وفي الإطار، يشهد التغير المناخي في لبنان تأثيرات خاصة نتيجة للظروف الجغرافية والبيئية التي يتمتع بها. ويتسبب ارتفاع درجات الحرارة يتقليل توافر المياه العذبة، مما يؤثر في الزراعة والثروة الحيوانية وحياة المواطنين وهذا يزيد من تعقيد الوضع البيئي والاقتصادي على المستوى المحلي.
على المقلب الاخر، ينبغي على السلطات المحلية اتخاذ إجراءات فعالة للتكيف مع سطوات التغير المناخي، بما في ذلك تحسين إدارة الموارد المائية وتنمية الزراعة المستدامة وتعزيز البنية التحتية لمواجهة الكوارث الطبيعية. هذا ويجب على المجتمع الدولي ترسيخ التعاون وتبادل المعرفة والتكنولوجيا مع الدولة اللبنانية لدعم جهودها في هذا المجال.
الفاتورة المستقبلية “باهظة” الا إذا!
على خط مواز، أوضح رئيس التجمع اللبناني للبيئة المهندس مالك الغندور لـ “الديار” “ان تغير المناخ سيفرض التكاليف على كل فرد واسرة ومؤسسة تجارية ومنطقة في لبنان. وتتلخص التكاليف لفئات من الاقتصاد والمجتمع المحلي التي تتوافر في البيانات ذات الصلة بتقييم التكاليف لكل فئة بقاعدة متميزة يتم تجميعها من مجموعة بيانات ملائمة أو دراسة سابقة. إلا أنه قد توجد حالات تداخل بين الدراسات والبيانات الكامنة وراء التحاليل المختلفة”.
وقد تتجسد التكاليف الرئيسية الأخرى من خلال آثار تغير المناخ على الإنتاج الزراعي والأسعار التي يدفعها المستهلكون اللبنانيون مقابل الغذاء. أما الانهيارات في الإنتاج الزراعي العام الناجمة عن اشتداد درجات الحرارة والتغيرات في الأمطار وحالات زيادة جفاف التربة، فقد انخفض الناتج المحلي الإجمالي في لبنان الى حوالى 300 مليون دولار اميركي في عام 2020. وفي حال استمرار التوجهات الحالية، قد يوجب التضخم المحتمل في أسعار الغذاء العالمية تكاليف بقيمة 470 مليون دولار أميركي على المستهلكين اللبنانيين وذلك بمضاعفة الأسعار التي يدفعونها مقابل السلع الضرورية مما يجعلهم يستهلكون كميات اقل من المواد الغذائية نتيجة ارتفاع الأسعار”.
واكد، “ان التغير المناخي يؤثر في العديد من الجوانب البيئية والحيوانية والبشرية، ويساهم في زيادة تدهور البيئة، مثل انصهار الأنهار والجليد وارتفاع مستوى سطح البحر، وتغير الأنماط المناخية يحدث خللا بالتنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية. كما يؤثر في حياة الكائنات الحية في البر والبحر، حيث يمكن أن يؤدي إلى انقراض العديد من الأنواع وتغيرات في التوزيع الجغرافي للكائنات الحية. هذا ويمكن أن يفاقم التغير المناخي من حدوث الأمراض المعدية والمشكلات الصحية المرتبطة بالحرارة المرتفعة، وزيادة التعرض للنوازل الطبيعية”.
فوق ذلك، “يؤدي إلى نقص إنتاج الغذاء وفقدان النوعية الجيدة وشح كمية المحاصيل وزيادة انتشار الآفات والأمراض النباتية، وتقليل توافر المياه العذبة وتدهور جودتها، مما يؤثر في الزراعة والصحة العامة. ناهيكم بتدهور البنية التحتية بسبب الاعاصير، ومضاعفة التكاليف الاقتصادية المرتبطة بالتكيف مع سطوته”.
الأعباء الاقتصادية
وأضاف “من المهم توضيح أن المحصلة البيانية لا تقدم صورة شاملة للتكاليف الاقتصادية التي قد تفرضها التغيرات المناخية الناجمة عن الانبعاثات العالية لغازات الاحتباس الحراري على لبنان. لذلك تحول القيود في البيانات والنماذج وغيرها من المعلومات المتاحة حاليا دون التمكن من قياس كافة أنواع التكاليف المحتملة مثل تلك المرتبطة بالزيادات في الفقر وتهميش بعض النساء ومجموعات الأقليات التي قد تنتج من التغيرات في المناخ”.
الحساب بالارقام!
وأشار الى “الاضرار السنوية المباشرة من حالات الجفاف في لبنان والتي قُدرت بحوالى 320 مليون دولار أميركي في العام 2020، والتي ستبلغ 3.800 مليون دولار أميركي في العام 2040، وقد تصل في العام 2080 الى 23.200 مليون دولار أميركي. بيد ان الناتج المحلي الإجمالي الضائع في لبنان قُدر في العام 2020 بنحو 1.600 مليون دولار أميركي، و14.100 مليون دولار أميركي في العام 2040 و115.700 مليون دولار أميركي في العام 2080. اما معدل التكلفة للأسرة المعيشية الواحدة في لبنان فبلغ 1.500 $ في العام 2020، وسيصل الى 13.100 $ في العام 2040 و107.200 $ في العام 2080”.
النهوج التكيفية
قال غندور: “من المهم الإقرار بأنه على الرغم من أن لبنان قد يتمكن من الحد من قابليته للتأثر بالمخاطر المتعلقة بالمناخ، الا انه لا يمكنه تجنبها بالكامل، وسيكون للانبعاثات العالمية لغازات الاحتباس الحراري لا محالة، آثار سلبية في الاوضاع المعيشية والأعمال التجارية والمجتمعات في لبنان. لذلك على الحكومة تنفيذ مشاريع التحول نحو الاقتصاد الأخضر وتخفيف فاعلية التغير المناخي. كما يقتضي التقليل من الاضطرابات السياسية والأمنية التي تعيق الاستقرار وتجعل من الصعب تنفيذ السياسات البيئية والتنموية اللازمة”.
الخطط والاجراءات
وختم مشددا على “ضرورة تعزيز الوعي الفردي على المخاطر المتعلقة بالمناخ، والحد من الضغوطات غير المناخية على النظم الإيكولوجية، وحفظ الأراضي الرطبة والأثرية وخزانات المياه الجوفية وموارد اساسيه أخرى؛ وتشييد بنية تحتية قوية ومستدامة. وقد يكون هناك نقص في التوعية بشأن أهمية مواجهة تحديات التغير المناخي وكيفية المساهمة في حل هذه المشكلة، ومع ذلك يجب تحسين فهم المجتمع ووعيه على مخاطر المناخ بشكل عام”.