2024- 05 - 03   |   بحث في الموقع  
logo المرتضى عن فصل “تمارا رسامني” من جامعة كولومبيا: ذنبها الوقوف إلى الجانب الصحيح logo إخبارات أمام النائب العام: تبديد الأموال والسّرقة في "النافعة" logo “تيار العزم” في عكار نبّه من الاستعمال الخاطئ وغير المسؤول للتكنولوجيا logo مسؤول أميركي يُحمل حماس مسؤولية "عدم وقف إطلاق النار" بِغزة logo "تهديد مباشر"... عدوان: لم ولن تغير من موقفنا بضرورة العودة الفورية للسوريين logo لقاء بين النائب خوري ورئيس بلدية طرابلس للبحث في ملف النزوح logo لقاء معراب ما له وما عليه logo بعد قرار الإمارات... أميركا تعيد تموضع أصولها العسكرية في الشرق الأوسط
المخرجة شارلوت ويلز... عن الآباء والبنات والسينما الحميمة
2023-12-11 14:00:46

لسنوات وبطرق عديدة، عكست السينما العلاقات الأبوية. إذا نظرنا على وجه التحديد إلى العلاقة بين الآباء وبناتهم، فمن المحتم أن نتذكّر شون بن، كرجل معوق عقلياً يقاتل للحفاظ على حضانة ابنته الصغيرة في الفيلم العاطفي "أنا سام" (2001). أو محمود عبد العزيز في "الساحر" (2001)، مع ابنته منّة شلبي، كساحر مهمّش يحاول أن يضفي شيئاً من البهجة على حياته البائسة. أو راسل كرو في فيلم "آباء وبنات" (2015)، كروائي تتعقّد حياته بعد وفاة زوجته في حادث سيارة وعليه أن يتعامل مع تعليم ابنته البالغة من العمر خمس سنوات.مؤخراً، انضمت الاسكتلندية شارلوت ويلز (36 عاماً) إلى اللائحة بقصة من النوع السيرة جزئياً، أثارت اهتمام دوائر السينما المستقلة منذ عرضها للمرة الأولى ضمن مسابقة أسبوع النقاد في مهرجان كانّ 2022، قبل أن تغزو مهرجانات العالم وتحصل على جوائز مرموقة.في فيلمها الأول، "بعد الشمس"(*)، تروي المخرجة الاسكتلندية قصة صوفي (فرانكي كوريو) البالغة من العمر 11 عاماً ووالدها كالوم (بول ميسكال). في منتصف التسعينيات، ذهب الاثنان في إجازة إلى منتجع تركي. كشخص بالغ، تتذكّر صوفي فندقاً نصف مخفي خلف سقالات وغرفة صغيرة ومسبح كبير. تتذكّر أن كالوم كان يمارس رياضة تاي تشي الصينية في بهو الفندق. تتذكّر يده المجبّسة وكيف أمسكها بأمان بين ذراعيه في الباص. تتذكّر حبّه الأبوي غير المشروط وكيف أحاطه ثقل غريب من وقت لآخر. في الوقت الحاضر، تحاول صوفي الاقتراب من والدها كشخص بالغ، لتراه من خلال ضباب ذكريات طفولتها، تبحث عنه في مقاطع فيديو ولقطات من زمن تلك الإجازة التسعينية، تحاول "جمع والدها معاً" بطريقة ما؛ لكنه يراوغ نظرتها. "بعد الشمس" عمل مؤثر ولافت وجميل، في مركزه أبّ لطيف ورقيق في علاقته مع ابنته المحبوية، بما يتجاوز الأدوار الأبوية المعتادة. في الوسيط السينمائي المهووس برجال متجّمدين عاطفياً، بآباء غائبين، باردين وصارمين؛ يأتي الفيلم بمثابة ثورة صغيرة.بعد عرض فيلمها في اسبوع النقاد في مهرجان "كان" وضمن فعاليات النسخة 28 لمهرجان السينما الأوربية في لبنان، كانت "المدن" التقت المخرجة شارلوت ويلز للحديث عن فيلمها، والعلاقة بين الأبّ والابنة، والرغبة في كتابة شخصيات معقَّدة تشبه الناس العاديين، والحاجة إلى إنتاج أفلام تعبّر عمّا لا تستطيع إيصاله الكلمات والصور وحدها.
