2024- 06 - 16   |   بحث في الموقع  
logo غارات وقصف على طول الحدود.. ومستوطنات الشمال "قرى أشباح" logo في غارة جوية... الجيش الأميركي يستهدف "قياديًا عالميًا" لداعش logo المدفعية الاسرائيلية "تقصف" أطراف الناقورة ووادي حامول logo مسؤول إسرائيلي عن مقترح بايدن: رد حماس "سلبي"! logo الجيش الإسرائيلي "يزعم" اعتراض هدف جوي مشبوه فوق الجنوب logo "12 دولة"... غياب الاجماع في البيان الختامي لِقمة أوكرانيا logo الأردن تعلن وفاة 14 حاجا وفقدان 17 آخرين! logo حادثة "مؤلمة"... طفلة الـ6 سنوات تتعرض للضرب المبرح في بعلبك
"الجيل القلِق".. في مهبّ الجائحة العقلية
2024-05-24 12:26:47

"وباء، كارثة، جائحة، تراجيديا، رعب حقيقي وعالمي".. عبارات لا تتّصل بكوفيد أو فيروس شبيه، بل تحتشد في كتاب "الجيل القَلِق" الصادر حديثاً لعالم النفس الاجتماعي الأميركي جوناثان هايدت، والذي يطرح "جائحة انهيار الصحّة العقلية" للجيل الشابّ المعروف باسم الجيل زي (GenZ)، ذي العقل المتّصل بأسلاك الأجهزة الذكية والانترنت.
ليست هذه العبارات الصادمة من مبالغات التسويق ولفت النظر، بل تأتي في سياق الأبحاث العلمية التي أورد هايدت رسومها البيانية وأرقامها في كتابه، والتي كما يبرهن هايدت ومراجعاتُ أبرز الصحف الأميركية المحتفية بالكتاب، تأتي استتباعاً لدراسة الكاتب المشتركة مع الباحث غريغ لوكيتنوف في كتابهما الرائج والأكثر مبيعاً في لائحة "نيويورك تايمز"، "تدليل العقل الأميركي: كيف تعدّ النوايا الحسنة والأفكار السيئة جيلاً فاشلاً" الصادر العام 2018.
يعرض هايدت "لأمر جلل" حدث لمواليد ما بعد العام 1995 في أميركا والعديد من دول العالم في الوقت نفسه. فجأة، مع العشرية الأولى من القرن الواحد والعشرين، انهارت صحة أولئك اليافعين العقلية، ارتفعت معدلات القلق والاكتئاب والإحباط وإيذاء النفس، فمثلاً ارتفع هذا الأخير إلى 150% عند الفتيات بينهم، وارتفعت نسب الانتحار 50%!
من طفولة اللعب إلى طفولة الهواتف
يقسم الباحث هذه "التراجيديا" كما يسمّيها إلى فصلين أساسيين: الأول هو "فقدان الطفولة المبنية على اللعب"، الذي بدأ في تسعينيات القرن الماضي، حين لم يعد الأطفال يخرجون للعب مع أصدقائهم بعد الدوام المدرسي وفي العطلات من دون مراقبة الكبار كما كان الحال منذ آلاف السنوات، وما عادوا يكتسبون المهارات الاجتماعية والدفاع عن النفس، ولا يتعرّضون لبعض المخاطر ليتحصّنوا منها، إذ بدأ الأهل يحبسون أطفالهم في المنازل بدافع حمايتهم.
لكنّ الصحّة العقلية لم تنهَر آنذاك، بل بقيت ثابتة حتى بدأ الفصل الثاني من حياة هذا الجيل، وهو بعنوان "الطفولة المبنية على الهواتف". حين ظهر الآيفون كان معظم الأطفال يحمل هواتف خليوية من دون كاميرا ولا داتا عالية السرعة، لكنهم مع 2015 حملوا كل هذا معاً، وتشوّهت معالم الطفولة البشرية مذّاك وصارت أكثر هشاشةً.
عالم المراهقات: الأكثر حلكةً
يطلق الكتاب النفير العام حول هذا الوباء العصبي الذي اجتاح حياة اليافعين، والذي تعود جذوره للفترة الخطيرة بين 2010 و2015. والأنباء الأسوأ هي المتعلّقة بالفتيات، ففي زمن الوباء العقلي، تبيّن الرسوم البيانية أرقاماً مرعبة لمعدل قلق الفتيات في أميركا ودول أخرى حول العالم منذ 2013، التي ارتفعت بشكل بارز، ومعها معدّلات الإحباط وإيذاء النفس ومحاولات الانتحار لديهنّ. لماذا الفتيات؟ لسبب أوّلي شائع وهو أنّ مرحلة بلوغهنّ تسبق بلوغ الذكور.
