2024- 04 - 28   |   بحث في الموقع  
logo هل سيزور هوكشتاين بيروت؟ logo سباق بين التصعيد والديبلوماسية: الدمج بين اتفاقية الهدنة والـ1701 logo إصابة 14 مدنياً بصربين الجنوبية..وجيروزاليم بوست:الحزب اكبر من الفشل logo الصليب الأحمر يحيي الذكرى الـ39 لشهدائه logo جريح في حادث سير في الضنية logo هزة أرضية ضربت لبنان كم بلغت قوتها؟ logo الفصائل الفلسطينية: ضرورة التوصل لصفقة تبادل "جادة" logo بعد تنبيه فرانك... 3 زلازل تضرب دول في يوم واحد!
أرقام مطلع 2024: المصارف عليلة والاستقرار النقدي هشّ
2024-01-02 11:00:34

في مطلع السنة الجديدة، لا يوجد ما يؤشّر إلى اقتراب دخول البلاد بشكل جدّي في مرحلة التعافي، على مستوى أزمة النظام المالي. وهذا ما تؤكّده جردة بسيطة على أرقام القطاع المصرفي وميزانيّاته، كما كانت في أواخر العام الماضي 2023. أمّا الاستقرار النقدي الملحوظ، الذي نعم به لبنان في معظم مراحل العام الماضي، فما زال -كما تؤكّد الأرقام أيضًا- استقرارًا هشًا، بغياب الإطار الشامل للمعالجات النقديّة والماليّة. لهذا السبب، وإذا لم يطرأ أي جديد على مستوى تعامل السلطة السياسيّة مع الأزمة، من المرتقب أن تكون 2024 مجرّد سنة أخرى من سنوات الاستنزاف وحرق الوقت، تمامًا كما كانت السنوات الأربع الماضية.تباطؤ وتيرة تذويب الودائعفي الربع الأخير من العام الماضي، كان حجم الودائع بالعملات الأجنبيّة في القطاع المصرفي اللبناني قد اقتصر على 90.48 مليار دولار أميركي، منها 69.45 مليار دولار للمقيمين، و21.03 مليار دولار لغير المقيمين. مع الإشارة إلى أنّ حجم الودائع بالعملات الأجنبيّة كان قد ناهز حدود 94.53 مليار دولار أميركي في بداية العام العام نفسه، وهو ما يعني أن الودائع المصرفيّة بالعملات الأجنبيّة خسرت خلال عام 2023 نحو 4.05 مليار دولار من قيمتها، أو ما يوازي 4.2% من قيمتها كما كانت في بداية السنة. وكما هو معلوم، مع كل تقلّص في حجم هذه الودائع، تكون المصارف قد قلّصت جزءًا –ولو ضئيلًا- من مشكلتها، المتمثّلة في عدم القدرة على سداد إلتزاماتها للمودعين.
تمامًا كما كان الحال منذ بداية الأزمة، هناك ثلاث أدوات أساسيّة تساهم في تذويب الودائع على هذا النحو: سحب الودائع بالدولار أو الليرة على دفعات، حسب تعاميم مصرف لبنان، واستعمال الشيكات المصرفيّة من قبل المقترضين لتسديد الديون المصرفيّة، بالإضافة إلى العمولات الشهريّة والسنويّة –الآخذة بالتزايد دوريًا- التي يتم اقتطاعها من الودائع المحتجزة في المصارف. وفي النتيجة، تراهن المصارف على العوامل الثلاث مجتمعة، لتقليص حجم الودائع بشكل متدرّج وبطيء.
لفهم أهميّة آليّات تذويب الودائع بالنسبة للمصارف التجاريّة، تكفي الإشارة إلى أنّ حجم الودائع بالعملات الأجنبيّة كان يناهز حدود 123.29 مليار دولار في صيف العام 2019، أي قبل حصول الانهيار المصرفي في أواخر تلك السنة. وهذا ما يشير إلى أنّ المصارف تمكنت منذ ذلك الوقت من التخلّص من 32.81 مليار دولار من الودائع المدولرة، أي ما يوازي أكثر من 26.6% من الودائع المدولرة التي كانت موجودة قبل الأزمة. بمعنى آخر: تخلّصت المصارف من ربع إلتزاماتها للمودعين، قبل أن تبدأ حتّى بعمليّة التعامل مع خسائرها، أو إعادة هيكلة القطاع.
على أنّ العام 2023 حمل تطوّرًا استثنائيًا، بخلاف السنوات الثلاث التي سبقته. فحجم التناقص في قيمة الودائع المدولرة خلال العام 2023، لم يوازِ أكثر من 13% من الانخفاض الإجمالي في حجم الودائع الذي حصل منذ بداية الأزمة. أي بصورة أوضح، تباطأت وتيرة تذويب الودائع إلى حد كبير، مقارنة بالسنوات السابقة، ما يطرح السؤال طبعًا عن واقعيّة رهان المصارف على استمرار تذويب الودائع على هذا النحو، خلال السنوات المقبلة، إذا لم يتم الشروع بتنفيذ خطّة واقعيّة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي.