2024- 06 - 16   |   بحث في الموقع  
logo بالفيديو: الاعتداء على الفلسطينين في المسجد الأقصى قبيل الصلاة logo "الجبهة الشمالية" تعرض اسرائيل لِضربة اقتصادية هائلة! logo كادت تطال المنازل... الدفاع المدني يخمد النيران في أحراج عيتات! logo للحفاظ على الأمن... "كوميميوت" تصل الى إسرائيل اليوم! logo الخطر يتزايد... إعلام "يعترف": حزب الله يعمل بتطور أكبر من تطور إسرائيل logo غارات وقصف على طول الحدود.. ومستوطنات الشمال "قرى أشباح" logo في غارة جوية... الجيش الأميركي يستهدف "قياديًا عالميًا" لداعش logo المدفعية الاسرائيلية "تقصف" أطراف الناقورة ووادي حامول
هل دفعَ رئيسي ثمن مساعيه للسلام؟.. بقلم: إيمان درنيقة الكمالي
2024-05-24 12:26:42

ليست المرة الاولى التي تواجه فيها ايران حادثة فقدان رئيسها.


‏‎ففي عام 1981، تمّ عزل أول رئيس للجمهورية الإسلامية، أبو الحسن بني صدر، بعد عام واحد فقط من انتخابه. وتلا ذلك انتخاب محمد علي رجائي، الذي تعرض للاغتيال بعد شهرين فقط من توليه المنصب.


‏‎وبعد اغتيال رجائي، تم انتخاب علي خامنئي رئيساً للجمهورية، الذي نجا ايضا من محاولة اغتيال عام 1989، بينما أصيب بجروح خطيرة في يده اليمنى.


 ومع هذا، تختلف حادثة وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي عن جميع الحوادث السابقة.


 فلأول مرة في تاريخ إيران، يموت رئيس الجمهورية في حادث تحطم طائرة، ثمّ يتم العثور عليه “جثّة متفحّمة”.


 فما هي أسباب سقوط طائرة الرئيس الإيراني؟


وما هي تداعياتها على سياسة إيران مع مختلف دول العالم؟


هل يمكن اعتبار سقوط الطائرة مجرّد “حادث”، أم أنه نتيجة لمخططات مدبّرة ومفتعلة؟



لا شك أنّ الاحتمالين واردان، فالقضاء والقدر أمر لا يمكن الا التسليم به، والحوادث قد تحصل، خاصة اذا ترافقت مع ظروف طقس سيئة، ومكان كثيف بالغمام والضباب.


 إلّا أنّ هناك العديد من المؤشرات والدوافع التي تظهر احتمال وجود مخطّط مُدبّر وراء هذه الحادثة، وتثير  مجموعة كبيرة من علامات الاستفهام .



١- ظروف الحادث الغامضة: ‎ أن يتم الحادث اثناء عودة الرئيس من قمة أذربيجانية عقدت في قرية “نائية”، ومكان “وعر” وخطير للغاية في منطقة جلفا وأن تكون الطائرة التي يسافر فيها الرئيس طائرة من العصر الحجري في ظلّ غياب حراسة عسكرية، وأن لا تسقط الا الطائرة  التي تحمل الرئيس ووزير الخارجية  الايراني؛  بينما تصل المروحيتان الأخريان اللتان تحملان كبار المسؤولين والموظفين بسلامة، فكل  هذه الأمور  تثير العديد من التساؤلات والنظريات حول احتمالية استهداف الرئيس الايراني شخصيا.



٢- العلاقات الايرانية الاذربيجانية المتوترة: وفق الأدبيات الإيرانية، فإن ايران دائما تتهم الرئيس الاذربيجاني “إلهام عليف” أنه متحيز  لإسرائيل وقد فتح المجال لتل أبيب وللموساد، واتخذ من العاصمة الأذربيجانية “باكو” مكانا لإدارة العمليات الاستخباراتية ضد إيران.


وبالعودة إلى التاريخ،  وفي أزمة “ناغورنو كرباخ” تحديدا،  فقد وقفت ايران بوجه أذربيجان علمًا أن أذربيجان دولة شيعية مسلمة، وانحازت إلى ارمينيا وهي دولة مسيحية. بينما استعانت أذربيجان وفي وقت مبكر بإسرائيل لدرجة حملت مسؤولا أمريكيا للقول  أن “العلاقة بين أذربيجان وإسرائيل قوية جدا، فأذربيجان تعتمد على السلاح الإسرائيلي وإسرائيل تعتمد على البترول الأذربيجاني” .


اضافة الى علاقة أذربيجان باسرائيل، التي جعلت ايران تتجاوز الاعتبارات المذهبية والدينية وتقف مع أرمينيا، فلإيران وأذربيجان تاريخ من الخلافات، بدءا من النداءات  في اذربيجان منذ نيلها استقلالها عن الاتحاد السوفياتي في 19 آب 1991، بأن تضم إليها أراضي من إيران لإنشاء دولة “اذربيجان الكبرى”؛ وحتى المطالبات الايرانية لاعادة الإقليم الأذربيجاني الواقع على نهر اراس لايران، والذي تعتبره إيران  أراض “إيرانية” صرفة،  قبل ان تُهزم في حربها مع روسيا وتتنازل عنها قهرا في معاهدة تركمانشاي في 21 شباط 1828. وهكذا فان العلاقات الايرانية الاذربيجانية هي علاقات مضطربة ومتوترة ضاربة في التاريخ، وهي حتى القمة  الايرانية الاذربيجانية التي عقدت  في 19 أيار 2024 بهدف تدشين سد على نهر آراس الحدودي مع أذربيجان، لم تكن الا علاقة عداوة وخصومة كبيرة جدا.