في سياق تناوله لهذه الفئة العمرية، يبيّن هايدت أن دماغ الطفل في عمر الثالثة عشرة يكون مكتمل الحجم، لكنه في بدايات مرحلة التصميم، حيث يختار الدماغ أي الخلايا العصبية ستنجو وأيّها لا. توصيل الأسلاك العصبية في مرحلة البلوغ يصير خطيراً وحساساً، ففيها يتم تجديد عواطف للأطفال وتكوين بدايات الرغبات الجنسية. يصيرون عاطفيين للغاية وهشّين، عاجزين عن السيطرة على أنفسهم، ضارباً المثل في استخدام "تيك توك" وعدم القدرة على التوقّف أو التحكم بوقت استخدامه، مفنداً كيف تغذّي هذه المنصّات الإلكترونية مقارنة اليافعين أنفسهم بالآخرين، وعزلتهم وهوس الكمال والإدمان وتشتّت الانتباه والميل للوحدة واضطرابات النوم...
جحيم افتراضي
"نحن نتّجه نحو الجحيم"، هكذا يخلص هايدت، فالجيل "زي" الذي يلتحق بالجامعة الآن غير مستعد للعيش المستقل والاعتماد على النفس، وهو تلقّى الكثير من العلاج النفسي والعصبي، بسبب هوسه بالهواتف والانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي... هذا العالم الافتراضي قلّص مساحة الحياة الاجتماعية الطبيعية، وتظهر تحقيقات هايدت أن نسبة قضاء الوقت مع الأصدقاء انخفضت 65% في 2010 في أميركا، مؤكداً أن التراسل الرقمي والتشات وتبادل الإيموجيز ليست صداقة اجتماعية صحّية، بل تعزّز شعور اليافعين بالوحدة وتقف خلف انهيار صحّتهم العصبية والعقلية. يشدّد هايدت على ضرورة مراقبة المحتوى المعروض على النت وهو بغالبيته لا يناسب الأطفال، الملاحقين من جهات جشعة تقدّم لهم محتويات جنسية إباحيّة وأخرى عنيفة، مستشهداً بترند "قتل قطّة في الخلاط" الذي راج في أوساط المراهقين والأطفال.
في البحث عن الخلفيات الأوسع يعود هايدت إلى الأزمة الاقتصادية العالمية العام 2008 وكارثة كوفيد العام 2019، نافياً أن يكونا السبب في وباء اليوم، لأن الاقتصاد عاد للتحسن لاحقاً والوباء العصبي ترسّخ قبل انتشار كوفيد 19.
خطّة طوارئ لطفولة إنسانية
رغم كل القتامة، يعرض هايدت خطّة إنقاذ على مدار سنتين فقط. يكتب بوضوح: "يمكننا حل الكارثة في سنة أو اثنتين، لكن جميعنا معاً". برأيه بدأ البشر الكارثة معاً وعليهم أن يخرجوا منها معاً وفي وقت واحد. كل ربّ أسرة اشترى جهازاً ذكياً لابنه لأن أقرانه يحملون هاتفاً، الآن عليهم عكس الأمر ببساطة. الخطّة مكوّنة من خطوات عديدة، أبرزها أربع:
1- لا هواتف ذكية قبل بلوغ الطفل المرحلة الثانوية. في حال اضطر الطفل إلى الاتصال بأهله فعبر "هاتف غبي" كما يصفه، من دون انترنت.
2- لا سوشيال ميديا قبل 16 سنة. ونفهم هذا الرقم بالنسبة للمجتمعات الغربية وفي أميركا تحديداً هو عمر السماح بقيادة سيارة والممارسة الجنسية.
3- حظر الهواتف في المدارس. يدعو الكاتب أن يبدأ هذا "القانون الاجتماعي التربوي" في أيلول المقبل، لأن هذه الهواتف لا تجعل الأطفال أكثر وحدة وقلقاً فقط بل أقلّ ذكاء أيضاً، مبيّناً كيف انخفضت نتائج الطلاب المدرسية حول العالم منذ 2012 وزادت نسب عدم التركيز وضعف الذاكرة.
4- تشجيع الأطفال على الألعاب الحرّة والجماعية واتّخاذ المسؤولية في العالم الواقعي. "لا يكفي أن نأخذ منهم الهواتف الذكية، بل يجب أن نعطيهم طفولة إنسانية حقيقية".



المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top