2024- 06 - 05   |   بحث في الموقع  
logo “تجدد”: الهجوم على السفارة الأميركية خطير ومشبوه logo الوكالة الذرية تتبنى قراراً..يدين تكثيف ايران لبرنامجها النووي logo المفاوضات تستعيد حرارتها..وإسرائيل تريدها تحت النار logo FBI يحذر من عملٍ إرهابي كبير يشبه هجوم موسكو! logo توضيحٌ من مولوي بشأن هجوم عوكر! logo عملية خطف غامضة: توجّه إلى القاع واختفى في الهرمل… زوجة "علي" تروي التفاصيل الكاملة! logo إصابة مدني في غارة على الضهيرة! logo سموتريتش يدعو نتنياهو لتدمير حزب الله!
أوّل شمّاسة أرثوذكسيّة في العصر الحديث.. من زيمبابوي
2024-05-12 07:55:48


إسمها أنجيليكا مولين. تبدأ حكايتها العام ١٩٨٨ حين أوصى لقاء اللاهوتيّات واللاهوتيّين المنعقد في جزيرة رودس (اليونان) بإعادة إحياء رتبة الشماسيّة في الكنيسة الأرثوذكسيّة. آنذاك، كانت القضيّة المطروحة على اللقاء هي قسوسيّة النساء، التي راحت الكنائس الإنجيليّة في الغرب تستدخلها إبّان خمسينات القرن الماضي، وتمارسها بشكل مضطّرد ولا لبس فيه منذ أواسط السبعينات. رفض المجتمعون الأرثوذكس كهنوت النساء مستنجدين بحجج لاهوتيّة أقلّ ما يقال فيها إنّها ضعيفة. لكنّ اللافت هو أنّهم أجمعوا على ضرورة استعادة شماسيّة المرأة ورسم أطر لها تتناسب مع الحاجات المستجدّة في الكنائس.
تتّفق المصادر القديمة على أنّ الكنيسة إبّان القرون الأولى للمسيحيّة عرفت نساءً شمّاسات كنّ يمارسن أدواراً عدّة أبرزها مسح النساء بالزيت إبّان معموديّتهنّ ورعاية الأرامل. ليس ثمّة إجماع بين الدارسين على مدى اضطلاع الشمّاسات بدور طقسيّ في القدّاس الإلهيّ وسائر الخدم الليتورجيّة الأخرى كذاك الذي يقوم به الشمامسة الرجال. بعض القوانين الكنسيّة التي تمنع مشاركة الشمّاسات في الاحتفالات الطقسيّة يمكن تأويله على أنّهنّ كنّ يقمن بذلك فعلاً، إذ لو لم يكن الأمر كذلك، كيف يمكن تفسير سنّ مثل هذه القوانين؟ مهما يكن من أمر الجواب، الأكيد أنّ الشماسيّة النسائيّة اندثرت شيئاً فشيئاً في معظم كنائس الشرق القديمة. ولم يبقَ منها، هنا وهناك، سوى شذرات خجولة تذكّر بأنّها كانت، في ما مضى، جزءاً لا يتجزّأ من حياة الكنيسة. الجدير بالذكر، في هذا الإطار، أنّ مسألة شماسيّة النساء مطروحة بقوّة على ضمير الكنيسة الكاثوليكيّة منذ بضع من السنين. بيد أنّ هذه الكنيسة لم تتّخذ حتّى اليوم أيّ قرار يتيح رسامة شمّاسات.
أنجيليكا مولين من هاراري، عاصمة زيمبابوي، هي أوّل شمّاسة أرثوذكسيّة في العصر الحديث. وقد رفعها إلى رتبة الشماسيّة مطران زيمبابوي سيرافيم (كيكوتيس) في رعيّة القدّيس نكتاريوس يوم الخميس الواقع فيه الثاني من شهر أيّار/مايو، وفيه احتفلت الكنيسة الأرثوذكسيّة بتأسيس سرّ الشكر (الإفخارستيّا)، أي المناولة المقدّسة. هذه الرسامة أتت بفعل قرار اتّخذته كنيسة الإسكندريّة الأرثوذكسيّة، التي تنتسب إليها رعايا عدّة في إفريقيا الوسطى والجنوبيّة، باستعادة رتبة شمّاسيّة النساء، وذلك انسجاماً مع حاجات الكنائس الرعويّة. الشمّاسة مولين سيّدة متزوّجة تمارس في الرعيّة التي جرت فيها رسامتها نشاطاً تثقيفيّاً للنساء والشباب والأطفال، ويتركّز اهتمامها اللاهوتيّ على الشأن البيئيّ.
بين العام ١٩٨٨ والعام ٢٠٢٤، نيّف وثلاثون عاماً شهدت نقاشات حاميةً عن مدى قدرة الكنيسة الأرثوذكسيّة على «استيعاب» شمّاسات. وبما أنّ لقاء رودس حسم إيجابيّاً السؤال اللاهوتيّ، راحت تساق حجج أخرى «عملانيّة» الطابع كدورة المرأة الشهريّة والحبل وعدم وضوح الدور الذي يمكن أن تمارسه امرأة شمّاسة. والحقّ أنّ أيّاً من الكنائس الأرثوذكسيّة لم تسعَ إلى التفكير الجدّيّ في احتمالات هذا الدور، ما شكّل، بمعنْى ما، آليّةً دفاعيّةً تحول دون الخوض في القضيّة. كلّ هذه الالتباسات تبدّدت في لحظة حين وضع المطران سيرافيم يده على رأس أنجيليكا مولين مستدعياً نعمة الروح القدس، ومعلناً أنّها ستقوم بكلّ ما يقوم به الشمّاس الذكر في الطقوسيّات فضلاً عمّا تضطلع به من مهام أخرى في رعيّتها. ينتج من هذا الموقف أنّ المقاربة التي سعت إلى ربط شمّاسيّة النساء بإعادة «تحديد» دور الشمّاسة هي مقاربة خاطئة. الشمّاسيّة والكهنوت، بما تنطوي عليه من وظيفة القيادة، إن هي إلّا مواهب يغدقها الروح القدس على أعضاء الكنيسة من أجل الخدمة والبنيان. كلّ الموضوع، إذاً، هو أنّ هذا الروح، في ما يسبغه من مواهب، لا يميّز بين النساء والرجال، ولا يربط هذه المواهب لا بالفارق الجنسيّ ولا بالفوارق الأخرى كاللون والعرق. إنّ أيّ كلام لاهوتيّ آخر هو ضرب من الهراء، لكونه يجعل الله إلهاً عنصريّاً يمارس التمييز الجنسيّ في حقّ النساء. المقاربة اللاهوتيّة التي كانت تربط استعادة شمّاسيّة النساء بتحديد دور الشمّاسة في عالم متغيّر كانت تضع العربة أمام الحصان، كما يقول المثل الإنكليزيّ. فالأولويّة هي لاستعادة الشمّاسيّة، لأنّ الله لا يحابي ولا يميّز. ومن ثمّ تأتي الأدوار المختلفة بحسب حاجات الكنائس، وهذه ترتبط بالسياقات المتنوّعة ويستحيل الإحاطة بها مسبقاً. أمّا أن تأتي خطوة استعادة الشمّاسيّة من إفريقيا الجنوبيّة فيما كان بعضهم يتوقّع حدوثها في العالم الجديد، أو في مجتمع من المجتمعات الأوروبيّة، فإنّما هي علامة كبرى للكنائس. فالروح يهبّ حيث يشاء، كما يقول يسوع الناصريّ في إنجيل يوحنّا، لا حيث نشاء نحن.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top