2024- 06 - 14   |   بحث في الموقع  
logo توقيع اتفاقية أمنية بين لبنان وباكستان لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات logo تدابير سير في هذه المنطقة logo شو الوضع؟ عشية عيد الأضحى: لبنان بين حروب متواصلة وجرائم مريبة وانتظار تفعيل المشاورات الرئاسية! logo منطقة أمنية لـ"حزب الله"... جنرالٌ إسرائيلي يكشف! logo "خائف على بيروت"… جنرال لبناني يكشف عن مؤامرة "سورية اسرائيلية" على لبنان وأسرار الحزب "المدفونة"! logo تدابيرُ سيرٍ من نهر الموت باتّجاه الدّورة! logo إسرائيل تعترف: لسنا قادرين على مواجهة مسيّرات حزب الله! logo "لم يتبقَ سوى القليل"... لبنان قد يواجه حرباً "شاملة"!
سوريون إلى النيجر وانسحاب أمريكي منها
2024-05-21 08:25:37


حسب ما أُعلن يوم الأحد الفائت، توصلت الولايات المتحدة والنيجر إلى اتفاق يقضي بانسحاب القوات الأمريكية بحلول منتصف أيلول المقبل. الاتفاق توّج خمسة أيام من مفاوضات الجولة الأخيرة بين الجانبين، وكانت القوات الأمريكية "حوالى ألف جندي" قد باشرت بالانسحاب منذ شهر آذار الماضي، بعد مطالبة آنذاك من المجلس العسكري الذي يحكم النيجر منذ الانقلاب في 26 تموز 2023 على الرئيس محمد بازوم المنتخب ديموقراطياً.
يُذكر أن العسكر بعد أسبوع من انقلابهم ألغوا اتفاقيات التعاون العسكري التي كانت مبرمة مع فرنسا، وبموازاة ذلك خرج آلاف المتظاهرين في العاصمة نيامي للتعبير عن دعمهم المجلس العسكري حاملين أعلاماً روسية، ويُشاع الآن أن قوات أو مرتزقة روسيين قد تمركزوا في القواعد التي أخلتها القوات الأمريكية المنسحبة من البلاد. وفي مالي المجاورة كان العسكر قد انقلبوا نهائياً على السلطة المدنية في 24 أيار 2021، وشاعت تكهنات كثيرة حول علاقة الانقلابيين الوثيقة بموسكو بالاستناد إلى أن قادة الانقلاب تلقّوا دورات عسكرية في روسيا، والبعض منهم أمضى شهوراً أو أسابيع في روسيا قبل العودة لتنفيذ الانقلاب.
الأخبار عن السوريين في النيجر بدأت تتسرب منذ الصيف الماضي، إنما على نحو كان يصعب التأكد منه، وكان الأمر مقتصراً على مرتزقة قيل أنهم منتسبون إلى ميليشيات فاغنر الروسية التي نشطت في السنوات الأخيرة في أفريقيا. أي أن تلك التسريبات أقل بكثير مما أشيع عن مرتزقة سوريين قامت فاغنر بتجنيدهم للمشاركة في الحرب على أوكرانيا، وحينها كان الأمر شبه معلن، خاصة في الساحل السوري الذي شهد النسبة الأعلى من نشاط اجتذاب المرتزقة. قبل أوكرانيا، كان إرسال مرتزقة فاغنر السوريين إلى ليبيا على نطاق أضيق، في حين سرق الاهتمام نظراؤهم الذين جنّدتهم أنقرة لتعزيز نفوذها في ليبيا.
عاد المرتزقة السوريون إلى الواجهة قبل أسبوع، عبر تقرير لوكالة فرانس برس، هذه المرة من النافذة التركية ولمرتزقة ذاهبين إلى النيجر من مناطق النفوذ التركي في سوريا. الحديث هو عن تجنيد أكثر من ألف مرتزق حتى الآن، ينال الواحد منهم 1500 دولار شهرياً، تحت يافطة حراسة شركات ومصالح تركية في النيجر منها بعض المناجم. وتنقل فرانس برس، عن مصدر في فصيل يقاتل عناصره هناك، وجود قرابة 50 جثة موضوعة في البرادات ستُعاد إلى سوريا في الأيام المقبلة.
نفت وزارة الدفاع التركية تلك الأنباء، إلا أن فرانس برس التي أوردت النفي عادت إلى التأكيد على أن تجنيد المرتزقة مستمر، حيث يوقّعون عقوداً مدتها ستة شهور لصالح شركة الأمن التركية "سادات"، وتتولى قيادة فصيل السلطان مراد عملية التسجيل، وهو من الفصائل المقرّبة جداً لأنقرة في الشمال السوري. وبموجب ما يدلي به مقاتل سوري موجود في النيجر حالياً، يُفهم أن طائرة عسكرية تركية تولّت نقلهم أولاً إلى بوركينا فاسو، ثم اجتازوا الحدود إلى النيجر براً بعد تدريبات استمرت أسبوعين قرب الحدود. المصدر نفسه الذي ذهب رفقة مئتي مرتزق يقول أنه فُرز للعمل في حراسة منجم، وثمة مجموعة أُرسلت لقتال تنظيم بوكو حرام، وأخرى إلى "لومي" عاصمة توغو!
