2024- 06 - 17   |   بحث في الموقع  
logo بالصور: شهيد اثر استهداف سيارة عند اطراف الشهابية logo للسنة الثالثة على التوالي... صادرات اسرائيل العسكرية تسجل "أرقامًا قياسية" logo البنتاميرون...حلم نابوليتاني محوَّر من شكسبير logo مسؤول فرنسي: نطالب بتهدئة حرب غزة للتفاوض على الجبهة اللبنانية logo "إطار ثلاثي"... حديثٌ إسرائيلي حول ضرورة شن حرب كبيرة على لبنان logo بالفيديو: خرق جدار الصوت فوق معظم القرى الجنوبية logo مسؤول إسرائيلي: التركيز سيتحول إلى لبنان في الأسابيع المقبلة logo أوكرانيا: جنود من مجتمع الميم يشاركون في مسيرة الفخر
"أنورا" المتوّج في "كانّ".. هجاء كوميدي للحلم الأميركي
2024-05-26 09:25:37


فاز الفيلم الكوميدي "أنورا" للمخرج الأميركي شون بيكر بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي أمس السبت. ويحكي الفيلم قصة راقصة شابة تتعرَّف على ابن أحد الأثرياء الروس الذي يقع في حبها وتبدأ مغامرتهما معاً.
كما لو أن الأخوين صفدي قد أخرجا نسخة للبالغين من الفيلم التسعيني الأيقوني "وحدي في المنزل"، يأتي فيلم شون بيكر الجديد عملاً كوميدياً سريع الوتيرة ومكثفاً ومبهجاً، يتمثّل أعظم إنجازاته في استعادة الدافع الكوميدي الفائق لأفضل أفلام النوع في عصره الذهبي، ولكن منقولاً إلى الواقع الاجتماعي والاقتصادي لعصرنا الحالي، عصر المال المعولم والتجاوزات بجميع أنواعها. يستعيد "أنورا" أيضاً الروح العدوانية والمتمردة للعديد من أفلام السبعينيات ويضيف لمسة من الخفّة اللائقة بشخصٍ قرّر عدم أخذ ما يقوله بطريقة جدّية مفرطة.
المرجع الآخر الذي يمكن الوصول إليه لفهم ما يدور حوله "أنورا"، بالمعارضة، فيلم تسعيني أيضاً والمعني هنا "امرأة جميلة" (1994، غاري مارشال)، حيث أن ما يُسرد هنا هو العلاقة الرومانسية الناشئة بين مليونير وعاملة جنس. ولكن هنا تنتهي المشابهة. صحيح هناك شيء من الحكاية الخيالية هنا - فتاة ذات دخل منخفض تكتشف الحياة الجيدة والمجوهرات والملابس باهظة الثمن من خلال الارتباط برجلٍ ثري - ولكنها مرشّحة مبالغ فيها وفي النهاية جوفاء تماماً وغير مستدامة، مهما وأينما نظرت إليها. المليارديرات اليوم لم يعودوا كما في السابق. والحبّ مجرد ورقة موقّعة بين الطرفين ولا تفيد كثيراً في النهاية.
ميكي ماديسون هي البطلة الحصرية لهذا الفيلم الاستثنائي. تتألق ممثلة مسلسل "أشياء جميلة" Better Things بأداء يفيض كثافة وطاقة لا يمكن إيقافهما. تلعب دور أنورا، وهي فتاة تبلغ من العمر 23 عاماً تعمل في نادٍ للتعري في نيويورك، وتكسب عيشها من خلال الرقصات الخاصة والزيارات المنزلية العَرَضية أو خارج النادي. ذات ليلة "أمرها" صاحب الملهى الليلي أن تعتني بشابٍ روسي يُدعى إيفان/فانيا (اللطيف جداً مارك إيدلشتاين)، حيث أن الفتاة من هذا الأصل وتفهم اللغة بشكل أو بآخر وتتحدثها قليلاً. في الواقع، إنها لا تحتاج إلى ذلك حقًا، نظراً لأن فانيا البالغ من العمر 21 عاماً رجل متحمس يملك الكثير من المال، وبعد وقت قصير من مقابلتها، يطلبها لجلساتٍ منزلية يدفع مقابلها آلاف الدولارات في الساعة.
