2024- 04 - 30   |   بحث في الموقع  
logo "ليصل إلى 33"... إسرائيل تخفض سقف مطالبها من حماس! logo وفد حماس يغادر القاهرة ومعلومات عن "صفقة التهدئة"! logo "نقاطٌ تُجنِّب لبنان الحرب"... كرم يتحدث عن لقاء معراب! logo كيف يبدو المشهد في الجنوب صباحاً؟ logo بعد 3 ايام من البحث... العثور على جثة مفقود! logo لهذه الأسباب فشِلَ لقاء معراب!!.. غسان ريفي logo لا أجوبة حاسمة ل"حزب الله".. مستعد للتصعيد والمواجهة logo السيناريو الأسوأ.. لماذا ترفضه فرنسا؟
الفرجة وصنوف اللاحرب
2024-04-17 01:25:43

المتابعون العرب المغمورون تحت لجة العجز الجماعي، حين يخمن بعضهم أن ليلة المسيّرات الإيرانية الطويلة ليست سوى مسرحة متفق عليها، فهم لا يخطئون كل الحقيقة. وكذا حين ينتشي البعض الآخر بمشاهدة الحدث الكبير في الشاشات وعلى صفحة السماء المزينة ببرق من الانفجارات المعقمة والآمنة فوق رؤوسهم، وبعدها يخلصون إلى تغير قواعد اللعبة بغير رجعة، فهم محقون أيضاً. ووجه الصحة في الموقفين المتعارضين في الظاهر، هو أن المشترك بين المسرحي واللعب هو موقع الفرجة، وهو ما صار موقعنا الوحيد الممكن في شأن العالم، وقبل ذلك في شأن أنفسنا. والإشارة إلى "نحن" هنا تعني شعوب المنطقة ومجتمعاتها، العاجزة عن الفعل والمحرومة حتى من حق الاحتجاج البسيط.جمهور متابعة لعبة الشطرنج الإيرانية، بخطوات الصبر الإستراتيجي وتحريك البيادق الصغيرة هنا وهناك، هم أنفسهم جمهور أبي عبيدة وفيديوهات المثلث الأحمر، تلك التي غدت شحيحة بمرور الوقت، وأيضاً هم جمهور الهمجية المسلسلة في ومضات "تيك توكط حيث يؤدي جنود الجيش الإسرائيلي رقصاتهم الجماعية وسط الخرائب، وهم جمهور الإبادة المذاعة على الهواء مباشرة ساعة بساعة على مدى نصف عام بلا توقف ولو للحظة لالتقاط الأنفاس. وفي الانتقالات العنيفة بين ذروات النشوة الحادة والقصيرة، وموجات الحزن العاتي الطويلة والباقية، تتجمع عناصر تراجيديا مأسوية بشروطها الكلاسيكية أمام جمهور منهك، وينفرط اضطراب روحي عميق مقسوم على قطبي يأس الضحايا المطلقين وضلالات تعويضية أقرب لأعراض العصاب.إن صحت مقولة أن الحرب امتداد للسياسة بطرق أخرى، أو مقلوبها أي أن السياسة هي امتداد للحرب في صور أخرى، فيصح القول بالتبعية إن الحرب فيها من السياسة الكثير، الإفراط في بهرجة الاستعراض، وبلاغة الأمثولة وركاكتها، وثقل مبالغات الرمزي والشكلي والمتخيل. بالنسبة للإيرانيين، كانت ليلة الهجوم الصاروخي هي حفلة للألعاب النارية القاتلة، لكن من دون قتل، معروضة في شاشة بطول وعرض سموات المنطقة بأكملها. هي مناورة حربية بذخيرة حية مضمون تحييدها عبر إعلان مسبق ومهلة كافية بطول 72 ساعة... بالنسبة للأميركيين و"حلف الشرق الأوسط الدفاعي" ذي الأعوام القليلة والمعلن عنه بشكل عملي مؤخراً، كانت هذه ليلة لألعاب الفيديو، واختبار كفاءة أذرع التحريك من بعد وفاعلية شبكة الحساسات والرادارات المغروسة في الأرض والهائمة على البوارج الحربية في مياه الإقليم. استعراض من نوع آخر، للتقنية الدقيقة وأعمال التخطيط والتنسيق والمناورة، بين قطاعات أسلحة متنوعة وأكثر من عشرة جيوش من المنطقة وخارجها. الاستعراضات من هذا النوع ليست رخيصة، كلفة الساعات الليلية القليلة، موزعةً على الأطراف، تجاوزت عتبة المليار دولار بكثير، وأصابت الأسواق العالمية بذبذبات خفيفة وموجزة لكن معتبرة.ولّى زمن الحروب المتكافئة، وبالأحرى ولى زمن الحروب جملة. وإن كانت الحرب الجارية في أوكرانيا تبدو تكذيباً لتلك المقولة، فإنها تظل بمثابة الاستثناء الذي يؤكد القاعدة. فالخصوم في الساحة الدولية، إما وصلوا من قوة الدمار الشامل مستوى يجعل وقوع الحرب مستحيلاً، أو أن الفوارق في موازين القوة بين الأطراف صار هائلاً بحيث لا تصح تسمية القتال الدائر في اتجاه واحد حرباً. ولعل الحكمة الأكثر رواجاً بشأن عالم ما بعد الحرب هذا، ورثناها عن جان بودريار في عنوان كتابه الشهير "حرب الخليج لم تقع".نهاية عصر الحرب، لا تعني أن لعبة الحرب بلا بنتائج أو أن استعراضاتها بلا ضحايا. يخرج الكل منتصراً من ليلة الهجوم الإيراني، فذلك نوع من الاستعراضات لا يخسر فيه أي من أطراف. يحتفل الإيرانيون بالنصر في شوارع طهران. ويهنئ الأميركيون أنفسهم، فيعود بايدن إلى دور الرجل الحازم مرة أخرى والقابض بعقلانية على مكابح انفلات الخراب في المنطقة. أما الإسرائيليون المتبرمون من الفيتو الأميركي على رد فوري، فتحتفي صحافتهم بعناوين راضية "العالم يعود ليلتئم حول إسرائيل مرة أخرى". في الخلفية، يستمر استعراض الإبادة، فيما يحرك القصف الإسرائيلي المتواصل المجاميع الفلسطينية الجائعة والمشردة، وتعرض نشرات الأخبار بشكل روتيني اكتشاف مقبرة جماعية أخرى.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top