"بين إسرائيل وإيران... هل تنجح دول الخليج في سياسة "عدم التورط"؟
2024-04-17 11:55:52
طالما حاولت الدول الخليجية، وعلى رأسها السعودية والإمارات، تجنب اتخاذ موقف بشأن المنافسات الجيوسياسية الأميركية خلال السنوات الأخيرة، فالتزمت الحياد إلى حد كبير في حرب أوكرانيا وبنت علاقات مع الصين.
لكن حينما جاء الدور على الصراع بين إسرائيل وإيران، أصبح من الصعب الحفاظ على موقف متوازن أو محايد، وفق صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.
وذكرت الصحيفة، أن "المواجهة بين إسرائيل وإيران كشفت صعوبة حفاظ الإمارات والسعودية على "توازن دقيق" بين إيران منافسهما الرئيسي في المنطقة من جانب، والولايات المتحدة الحليف الأمني الأهم لهم، وإسرائيل من جانب آخر".
ونقلت عن مسؤولين عرب، أن البلدين "شاركا معلومات استخباراتية ساهمت في الرد الدفاعي الناجح" على الهجوم الإيراني ضد إسرائيل، الأحد الماضي.
لكن على الجانب الآخر، أكد المسؤولون أن البلدين "لم يصلا إلى حد منح واشنطن كل ما تريده، ومنعا الولايات المتحدة وإسرائيل من استخدام مجالهما الجوي لاعتراض الصواريخ والطائرات المسيّرة".
أشارت "وول ستريت جورنال" إلى أنه في ظل تصاعد الصراع بين إيران وإسرائيل المدعومة من الولايات المتحدة بقوة، فإن "من المرجح أن تجد دول الخليج نفسها أمام خيارين.. إما السماح للقوات الأميركية بشن هجمات من قواعد في بلدانها والمخاطرة بانتقام إيراني، أو استرضاء طهران والبقاء على الهامش، كما فعلت بشكل كبير منذ هجمات السابع من اشرين الاول التي أدخلت الشرق الأوسط في حالة من الاضطراب".
ومنذ الهجوم الإيراني على إسرائيل، دعت الإمارات إلى ضبط النفس وضرورة العمل على تحقيق الاستقرار عبر الدبلوماسية.
أما بالنسبة للسعودية، فأشارت الصحيفة إلى أن موقفها "أكثر تعقيدا"، وذلك في ظل الجهود الرامية إلى إبرام اتفاق مع تطبيع مع إسرائيل يضمن للمملكة الحصول على التزامات أمنية من الولايات المتحدة ودعمها في برنامجها النووي، وهي جهود تراجع زخمها مع الحرب في غزة.
وقال المسؤول السابق في البنتاغون والزميل بمركز تشاتام هاوس، بلال صعب: "في غياب التزام دفاعي من الولايات المتحدة، سيبذلون أقصى جهودهم للحد من تعاونهم (مع واشنطن) وإخفائه عن إيران".
كما أشار مسؤولون دفاعيون أميركيون وعرب للصحيفة، إلى أن "السعودية والإمارات رفضتا في وقت سابق هذا العام المشاركة علنا في تحالف بقيادة الولايات المتحدة لمواجهة هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، بجانب رفضهم مع الكويت، قيام واشنطن بشن هجمات ضد الحوثيين من قواعد على أراضيهم".
وقالت "وول ستريت جورنال"، إن "الدول الخليجية لا ترغب بأن ينظر إليها سكانها على أنها "تدعم إسرائيل والولايات المتحدة" في ظل الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من 6 أشهر.
من جانبهم، أوضح مسؤولون عرب أنه حال انخراط الولايات المتحدة بشكل أعمق في الأسابيع المقبلة في مواجهة مباشرة مع إيران، فإن "من المرجح أن تجد الحكومات العربية مجال مناوراتها يتقلص"، وفق الصحيفة.
كما نقلت "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين سعوديين، أن "إيران أطلعت مسؤولي دول الخليج على الخطوط العريضة لخطتها قبل الضربات على إسرائيل، حتى تتمكن تلك الدول من حماية مجالها الجوي".
لكن "تم تمرير تلك المعلومات إلى الولايات المتحدة، مما منحها وإسرائيل تحذيرا قويا، وهو ما يبرز أهمية تقارب الرياض وطهران"، حيث أعاد البلدان علاقاتهما الدبلوماسية بعد سنوات من القطيعة بوساطة صينية.
كما نقلت الصحيفة عن مسؤول سعودي بارز قوله، إن التصعيد الحالي يُعرّض خطط ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، لتحويل اقتصاد المملكة، بعيدا عن الوقود الأحفوري، إلى "خطر أكبر"، مضيفًا أن الأمير "يدرك أن دول الخليج ستكون أكثر المتضررين من توسع نطاق الحرب".
من جانبه، اعتبر أستاذ العلوم السياسية الإماراتي، عبد الخالق عبد الله، أن أبوظبي "ستعمل على الحفاظ على العلاقات مع إيران وإسرائيل حتى وإن كانت تعتبر البلدين يمارسان أعمالا مزعزعة للاستقرار".
وتابع للصحيفة: "الطريقة الأكثر حكمة حاليا هي الابتعاد عن كل شيء، والتركيز على مصلحتها الوطنية وأمنها.. لا نريد التورط بطريقة أو بأخرى".
وبعد الهجوم الإيراني ضد إسرائيل، أصدرت الخارجية الإماراتية بيانا، الأحد، دعت فيه إلى "وقف التصعيد وعدم اتخاذ خطوات تفاقم التوتر في المنطقة".
وكانت إيران قد نفذت، ليل السبت/الأحد الماضي، هجوما مباشرا غير مسبوق على إسرائيل باستخدام أكثر من 300 طائرة مسيرة وصواريخ كروز وأخرى باليستية، ردا على الهجوم الذي وقع في الأول من أبريل على قنصليتها في دمشق وحملت إسرائيل مسؤوليته، دون أن تقر الأخيرة به.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه "اعترض 99 في المئة" من الصواريخ بمساعدة الولايات المتحدة وحلفاء آخرين، وإن الهجوم لم يتسبب سوى بأضرار طفيفة طالت قاعدة عسكرية في جنوب البلاد.
وتعهد مسؤولون إسرائيليون بالانتقام من إيران، فيما رأى آخرون ضرورة خفض التصعيد.
وكالات