تشهد شركة "غوغل" تنامي حركة احتجاجية تضم موظفين من مختلف الاختصاصات، ضد مشروع يربط الشركة بإسرائيل قيمته 1.2 مليار دولار.
وتضم المجموعة الاحتجاجية التي تسمي نفسها "لا تكنولوجيا للفصل العنصري" الآن أكثر من 200 موظف يشاركون بشكل وثيق في التنظيم، حسبما نقلت مجلة "تايم" عن أعضاء فيها قالوا أن مئات العمال الآخرين متعاطفون مع موقفهم.وتحدثت المجلة مع خمسة موظفين حاليين وخمسة سابقين في الشركة، وصف معظمهم شعوراً متزايداً بالغضب من احتمال مساعدة "غوغل" لإسرائيل بالتوازي مع حرب غزة. التي اندلعت في 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي بهجوم نفذه مسلحون من حركة "حماس" على جنوب إسرائيل أدى لمقتل نحو 1200 شخص واحتجاز نحو 250 آخرين كرهائن. وردت إسرائيل بهجوم شامل أدى لمقتل نحو 33 ألف شخص بحسب وزارة الصحة التابعة لـ"حماس" في غزة.وفي 4 آذار/مارس الماضي، وقف إيدي هاتفيلد (23 عاما)، وهو مهندس برمجيات في "غوغل كلاود" خلال في مؤتمر "Mind the Tech" السنوي الذي يروج لصناعة التكنولوجيا الإسرائيلية، وصرخ "أنا مهندس برمجيات غوغل كلاود، وأرفض المساهمة في التكنولوجيا التي تدعم الإبادة الجماعية أو الفصل العنصري أو المراقبة!"وبعد ثلاثة أيام، قامت "غوغل" بإقلة هاتفيلد، بينما قال اثنان من الموظفين السابقين أنهما استقالا من الشركة الشهر الماضي احتجاجاً على مشروع "نيمبوس". ولم يتم الإبلاغ من قبل عن هذه الاستقالات، ولا حتى إقالة هاتفيلد، علماً أن عقد المشروع المذكور ينص على قيام شركتي "غوغل" و"أمازون" بتوفير خدمات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية للحكومة الإسرائيلية، بحسب وزارة المالية الإسرائيلية التي أعلنت عن الصفقة العام 2021.وتتضمن شراكة "نيمبوس" قيام "غوغل" بإنشاء مثيل آمن لخدمة "غوغل كلاود" في الأراضي الإسرائيلية. ومن شأن ذلك أن يسمح للحكومة الإسرائيلية بإجراء تحليل للبيانات على نطاق واسع، والتدريب على الذكاء الاصطناعي، واستضافة قواعد البيانات، وأشكال أخرى من الحوسبة القوية باستخدام تكنولوجيا "غوغل"، مع قليل من الإشراف من قبل الشركة.وتشير مستندات "غوغل" التي أبلغ عنها موقع "إنترسبت" لأول مرة العام 2022، إلى أن خدمات الشركة المقدمة لإسرائيل عبر سحابتها تتمتع بقدرات مثل اكتشاف الوجه المدعوم بالذكاء الاصطناعي، والتصنيف الآلي للصور، وتتبع الكائنات.ولا يوجد مزيد من التفاصيل حول العقد، "وكثير من إحباط العمال يكمن في ما يقولون إنه افتقار غوغل للشفافية حول ما يستلزمه مشروع نيمبوس والطبيعة الكاملة لعلاقة الشركة مع إسرائيل". ولم تصف "غوغل" ولا "أمازون" ولا إسرائيل القدرات المعروضة على إسرائيل بموجب العقد.وفي بيان، قال متحدث باسم "غوغل" أن عقد "نيمبوس" ذو صبغة تجارية مع وزارات الحكومة الإسرائيلية مثل المالية والرعاية الصحية والنقل والتعليم. وتابع: "عملنا ليس موجهاً إلى المناحي العسكرية الحساسة أو السرية التي تتعلق بالأسلحة أو أجهزة الاستخبارات".