٣- سياسات الرئيس رئيسي الانفتاحية:


‏‎عندما انتُخب إبراهيم رئيسي رئيساً لإيران في أيار 2021، وتولى السلطة في آب من نفس العام، ساد الاعتقاد بأنه شخصية يمينية متشددة وأنه سيتبع نهجاً ‎معادياً للدول الإقليمية، خاصة مع دول الخليج والولايات المتحدة الأمريكية، مقتديا بنهج ‎الرئيس محمود أحمدي نجاد وغيره من المحافظين في تاريخ إيران. لكن على عكس التوقعات، فاجأ رئيسي الجميع بسياسته الانفتاحية على المنطقة، حيث سعى لتحسين العلاقات مع الدول الإقليمية وتعزيز مكانة إيران على الصعيد الدولي.


 خارجيا، ‎أعاد رئيسي العلاقات الدبلوماسية مع كل من الكويت والإمارات، وأبرم بوساطة صينية، اتفاقاً هامّاً مع المملكة العربية السعودية في عام 2023، كما سعى جاهداً لتعزيز العلاقات مع مصر وتحسين صلات إيران مع تركيا في مختلف الملفات، ووقّع مع الصين اتفاقية لمدة 25 عاما بقيمة 400 مليار دولار في آذار  2021، التي ساعدته على اخراج ايران من عزلتها الدولية والالتفاف حول العقوبات القصوى الاحادية الجانب التى فرضتها الولايات المتحدة، معيدا نفط ايران إلى الواجهة رغم العقوبات. اضافة الى ذلك، فقد استطاع رئيسي ان يدخل إيران إلى منظمتي شنغهاي والبريكس.


‏‎ ولم يقتصر اهتمام الرئيس رئيسي على السياسة الخارجية فحسب، بل أولى اهتماماً كبيراً للشأن الداخلي الإيراني أيضاً. وسعى جاهداً لتعزيز الوحدة الوطنية وتحسين العلاقات مع مختلف مكونات المجتمع، وذلك من خلال القيام بزيارات ميدانية منتظمة، اذ حرص رئيسي على زيارة محافظة إيرانية كل أسبوع منذ توليه منصبه، وذلك للتواصل المباشر مع المواطنين والاطلاع على احتياجاتهم عن كثب. وعمل على تحسين العلاقات مع مختلف الأقليات الدينية والقومية في إيران. وعلى الرغم من وقوع عملية ضرب إيرانية باكستانية مشتركة، سعى رئيسي جاهداً لتهدئة التوتر مع باكستان وتعزيز العلاقات معها.


٤- التوقيت المُريب للحادث: جاءت حادثة تحطم الطائرة ووفاة الرئيس رئيسي في وقتٍ حرج للغاية، تزامناً مع إعلان إيران في 17 أيار 2023 ( أي قبل يومين من وقوع الحادث) ، واعلان أمريكا، عن محادثات سرية، جرت في سلطنة عمان، حول إعادة العمل بالبرنامج النووي.


‏‎لقد أثبت الرئيس إبراهيم رئيسي أنه زعيم براغماتي يسعى جاهداً لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، و نجح  في كسر الصورة النمطية التي كانت سائدة عنه وإثبات قدرته على الحوار والتعاون مع مختلف الأطراف، وأعاد الزخم والقوة لايران على المستويين الاقليمي والدولي.


‏‎قد تكون هذه الخطوات الجريئة هي التي اثارت قلق أطراف لم تكن بالحسبان، ودفعتها بالتالي للتفكير بمخططات لخلط الأوراق من جديد على الساحتين الاقليمية والدولية، عن طريق  إقصاء رئيسي وإزاحته عن هذا المشهد كليّا .


 في كل الأحوال،  من المبكر استباق الأحداث، فلا بد من انتظار المعلومات الصحيحة والوثائق. هناك احتمال أن يكون الحادث ناجماً عن سوء الأحوال الجوية،  كما أنّ هناك أيضاً احتمال أن يكون الحادث مدبراً، خاصةً في ضوء سياق العلاقات الإيرانية الأذربيجانية المتوترة وتوجهات رئيسي الانفتاحية.


وحتى لو تمّ التأكّد ان الحادث كان مدبّرا ومفتعلا، يبدو أنه من الافضل ان  يتم نسبه الى سوء الاحوال الجوية ، لتجنب اي “رد ” من قبل ايران،  قد  يجر المنطقة والعالم الى حرب جديدة.


 في الختام، لا تزال ملابسات وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي غامضة، وتثير العديد من التساؤلات حول أسباب الحادث وتداعياته على إيران والمنطقة.


يجب انتظار نتائج التحقيقات لمعرفة الحقيقة، لكن ممّا لا شكّ فيه أن هذه الحادثة ستترك آثاراً عميقة على مستقبل إيران والعلاقات الدولية بوجه عام…


الكاتبة الدكتورة إيمان درنيقة الكمالي – استاذة جامعية وباحثة سياسية 

(موقع سفير الشمال الإلكتروني)










ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top