ومن المعلوم أن تنظيم بوكو حرام قد بايع إمارة داعش منذ عام 2015، وتوسعت نشاطات التنظيم الذي تأسس أولاً في نيجيريا إلى دول أخرى، خاصة النيجر ومالي وتشاد والكاميرون، وتسمية التنظيم تعني أن التعليم غير الديني حرام، ما ينطوي على أشد حالات التطرف والتكفير. خريطة نشاط التنظيم تتقاطع على نحو واسع مع نشاط روسيا وميليشيات فاغنر في الدول الأفريقية المعنية، وقد لا يكون التفجير الذي تبناه تنظيم داعش-خراسان في موسكو، في آذار الماضي، بعيداً عن تضارب المصالح في أفريقيا.
في النيجر، باعتبارها مرشّحة لتكون ساحة تنافس وحرب، هناك الجيش المدعوم من موسكو ومرتزقة فاغنر، وهناك تنظيم بوكو حرام، وإرسال المرتزقة السوريين عبر تركيا يشير إلى أن أنقرة راغبة بقوة في التواجد. ورغم عدم وجود أخبار عن وجود عسكري إيراني فإن ذكر طهران يتواتر ربطاً بمناجم اليورانيوم الذي يبدو أن السعي الإيراني إليها حثيث وجاد، خاصة مع انسحاب القوات الأمريكية. أي أن الساحة ستحتوي، فضلاً عن الجيش المحلي، ما هو معروف سورياً بثلاثي أستانة، وإلى جواره ما بات بمثابة فرع محلّي لداعش.
لو لم تقرر واشنطن الرحيل لكانت صورة اللاعبين في النيجر أشدّ شبهاً بنظيرتها السورية، وليس هذا وحده ما يشجّع على القول أن النيجر لم تعد بعيدة كما كانت من قبل، وربما لا يمر كثير من الوقت لنصبح على معرفة أفضل بتلك البلدان المجهولة من قبلنا. فذهاب المزيد من المرتزقة السوريين سيضع النيجر وما حولها على لائحة الاهتمام، وذهابهم يعني أيضاً استمرار أو تزايد الحاجة إلى المزيد من المرتزقة، ولصالح أكثر من جهة من الجهات الضالعة في الشأن السوري. ولن يكون محتّماً أن يتقاتل الأخوة السوريون الأعداء في النيجر كما فعلوا في بلدهم، فوكالة فرانس برس تنقل عن واحد من المقاتلين أنهم بُلِّغوا قبل الذهاب بإمكانية خوضهم المعارك من دون إخبارهم بشيء عن طبيعتها، ولا يُستبعد أن يجد هذا المقاتل الذي قاتل في سوريا وليبيا نفسه في الخندق ذاته مع سوري منتسب إلى ميليشيا فاغنر.
حدث من قبل مع ذهاب المرتزقة السوريين إلى ليبيا وأذربيجان وأوكرانيا أن كانت مشاركتهم في كل مرة مناسبة للتحسّر على الأوضاع المعيشية التي تدفعهم للعمل كمرتزقة، والتحسّر مبرر بالتأكيد، ويكفي لشرحه القول أن راتب المرتزق الذي أشرنا إليه أعلاه يعادل ما بين أربعين وخمسين ضعفاً لراتب أي مقاتل في سوريا من كافة الجهات المتحاربة. إلا أن ظاهرة المرتزقة كما نشهدها لها دلالة سياسية جديرة بالانتباه، فالذين يقودونهم إلى جبهات أخرى ضالعون في الشأن السوري مثلما هم ضالعون في جبهات وساحات أخرى، وهذا بطبيعة الحال يجعل من سوريا ملفاً من بين ملفات عديدة عالقة بينهم، ما يستوجب انتباهاً إلى الرزمة بأكملها.
ربما، من ناحية إيجابية، نعِم السوريون بالتهدئة على جبهاتهم بفضل اشتعال جبهات أخرى بين الفاعلين أنفسهم، وهذا غير مضمون دائماً إذ قد يحدث العكس. الأهم أن ما يُسمّى بالتسوية النهائية في سوريا يصبح أبعد كلما انخرط اللاعبون في المزيد من الساحات، وزادت مع انخراطهم فرص المقايضة الجزئية على حساب الإقفال النهائي للملفات. في سياق مخالف لذلك، يجدر الانتباه أيضاً إلى قرار انسحاب واشنطن من النيجر رغم وجود الخصوم الموجودين في سوريا، ورغم أن وجودها هناك اقترن أيضاً بالحرب على بوكو حرام-داعش.
قد يلزم قريباً أن نضع أمامنا خريطة لنتعرّف على بلدان كانت قصيّة جداً مثل النيجر ومالي وبوركينا فاسو وتوغو، وقد يلزم أهالي الأخيرة منها أن يتعرفوا على سوريا بما أنهم أيضاً كانوا محكومين برئيس "خالد" منذ عام 1967 حتى عام 2005 حيث ورث ابنه الحكم حتى الآن.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top