2024- 06 - 17   |   بحث في الموقع  
logo خوف لبنان من المحكمة الجنائية الدولية: سلطة تتهيّب العدالة logo "لم يعد موجودًا"... نتنياهو يعلن حل مجلس الحرب الإسرائيلي! logo "الدفاع المدني" ينقذ مواطنة من داخل مصعد في مار مخايل logo نازحو الجنوب يزورون قبور أمواتهم: العودة ليست قريبة logo محامو "أمل" رأيُهم مُصادَر: مهندس يقودهم إلى الفشل النقابي logo بايدن "يتجمّد" مُجددًا... وأوباما يُساعده! (فيديو) logo يزبك: الجيش الاسرائيلي مهما تغطرس وتجبر لن يغير قناعتنا logo بمناسبة زيارة بارولين... سعيد: الطائف مشروع للمستقبل!
الليرة السورية و"السرطان الرئاسي"
2024-05-26 06:25:36


تميّزت تعاملات أسواق الصرف السورية، باستقرار لافت لليرة، خلال الأيام الخمسة الفائتة، من دون أن تسجّل أي تأثُرٍ يُذكر بإعلان إصابة زوجة رأس النظام، أسماء الأسد، بسرطان الدم. واللافت أكثر، أنه بعيد تأكيد مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، يوم الاثنين الفائت، وفيما كانت العملة المحلية الإيرانية تعاني من خضّة خسرت معها نحو 8% من قيمتها، كانت الليرة السورية تُنهي شهراً من الاستقرار، لتسجّل تحسناً طفيفاً مقابل الدولار.
وهنا، لا مجال، للوم الليرة. فأسواق الصرف لا تملك مشاعر. وهي تعكس نظرة الناس للمستقبل القريب، ومدى ثقتهم باستقراره. لكن من الغريب لتلك العملة أن لا تتحرك قيد أنملة، إثر خبرٍ قرأه الكثيرون على أنه إزاحة للمرأة المتحكمة بجانبٍ كبير من المشهد الاقتصادي السوري.
فمنذ العام 2011، تذبذبت الليرة مع تذبذب الأوضاع الأمنية لنظام الأسد. وكانت كالقشة التي يحركها أي حدثٍ أمني، مهما كان محدوداً. حتى تحوّلت إلى تعبير نقدّي عن مدى الموثوقية ببقاء النظام. وبعد أن فقدت نحو 93% من قيمتها، حتى منتصف العام 2016، ومع تحوّل دفة الصراع المسلح لصالح النظام، بدعم روسيّ، وزوال التهديد الوجودي له، عبّرت الليرة عن ذلك أفضل تعبير، واستقرت في السنوات الثلاث التالية، بصورة جعلت حاكم المصرف المركزي الأسبق، دريد درغام، يتغنى بـ "إنجازاته"، على هذا الصعيد.
وفي العام 2018، وفيما كان سكان غوطة دمشق يتعرضّون لتهجيرٍ، أنهى معه النظام ذاك الجيب المزعج له في خاصرة العاصمة، كانت الليرة تسجّل واحدةً من أفضل أسعارها مقابل الدولار. وبعيد ذلك بأيام، ومع تلويح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بضربة عسكرية – تأديبية- للنظام، جراء استخدامه السلاح الكيميائي، تدهورت الليرة سريعاً.
أما ما حدث في رمضان 2020، فكان أكثر وضوحاً لجهة فهم المعادلات الحاكمة لتذبذب العملة السورية. ففي حين يُعرف عن رمضان أنه الشهر الذي تنتعش فيه الليرة، بدفعٍ من تزايد حوالات المغتربين لأهاليهم في الداخل، كان رمضان 2020، الأسوأ في تاريخ العملة السورية، إذ فقدت نحو 35% من قيمتها، بدفعٍ من جملة عوامل، أبرزها، تفاقم الأزمة المصرفية اللبنانية، مع تزايد الطلب على الدولار في لبنان، مما انعكس شحاً في مصادر الدولار التي كان يعتمدها التجار السوريون في البلد الجار، حينها، مضافاً إليه أزمة كورونا والإغلاق الاقتصادي، وتراجع نسب الحوالات، كنتيجة لذلك. قبل أن يفاقم صعود أزمة رامي مخلوف مع ابن عمته -بشار الأسد- إلى السطح، من الأثر السلبي على الليرة. والحيثية الأخيرة، تستحق الوقوف عندها قليلاً. إذ كان لإزاحة أقوى شخصيات النظام الاقتصادية، وقع الصدمة، على أسواق الصرف. وجرى الحديث عن رجال أعمال هرّبوا جانباً من ثرواتهم خارج البلاد، حينها.
