2024- 05 - 06   |   بحث في الموقع  
logo دليل الأمان الرقمي: كيف تحمي أطفالك في عالم الإنترنت logo لبنان كـ"حالة إنسانية".. والانقسام قد ينقلب تمرّداً على "الحزب" logo سرقة بقوة السلاح في طرابلس.. إليكم التفاصيل logo جريح بالرصاص في طرابلس.. ماذا جرى؟ logo انجاز لبناني جديد.. راي باسيل تحرز ميدالية ذهبية في بطولة العالم للرماية logo "وصمة عار "... رسالة من الحجار لميقاتي! logo "فنان العرب" يُعلن إصابته بالسرطان! logo سبب طلب السلطة الفلسطينية استبعاد البرغوثي من صفقة التبادل!
غابرييل غارسيا ماركيز رواية ما بعد القبر
2024-04-22 11:55:53


ترك غابرييل غارسيا ماركيز رواية لم يفرغ، كلياً، من العمل عليها. وأبدى رغبة بعدم نشرها، لكن ولديه الوريثين رودريغو ورونزالو خالفا الوصية، وصدرت بعدة لغات قبيل الذكرى العاشرة لرحيله في 17 نيسان عام 2014. ورغم أنها لم تثر صدى كبيرا حتى الآن، أو تجد الإهتمام الكبير، الذي كانت تعرفه أعمال الكاتب الجديدة، فإنه من المبكر الحكم عليها، بأنها لن تشكل حدثا أدبياً، وإضافة لنتاج ماركيز، بالنظر إلى موضوعها الجذاب، والتشويق الذي أحاط بها منذ أن جرى الإعلان عن اكتشافها قبل أكثر من عام. ويمكن الوقوف على ذلك من خلال بعض القراءات النقدية التي تناولتها، في محاولة لسبر مستواها الفني، وموقعها بين أعمال ماركيز صاحب الشهيرة، التي قلّ نظيرها من بين كتاب العالم، الذين حازوا جائزة نوبل.
مرة في كل عام، في شهر أغسطس، تسافر بطلة الرواية، آنا ماجدالينا باخ، وهي امرأة في منتصف العمر، إلى إحدى جزر الكاريبي، لتضع الزهور على قبر والدتها. وفي اليوم الثامن من رحلات الحج هذه، ودون سابق إنذار، تدعو رجلاً، مثلها، يجلس بمفرده في حانة الفندق، ليصعد إلى غرفتها. يتعاشران بحماس، لكن الطقس يعاني من خلل ما. هناك عاصفة رعدية، بينما مالك الحزين الأزرق يحلق مضطرباً فوق البحيرة. وعندما تستيقظ السيدة في الصباح يكون الرجل قد غادر. إنها لا تعرف حتى اسمه. وبعد ذلك، كل عام، تشرع في تكرار التجربة مع شخص غريب آخر.
هذه هي حبكة الرواية القصيرة، التي حملت اسم "نلتقي في أغسطس". وحتى الآن، لا أحد، باستثناء مسؤولي الدعاية الذين تتمثل مهمتهم في القيام بذلك، يتظاهر بأنها تحفة فنية ضائعة تم استعادتها. ماركيز نفسه قال لابنيه، وهو يعلم أنه بدأ يفقد ذاكرته بسبب الخرف، "هذا الكتاب لا يعمل، يجب تدميره"، ويبدو أنه صرح بذلك في وقت لم يعد قادراً على مراجعة الرواية كعادته، وهي العملية التي كان يقوم بها عدة مرات قبل أن يرسل العمل الجديد للنشر. ويبدو أن الولدين استمعا لرأي الأب، وتركا العمل مركوناً لأعوام، قبل أن يفكران بمصيره، ويتخذان قرار نشره، رغم أنه "ليس بالطبع مصقولًا مثل أعظم كتبه"، وعلى الرغم من "بقعه الخشنة"، إلا أنه يجب عليهم "خيانة" والدهم من خلال تقديمه إلى العالم. وهذا اجتهاد يجد من يدافع عنه، ومن يرفضه وينتقده.
تقول الكاتبة البريطانية لوسي هيوز هاليت في صحيفة الغارديان "يشبه هذا العمل الصغير تذكاراً باهتاُ، متهالكاً، لكنه ثمين لارتباطه بالعالم الخيالي الرائع، الذي استحضره غارسيا ماركيز في ريعان شبابه". وترى أن الرواية تحتوي على أخطاء صغيرة. تشخص بعضها ب"البناء غير مريح". والأهم من ذلك، أن "النثر غالباً ما يكون مبتذلاً بشكل مخيف، وتركيبه غير دقيق، وتورد بعض الجمل النافرة "كان جسده كله يشع بهواء مميز من خلال ماء الكولونيا المنعش"؛ "لقد استسلموا لهاوية المتعة". لكنها تستدرك "من الصعب أن نعرف، في العمل المترجم، ما إذا كان المؤلف أو المترجم مسؤولاً عن مثل هذه الهفوات"، ولكن أياً كان الذي يتحمل المسؤولية، فتلك ليست كتابة جيدة على حد تعبيرها، فهي تفتقد حس الفكاهة. وتقول، في الختام، لا يوجد سوى آثار هاربة من الخيال الغزير الذي منحنا ماكوندو"، المدينة الخيالية في رواية مئة عام من العزلة، مع سكانها، والتي تمتاز بالتوهج اللغوي الذي جعلهما تعيش حتى الآن، ولزمن طويل.
رغم القسوة في بعض الأماكن، فإن الناقدة لا تطلق النار على العمل، الذي يظل من كتابة أحد المعلمين الكبار في فن الرواية، وعباقرة والسرد الروائي الفريد، ومهما حاولت أن تفتش عن عيوب، فهي تقرّ بأن أسلوب السرد رائع "نشاهد آنا ماجدالينا وهي ترتدي ملابسها، وتوقف سيارات الأجرة وتشرب الجين. نحن على علم بحالتها العاطفية، لكننا لسنا مدعوين للشعور بها"، وتقدم كشفا مهما جداً هو، يمكن أن نقرأ الرواية وكأنها معالجة سينمائية، هناك الكثير من الملاحظة، والقليل من التفاصيل الداخلية، والتوفير الذي من شأنه أن يجعلها قابلة للنقل بسهولة إلى السينما. وهذا ما يثير الإعجاب في الأعمال الكبيرة الخالدة، مثل الغريب- البير كامو، والشيخ والبحر-أرنست همنغواي.
مغامرة الولدين بشأن نشر العمل تفتح باب الأسئلة، من حول حق الورثة التصرف على هذا النحو. وهنا يمكن رؤية المسألة عبر أكثر من زاوية، الأولى هي، قد يكون دافع الوالدين كسب المال فقط، وهذا يحتمل خيانة الأب، وربما كان الهدف مزدوجاً، كسب المال، وعدم ترك العمل يتعفن في الأدراج، ليجري نشره في وقت آخر. والزاوية الثانية هي، إن أي حكم ليس في صالح الرواية، يسجل ضدها فقط، ولا يقلل من قيمة ماركيز، الذي يعرف العالم أنه أصيب بالمرض، الذي لم يترك له المجال لمراجعتها، وهذا تكنيك معمول به لدى كافة الكتاب، فليس هناك كتابة أولى نهائية، بل تخضع كل الأعمال لإعادة كتابة مرة وثانية وثالثة، وربما أكثر. وقد يساعد المحرر في بعض جوانب هذه التقنية، لكن من المؤكد، ليس في حال ماركيز المعلم الكبير في هذا الميدان.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top