من جانبه قال متحدث باسم "أمازون" أن الشركة "تركز على جعل فوائد التكنولوجيا السحابية الرائدة عالمياً متاحة لجميع عملائنا، أينما كانوا"، مضيفاً أنها تدعم الموظفين المتضررين من الحرب وتعمل مع الوكالات الإنسانية. وقال أنه يجب على جميع عملاء "غوغل كلاود" الالتزام بسياسة الخدمة الخاصة بالشركة.وتحظر السياسة استخدام خدماتها لانتهاك الحقوق القانونية للآخرين، أو المشاركة في "أعمال عنف يمكن أن تسبب الوفاة أو الأذى الجسيم أو الإصابة"، وبحسب "تايم" لا يوجد أي دليل على استخدام تكنولوجيا "غوغل" أو "أمازون" في قتل المدنيين خلال الحرب في غزة.في المقابل، قال موظفو "غوغل" أنهم يبنون احتجاجاتهم على ثلاثة مصادر رئيسية للقلق وهي: البيان الصريح الصادر عن وزارة المالية الإسرائيلية العام 2021 بأن وزارة الدفاع ستستخدم "نيمبوس"، وطبيعة الخدمات التي من المحتمل أن تكون متاحة للحكومة الإسرائيلية ضمن "غوغل كلاود"، وعدم قدرة "غوغل" الواضحة على مراقبة ما قد تفعله إسسرائيل بتكنولوجيتها.ويشعر العمال بالقلق من إمكانية استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية القوية من "غوغل" في المراقبة أو الاستهداف العسكري أو أشكال أخرى من الأسلحة، فيما تثير تقارير عن استخدام الجيش الإسرائيلي للذكاء الاصطناعي في حربها في غزة قلق الأم المتحدة، من أن تصبح "قرارات الحياة والموت" مرتبطة "بحسابات تجريها الخوارزميات".وبموجب شروط العقد، لا تستطيع "غوغل" ولا "أمازون" منع أذرع معينة تابعة للحكومة، بما في ذلك الجيش الإسرائيلي، من استخدام خدماتهما، ولا تستطيعان إلغاء العقد. وأشارت تقارير لوسائل إعلام إسرائيلية إلى أن تنفيذ الغارات الجوية الإسرائيلية يأتي بدعم من نظام استهداف الذكاء الاصطناعي، لكن ليس من المعروف إن كانت تلك القدرات تعتمد بأي شكل من الأشكال على الخدمات السحابية التي توفرها "غوغل".ويشير العاملون في الشركة إلى أنه لأسباب أمنية، غالباً ما يكون لدى شركات التكنولوجيا رؤية محدودة للغاية، حول ما يحدث على الخوادم السحابية السيادية لعملائها الحكوميين. وقال محمد خاتمي، مهندس برمجيات في "غوغل": "إن إنشاء بنية تحتية سحابية محلية ضخمة داخل حدود إسرائيل، يهدف في الأساس إلى الاحتفاظ بالمعلومات داخل إسرائيل تحت إجراءات أمنية مشددة".وتابع خاتمي: "لكننا نعلم أن هذا يعني أننا نمنحهم الحرية في استخدام التكنولوجيا الخاصة بنا لأي شيء يريدونه، بما يتجاوز أي إرشادات نضعها".إلى ذلك، علق جاكي كاي، مهندس الأبحاث في مختبر "DeepMind" للذكاء الاصطناعي التابع لـ"غوغل": "ليس لدينا كثير من الرقابة على ما يفعله عملاء السحابة، وذلك لأسباب مفهومة تتعلق بالخصوصية". وتابع متسائلاً: "ما هو الضمان الذي لدينا بعد ذلك بأن العملاء لا يسيؤون استخدام هذه التكنولوجيا لأغراض عسكرية؟".