حكومة النظام السابق، سيتم العمل على إعلان دستوري يلغي العمل بدستور 2012، ثم تشكيل لجنة تأسيسية لصياغة العقد الاجتماعي وطرحه للاستفتاء، ثم إجراء انتخابات بالتوازي مع إصدار قوانين جديدة تخص الانتخابات والأحزاب والإدارة المحلية.
ويتوقع أن "الحكومة الجديدة ستلجأ في وقت لاحق إلى حصر السلاح بيد الدولة، وتوزيع قوى الأمن الداخلي بين المدن، وإنهاء المظاهر المسلحة في وضع يشبه ما حدث في حلب بعد تحريرها، علما أن تقييم الحكومة الجديدة بالنسبة للسوريين، سيعتمد على أدائها".
تجاوز القرار 2254
وتمر البلاد حالياً وحتى فترات مقبلة، بما يُطلق عليه الكاتب والمحلل السياسي فراس علاوي "مرحلة الصدمة المترتبة عن سقوط النظام، وهي مرحلة ستشهد بعض الفوضى مهما كانت الترتيبات الأمنية والإدارية عالية".
ويضيف علاوي أن "هناك على ما يبدو انتقال سلس للمؤسسات الحكومية من السابقة إلى الحكومة الجديدة"، لافتاً إلى أن مدة المرحلة الانتقالية التي ستمر بها سوريا، تعتمد على قدرة الحكومة الجديدة على الانتقال من الواقع السوري المتردي من جميع النواحي، مع حلحلة جميع الملفات العالقة سواء الداخلية أو الإقليمية والدولية.
وحول توليفة الحكم الجديد، يرجح علاوي أننا سنرى دوراً واضحاً لقادة إدارة العمليات العسكرية التي أسقطت النظام، في إدارة الفترة الانتقالية، بالتوازي مع دور لبعض شخصيات النظام السابق التي لم تتلطخ أياديها بالدماء، مع مشاركة لبعض السياسيين والأكاديميين والتكنوقراط.
ويرى علاوي أن "دخول الثوار إلى دمشق، يعني أن سوريا تجاوزت القرار الدولي 2254، أي أنه سيتم التعامل مع الحكومات المسيطرة على المناطق المختلفة، مثل قسد، والحكومة المؤقتة، والحكومة التي ستشكلها إدارة العمليات العسكرية، كأجسام نهائية".
وحول البيروقراطية العسكرية القديمة والتي تهاوت بشكل كبير على مدار أكثر من عقد، يرجح علاوي بقاء الكتلة الأساسية من جيش النظام حيث سيتم الحفاظ عليها مع معاقبة المجرمين من المؤسسة العسكرية، وذلك على اعتبار أن قادة هيئة الأركان كانوا جزءاً من عملية الانتقال السلمي للسلطة.