إشارتان صدرتا خلال السّاعات الأربع والعشرين الماضية أكّدتا المؤكّد بخصوص الإستحقاق الرئاسي المرتقب، وهو أنّ لا بصيص أمل، ولو كان صغيراً، يلوح في الأفق يوحي بوجود ملامح إنفراج يُنهي الفراغ في الرئاسة الأولى، وأنّ كلّ الجهود التي بُذلت وتُبذل في هذا المجال، سواء داخلياً أو خارجياً، لم يكن سقف طموحاتها يتجاوز ملء الوقت الضّائع، إلى أن يحين أوان التسوية المنتظرة.
الإشارة الأولى جاءت على لسان عضو كتلة الإعتدال الوطني النائب وليد البعريني، وبدت بمثابة نعي للمبادرة التي طرحتها الكتلة لإنهاء الفراغ الرئاسي، عندما لم يكتفِ في حديث إلى جريدة “الشرق الأوسط”، يوم أمس، بالقول إنّ “كلّ الجهود واللقاءات أُرجئت إلى ما بعد عيد الفطر المبارك”، بل أطلق ما يشبه تعليق المبادرة إلى ما بعد إنتهاء الحرب التي يشنّها العدو الإسرائيلي على قطاع غزّة، وهو تعليق كانت أغلب التوقّعات ترجّحه، وهو ما لمسه أعضاء الكتلة بعد سلسلة جولات ولقاءات قاموا بها لتسويق مبادرتهم التي انتهت قبل أن تبدأ.
فقد أوضح البعريني أنّه “بناءً على كلّ المواقف واللقاءات التي قمنا بها يبدو واضحاً، برغم الإيجابية التي يبديها معظم الأطراف، أنّه تمّت فرملة كلّ التحركات بانتظار ما ستنتهي إليه الهدنة في غزّة”، مشيراً إلى أنّه “ينفي البعض ربط الملف الرئاسي بغزة، لكن يبدو واضحاً أنّ الإستحقاق الرئاسي بات مرتبطاً في العمق بمسار الحرب، وبما ستؤول إليه الأمور في غزة”، مضيفاً: ” يبدو واضحاً أنّ التجاوب مع المبادرة مرتبط بهدنة غزة”.
أمّا الإشارة الثانية بخصوص وضع الإستحقاق الرئاسي جانباً، وتأجيل البتّ به إلى حين نضوج “طبخة” التسوية، فكانت من خلال الموقف الذي عبّرت عنه، أمس، كتلة الوفاء للمقاومة، التي لم تعطِ حتى الآن جواباً على مبادرة كتلة الإعتدال، برغم إجتماع وفد من الحزب مع نوابها، وهو الموقف نفسه الذي اتخذته كتلتا التوافق الوطني والتكتل الوطني اللتين أحجمتا على الردّ إيجاباً أو سلباً على مبادرة كتلة الإعتدال، وهو إحجام فُسر بين المراقبين والوسط السياسي، على أنّه رفضٌ مضمر للمبادرة، وتحفّظ عليها.
فقد أشارت كتلة الوفاء للمقاومة بعد اجتماع لها يوم أمس إلى أنّ “الكتلة إذ تابعت تحرّكات المهتمين بملء الشغور الرئاسي، فإنّها من موقع مشاركتها المسؤولة في مقاربة تلك التحرّكات، ستبلغ في الوقت القريب والمناسب موقفها الرسمي بغية إنجاز هذا الإستحقاق حفظاً للمصالح الوطنية”، وهو “وقت قريب” لن يكون في غضون أيّام أو أسابيع وأشهر، لدى حزب إشتهر باتّباع سياسة “النّفَس الطويل” في مقاربة القضايا والملفات المختلفة، بموازاة إعتبار الكتلة أنّ “الخطى على صعيد الحراك لملء الشّغور الرئاسي في البلاد لا تزال بطيئة، ولا يزال المرشّحون والقوى السّياسية والنيابية المعنية يتلمسون الآليات والمخارج لإنجاز الإستحقاق الرئاسي، وفق ما يتناسب مع وثيقة الوفاق الوطني والمحدّدات الدستورية المعتمدة”.