أسباب التباطؤ في تذويب الودائعالسبب الأوّل الذي ضغط باتجاه تباطؤ تذويب الودائع خلال العام الماضي، يرتبط تحديدًا بتناقص قيمة الديون المصرفيّة التي يمكن سدادها بالشيكات المصرفيّة. ففي الربع الأخير من العام 2023، لم يكن قد تبقّى في الميزانيّات المصرفيّة سوى 7.35 مليار دولار من الديون المتوجّبة على المقيمين، مقارنة بأكثر من 48.16 مليار دولار صيف العام 2019. وهذا ما يعني أن المقترضين المقيمين قد سددوا خلال سنوات الأزمة أكثر من 40.81 مليار دولار من الديون المتوجّبة عليهم، إمّا بالشيكات المصرفيّة أو بالليرة اللبنانيّة بسعر الصرف الرسمي. مع الإشارة إلى أنّ تسديد القروض بالدولار النقدي (من دون قبول حتّى الشيكات المصرفيّة) فُرض على المقترضين غير المقيمين.
أمّا السبب الثاني الذي قلّص أيضًا وتيرة تذويب الودائع، يرتبط بتناقص أعداد الحسابات العائدة لأصحاب الودائع الصغيرة، الذين استفادوا من سحب أموالهم بدفعات صغيرة حسب تعاميم مصرف لبنان. وهذا يعود بطبيعة الحال لاستنفاد قيمة هذه الودائع بعد سحبها على دفعات، ومنع المصارف إيداع الشيكات المصرفيّة لتغذية هذه الحسابات، ناهيك عن تشديد القيود على فتح الحسابات المصرفيّة الجديدة بالدولار المحلّي.
على أي حال، من المعلوم أنّ مصرف لبنان أصدر العام الماضي التعميم رقم 682، الذي يفترض أن يوسّع شريحة المستفيدين من التعميم 158، الذي يمنح سحوبات نقديّة محدودة بالدولار النقدي. وبحسب هذا الإجراء، يفترض أن تشمل السحوبات أصحاب الودائع التي تم نقلها من حساب إلى آخر، داخل النظام المصرفي اللبناني، بعد تشرين الأوّل 2019. وبينما يفترض أن يزيد التعميم رقم 682 حجم الأموال التي يجري سحبها شهريًا من الحسابات المصرفيّة، لم تبادر المصارف حتّى اللحظة إلى تطبيق هذا التعميم، بحجّة عدم امتلاكها السيولة النقديّة لتأمين السحوبات.انكماش الكتلة النقديّةلا يمكن دراسة أرقام النظام المالي المحلّي، في مطلع السنة الراهنة، من دون مراجعة التحوّلات في حجم الكتلة النقديّة المتداولة بالليرة اللبنانيّة. فخلال العام الماضي، انخفض حجم هذه الكتلة من 80 ترليون ليرة لبنانيّة في مطلع العام، إلى ما يقارب 59 ترليون ليرة في نهاية السنة. وهذا ما يشير إلى أنّ مصرف لبنان تمكّن من تقليص حجم السيولة المتداولة بالعملة المحليّة بأكثر من 26.5%، خلال عام 2023، ليبدأ العام الراهن بكتلة نقديّة محدودة مقارنة بمطلع العام الماضي. وعلى أي حال، من من المهم الإشارة إلى أنّ حجم الكتلة النقديّة الراهن لا يوازي –عند قياسه بالدولار الأميركي- أكثر من 663 مليون دولار، حسب سعر الصرف الرائج حاليًا في السوق الموازية، ما يعطي المصرف المركزي أفضليّة في التحكّم بسعر صرف الليرة اللبنانيّة.
تحجيم الكتلة النقديّة خلال العام 2023 كان نتيجة مجموعة من الإجراءات، ومنها استيفاء كتلة كبيرة من الرسوم والضرائب بالليرات النقديّة، ومنها رسوم مؤسسة كهرباء لبنان، التي يفترض أن يتم تحويلها إلى دولارات طازجة لاحقًا لشراء الفيول اللازم لتشغيل المعامل. ورغم أهميّة هذا التطوّر، يمكن القول أنّ مصرف لبنان يحتاج إلى استكمال هذه الإجراءات بإطلاق منصّته المنتظرة للتداول بالعملات الأجنبيّة، وهو ما سيمكّنه على المدى الطويل من التدخّل في سوق القطع بشكل يومي، وفقًا لسياسة نقديّة مستقرّة ومنتظمة. أمّا الأهم، فهو أن نجاح هذه السياسة النقديّة سيحتاج حكمًا إلى إطار الإصلاحات الأوسع، المتصل بماليّة الدولة وإعادة الانتظام إلى القطاع المصرفي.
في النتيجة، انتهى العام 2023 بمشهد يعكس بعض الاستقرار النقدي الهش، في حين أنّ القطاع المصرفي ما زال معتلًا بحالة التعثّر التي أصابته منذ العام 2019. أمام هذا الواقع، لا يوجد ما يدعو للتفاؤل بمجريات العام الحالي، ما لم نشهد تطوّرًا في مسار التشريعات المطلوبة لتصحيح وضعيّة المصارف، وتحديدًا تلك المتعلّقة بإعادة هيكلة القطاع المصرفي وإعادة التوازن للقطاع المالي.


lea maria ghanem



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top