تلك الخلفية كانت ضرورية، للخروج بالخلاصة الآتية، ومفادها، أن أسواق الصرف السورية لم تقرأ إعلان إصابة أسماء الأسد بالسرطان، بالصورة المتوقعة. ورغم كل الجدل الذي تسبب به هذا الإعلان، في أوساط النشطاء السوريين، إلا أن مجتمع الأعمال السوري تعامل معه ببرودٍ لافت.
لا تدفعنا الخلاصة آنفة الذكر، إلى تأييد تلك النظرية التي تقول إنه جرى تضخيم دور أسماء الأسد في الانفراد بالمشهد الاقتصادي للبلاد. فهذا الدور، كان مشهوداً ، بشهادات عيان كثيرة من داخل مجتمع الأعمال السوري، على مدار السنوات الأربع الفائتة، حتى أن أصداءه وصلت الى وسائل الإعلام العالمية، في أكثر من تحقيق صحافي. ونشاطات المكتب السرّي في القصر الرئاسي، وتحكمه بنشاط التجار والصناعيين، وفرض الإتاوات عليهم، والتضييق على بعضهم، تحوّل إلى سببٍ رئيسي من أسباب غضب الحاضنة الموالية للنظام، في الساحل، وخرج بشكل مباشر، على ألسنة نشطائه الذين انتفضوا –عبر وسائل التواصل- في نهاية الصيف الفائت، قبل أن ينجح النظام في ضبطهم، واستعادة التحكم بهم، مجدداً.
إذاً، كيف نقرأ برود الليرة ومجتمع الأعمال السوري حيال إعلان ابتعاد أسماء الأسد عن "العمل المباشر"؟ يمكن فهم ذلك من زاوية أنه إجراء مضبوط من جانب رأس النظام شخصياً. فالأخير مصدر نفوذ وقوة زوجته. واستخدام إصابتها بمرض السرطان مجدداً –إن كان ذلك صحيحاً- للإيحاء بإزاحتها من المشهد، يعني أن للأسد مآرب من عملية الإبعاد تلك. ولا بد أن رجال الأعمال المقرّبين من النظام، مطلعون على طبيعة هذا الإجراء المضبوط، بحكم صلاتهم بمتنفذين داخل تركيبة النظام. ويعلمون أن لا خضّة تهدد استقرار النظام أو تركيبته. لذا لم ينعكس الخبر على أسواق الصرف أو على نشاطات مجتمع الأعمال السوري. فما يحدث مجرد إعادة ترتيب للأدوار، يستهدف الداخل، من جهة، تحديداً، الحاضنة الشعبية –العلوية- المستاءة بشدة من أسماء الأسد ونفوذها الاقتصادي المضرّ بمعيشتهم، ويستهدف الخارج، من جهة ثانية، تحديداً، المانحين الخليجيين الذين من الممكن أن يموّلوا صندوق التعافي المبكر الذي تعتزم الأمم المتحدة إطلاقه من دمشق، صيف العام الجاري، عبر طمأنتهم بأن مرور هذا التمويل سيكون بمأمن من نفوذ أسماء الأسد وذراعها التنظيمي "الأمانة السورية للتنمية"، وأن طاقماً اقتصادياً جديداً، سيدير المشهد الاقتصادي للبلاد.
وسواء كان إبعاد أسماء الأسد عن الواجهة، تكتيكياً، بمعنى ابتعادها عن الأضواء، مع بقاء نفوذها فاعلاً، أو كان حاسماً ونهائياً، ففي الحالتين، سيُحال هذا النفوذ إلى زوجها. الذي كان صاحب الكلمة الأولى في ولادة هذا النفوذ، أساساً.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top