حين نقول "منزل" فالمقصود قصر فاره من عدة طوابق وغرف غزيرة، مع مرآب يحوي عدة سيارات جديدة ويبدو أن كل شيء مزيّن من قبل شخص على حافة الذوق السيئ دون الوقوع تماماً في هاوية الفن الهابط. وسرعان ما تكتشف آني -كما تحبّ أن تُنادى- أن الصبي ابن أحد الأثرياء الروس، الذين لا يعرف المرء كيف حصلوا على أموالهم، وأن هذا أحد المنازل العديدة التي يمتلكها. الحقيقة أن فانيا متحمس، ولطيف، ويتواصل معها، ويدعوها لقضاء المزيد والمزيد من الوقت معاً (يدفع لها بالساعة أولاً ثم بالأسبوع لاحقاً)، وهي سعيدة بذلك. بشكل أساسي، بسبب الأموال الواردة (تتقاسم آني منزلاً صغيراً في ضواحي نيويورك مع شقيقتها)، ولكن أيضاً لأن فانيا لطيف ولديه أصدقاء مرحون ولا يبدو أنه يشكّل أي خطر. ليس حباً أو عشقاً، هذا واضح جداً، لكن بالنظر إلى الخيارات، فهو ليس سيئاً على الإطلاق.
في رحلة مع الأصدقاء إلى لاس فيغاس وبعد ليلة أخرى من الشرب والاحتفال، يتقدّم فانيا لخطبة آني. إنها طريقة بالنسبة إليه للتوقّف عن الاعتماد على والديه والحصول على الجنسية الأميركية، كما يقول، ولكنه في الوقت نفسه يبدو مغرماً بالفتاة. تقبل آني عرضه، وتترك عملها ويبدو أن كل شيء يسير على ما يرام حتى يكتشف والدا الشابّ الأمر، ويرسلان "رجالهما" - بلطجية روس وأرمن أقوياء البنية - لتسوية الأمر، ويصاب فانيا بالذعر ويهرب بمفرده، تاركاً آني للتعامل مع الحرّاس الأشدّاء. وهكذا يبدأ فيلم ثانٍ من هذا الوضع: مجموعة خرقاء من بلطجية الأوليغارشية الروسية ينهزمون مرات عديدة أمام ذكاء وعدوانية وشجاعة الفتاة الصغيرة ولكن القوية من برايتون بيتش، نيويورك.
يوضّح بيكر نواياه الكوميدية منذ اللحظة التي قرّر فيها عدم استخدام الأسلحة أو المواقف الخطيرة الفعلية. ففي حين يتضح التوتر والعنف الجسدي بجلاء، فإن مخرج "مشروع فلوريدا" يهندم كل شيء باعتباره كوميديا ​​تهريجية، نسخة من "توم وجيري" حيث تنكسر الأشياء ويتعرّض الناس للضرب، ولكن لا شيء يقع في خانة "الحياة أو الموت". وهذا الاختلاف مع المتوقَّع أحد القرارات العظيمة التي اتخذها الفيلم. بعبارة أخرى توضيحية، ليس من المناسب أن نقول أكثر مما يحدث في الدقائق القليلة الأولى، ولكن ما يبدأ كـ"سندريلا"، يستمرّ كـ"امرأة جميلة" Pretty Woman، وينجرف إلى "أثر الثمالة" The Hangover، ويمتلك أشياء من "Uncut Gems"، ثم يصبح نسخة محدَّثة من "بعد ساعات" After Hours. يقوم بيكر بتصوير كوني آيلاند بشكل لم يسبق له مثيل، ويجرّب يده في أنواع فيلمية متعددة ويتفوَّق فيها جميعاً، بالرغم من سيادة الكوميديا​. التفاعل الناتج بين ماديسون وإيدلشتين أولاً، ثم المساهمات المضحكة التي لا تقل إمتاعاً مع الثلاثي توروس (كارين كاراغوليان)، وغارنيك (فاشي توفميسان)، وإيغور (يورا بوريسوف)؛ تجعل من "أنورا" متعة سينمائية نادرة في هذه الأيام من الإنتاج المحسوب والمتوقَّع والصائب سياسياً.
منشغلاً بالعاملين والعاملات في صناعة الجنس، وبالاختلافات الطبقية والشقوق والتناقضات في المجتمع الأميركي، يجد السينمائي المستقل شون بيكر في "أنورا" فيلمه الأكثر شعبية وتجارية (على الرغم من أن مدته البالغة 138 دقيقة قد تكون مفرطة بالنسبة للجمهور العام) ومن الواضح أنه الأكثر حدّة ومتعة في مسيرته المهنية. لافتٌ في مشهديته، كما في الحوارات الثاقبة، وتنوّع النغمات والمناخات، وقبل كل شيء في الأداءات التمثيلية الرائقة والممتعة. نعم، هذا فيلم يستحق السعفة الذهبية.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top