نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الخميس، عن مسؤولين إسرائيليين أنهم لم يعتبروا أن الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف القنصلية الإيرانية في دمشق، يشكل استفزازاً لإيران، ولم يخطروا واشنطن بهذا الهجوم سوى قبل شنّه مباشرة.غضب أميركي
وفاجأ الإخطار القصير الموظفين الأميركيين، الذين سارعوا إلى إبلاغ مستشار الأمن القومي جيك سوليفان ومسؤولين آخرين، بحسب الصحيفة، رأوا أنه ستكون عواقب وخيمة للهجوم الإسرائيلي. وفي الوقت نفسه أعربوا علناً عن دعمهم لإسرائيل، لكنهم عبروا سراً عن غضبهم من أنها تتخذ مثل هذا الإجراء العدواني ضد إيران من دون استشارة واشنطن.
وقال المسؤولون الأميركيون الذين شاركوا في مناقشات رفيعة المستوى بعد الهجوم، إن الإسرائيليين اعتقدوا أن إيران لن ترد بقوة. وفي البداية، توقعت إسرائيل أن يكون رد إيران بإطلاق ما لا يزيد عن 10 صواريخ أرض-أرض على إسرائيل، لكن بحلول منتصف الأسبوع الماضي، أدرك الإسرائيليون أن إيران سترد بقوة أكبر بكثير.
وقال مسؤولان إسرائيليان إن التخطيط للضربة الإسرائيلية في سوريا بدأ قبل شهرين. وكان الهدف هو قائد فيلق القدس في سوريا ولبنان محمد رضا زاهدي.
ووافق كابينت الحرب الإسرائيلي على الهجوم في 22 آذار/مارس، وفقاً لسجلات الدفاع الإسرائيلية الداخلية التي أوضحت نطاق ردود الفعل التي توقعتها الحكومة الإسرائيلية من إيران، ومن بينها هجمات صغيرة النطاق من قبل وكلاء وهجوم صغير الحجم من إيران.
وقال مسؤولون أميركيون ومسؤول إسرائيلي إن الإسرائيليين اعترفوا في وقت لاحق بأنهم أخطأوا بشدة في تقدير عواقب الهجوم في دمشق. وقال مسؤولون أميركيون إن وزير الدفاع لويد أوستن، اشتكى مباشرة إلى نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت، من أن الهجوم في دمشق عرّض القوات الأميركية في المنطقة للخطر، وأن عدم التحذير لم يترك الوقت لتعزيز دفاعاتهم.ترسانة إيران
وأطلقت إيران خلال هجومها على إسرائيل ليل السبت/الأحد، أكثر من 300 طائرة بدون طيار وصاروخ على إسرائيل، وجرى بذلك التوضيح أن قواعد الاشتباك في الصراع المتواصل بين إسرائيل وإيران قد تغيرت بشكل جذري في الأشهر الأخيرة.
ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن محللين أن أول هجوم إيراني مباشر على إسرائيل، أظهر القوة العسكرية للبلاد والتقدم الذي أحرزته في برنامجها للأسلحة المحلية، غير أنه كشف أيضا عن "محدودية" ترسانتها.
وقالت الصحيفة إن الأضرار الناجمة عن الهجوم كانت محدودة نسبياً، لكن يمكن إرجاع ذلك جزئياً إلى التنسيق المسبق للهجوم، الأمر الذي منح إسرائيل والولايات المتحدة متسعاً من الوقت لنشر وتفعيل منظومات الدفاع الجوي. ومع ذلك، فقد يعود السبب أيضا إلى نقاط الضعف وأوجه القصور في قدرات الأسلحة الإيرانية المتوسطة وبعيدة المدى، مما يحد من فعالية ضرباتها ويقلل من تأثيرها رغم حجمها الكبير.تحديات الدقة والكميات
وقال باحثون ل"واشنطن بوست" بعد تحليل الذخائر المستخدمة في الهجوم، ، من غير الواضح كيف يمكن لإيران إلحاق ضرر أكبر بإسرائيل من خلال وسائلها العسكرية التقليدية.
وقال جون كريزيزانياك، الباحث الذي يدرس برامج الصواريخ الإيرانية في مشروع ويسكونسن للحد من الأسلحة النووية: "لقد ألقت إيران بشكل أساسي كل ما لديها يمكن أن يصل إلى الأراضي الإسرائيلية". وأضاف أن طهران "استخدمت بعضاً من كل الأنظمة الموجودة لديها".
كما توفر كمية الذخائر المستخدمة رؤى جديدة حول قدرات إيران. ويشير نشر أكثر من 100 صاروخ باليستي خلال موجة واحدة إلى أن التقديرات السابقة بأن لإيران حوالي 3 آلاف صاروخ باليستي مخزنة، ربما تكون دقيقة، وقد تكون حتى أقل.
وقال كريزيزانياك: "إذا كانت هذه مجرد جولة واحدة من عدد غير معروف من الجولات القادمة، فلن تطلق جزءاً كبيراً مما لديك فقط في الجولة الأولى". وأضاف أن إطلاق أكثر من 100 صاروخ باليستي في غضون دقائق قليلة، يشير إلى أن إيران لديها ما لا يقل عن 100 منصة إطلاق، وهي نقطة بيانات جديدة للباحثين. وأضاف "هذا يدل على أن إيران لم تواجه فعلياً أي قيود في إنتاج الصواريخ ومنصات الإطلاق محلياً".
وبحسب واشنطن بوست، فإن ترسانة الصواريخ الباليستية الإيرانية، وهي الأكبر في الشرق الأوسط، تكاد تكون محلية الصنع بشكل كامل. وفي السنوات الأخيرة، أظهرت إيران قدرتها على تحديث بعض الأنظمة، وتحسين مداها ودقتها.
لكن بهنام بن طالبلو وهو زميل بارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، قال للصحيفة: "لقد رأينا أن الدقة والاتقان لا يزالان يمثلان تحدياً بالنسبة للأسلحة الإيرانية"، مشيرا إلى أن الأسلحة الحالية وحدها "لن تكسب إيران حرباً".