- وصفتِ فيلمك بأنه "سيرة ذاتية عاطفية". ماذا يعني ذلك بالنسبة إليك؟* هذا المصطلح مربك قليلاً... اعتقدتُ أنه يمكنني تجنُّب السؤال عمّا إذا كان الفيلم سيرة ذاتية، لكن كان له تأثير معاكس. نظراً لأن الفيلم يبدو وكأنه ذكرى شخصية، فإن مَن يشاهده يفترض أنها ذاكرتي، وهي ليست كذلك. أتفهّم أن المشاهدين يريدون ربط الفيلم بالشخص الذي صنعه. لكن كمؤلفة، لدي علاقة مختلفة جداً به. الفيلم ليس ذاكرتي، لم أكن في تلك العطلة التي أخذها كالوم وصوفي، لكن العلاقة مع والدي هي أساس هذه القصة الخيالية. كمتفرّجة، يمكنني أن أتعلّق كثيراً بهذا الدافع/الرغبة في ربط الفيلم بالشخص الذي صنعه.- لا يعني المصطلح بالضرورة أن ما يحدث في الفيلم حدث لك، لكنكِ تلتقطين عملية التذكّر، والشعور بالتذكّر..* بالضبط. الشعور في الفيلم هو شعوري الخاصّ، إنه تعبير صادق عن المشاعر التي لديّ، وهذا ما سعيت إليه حين وصفت الفيلم بأنه "سيرة ذاتية عاطفية". جاءت فكرة صنع هذا الفيلم مباشرة بعد تصوير أول فيلم قصير لي، بعنوان "يوم الثلاثاء"، والذي يستكشف سيناريو مشابهاً على الرغم من أنه يدور في حقبة مختلفة. شعرت أن لدي ما أقوله، شيء لأكتشفه عن نفسي. وتزامن أيضاً أنني كنت أبحث في ألبومات إجازة عائلية مختلفة، عندما كنت طفلة وكنت مع والدي، المتوفّى الآن، وهنا بدأ كل شيء.- هناك العديد من الأفلام عن الآباء والبنات، لكن القليل منها يُسرد من منظور الابنة. هل كان هذا شيئاً فكّرت فيه عند كتابة السيناريو، هل أردتِ رواية فيلم عن علاقة الأبّ والابنة من منظور أنثوي؟* كنت أدرك أن هذا النوع من العلاقات ليس عادياً أو شائعاً، على الرغم من أنني امتلكت في طفولتي هذه العلاقة. كالوم أبّ جيد، وهذا أفضل ما يفعله في الحياة، إذ يبدو أن كل شيء آخر كان فاشلاً. إذا وضعت الفيلم في سياق أكبر، فربما ستظهر جوانب سلبية أخرى أكثر من هذه الزاوية. إنه جيد جداً كأب، منفتح ويقظ. يحاول أن يكون في اللحظات المهمة لابنته ويدعمها، على الرغم من أنه لا ينجح دائماً، لكن خارج هذا الدور فهو رجل يعاني الكثير من عدم الأمان.في البداية أردت أن أحكي قصة متوازنة بين الشخصيتين. بعد ذلك، مع تقدُّم الكتابة، بدأت في تضييق منظور السرد حتى تتذكّر صوفي هذه العطلة كشخص بالغ. قدّم هذا ببساطة استكشافاً أكثر دقّة وحسّية لهذا الانتقال بين الطفولة والمراهقة الذي مرّت به صوفي حين كانت في الحادية عشرة من عمرها. تتنقل القصة عبر العديد من ذكريات الماضي والصور الأرشيفية لتقرّبنا من صوفي التي تحوّلت إلى أمّ تحاول إعادة تكوين صورة والدها بالمعلومات والخبرة المكتسبة من تلك السنوات العشرين أثناء مراجعة تسجيلات الفيديو المنزلية.- كبالغين، غالباً ما ندرك أن آباءنا مجرد بشرّ، كغيرهم. في الوقت نفسه، من الصعب جداً مواجهتهم كبشر عاديين وليس كآباء في المقام الأول. بالنسبة إلى صوفي، الأمر أكثر صعوبة لأن كالوم لا يبدو أنه موجود في الوقت الحاضر..* أعتقد أنه من المستحيل مواجهة والديك كبشر فحسب. كلما شغلا دور الوالدين بشكل أفضل، كلما كان ذلك مستحيلاً. في الأخير، غالباً ما ترتبط رؤية والديك كبشر مثل غيرهم بحقيقة أنهما يخيّبان ظنّك بطريقة ما. أعتقد أنه من المستحيل فصلهما تماماً عن الدور الذي يلعبانه في حياة المرء. هذا يعني، بطريقة ما، أن هذا الدور يأتي دائماً أولاً، أو على الأقل يشكّل الطريقة التي ننظر بها إليهما كبشر.- كالوم رقيق للغاية ومحبّ مع صوفي. نادراً ما أرى ذلك في الأفلام. هناك، غالباً ما يكون الآباء غائبين أو غير متوفّرين عاطفياً. كان لافتاً ومثيراً رؤية أبّ مصوَّر بهذه الطريقة.* من المؤكد أن الأبّ الغائب هو الأكثر شيوعاً في السينما أو الفنّ عموماً. أعتقد أن كالوم غائب من بعض النواحي أيضاً، فهو، على سبيل المثال، يعيش منفصلاً عن صوفي. في حين أن الغياب لا يعني بالضرورة عدم التواجد جسدياً. ليس عليك دائماً أن تكون حاضراً جسدياً، فالأمر يتعلّق بالحضور العاطفي.في نسخ سابقة من الفيلم، تلقّيت تعليقات لزيادة التوتر في علاقة كالوم وصوفي. كان الهدف من ذلك سرد قصة عن أبّ غائب يصبح أكثر حضوراً مع تقدُّم الفيلم. لكنّي أدركتُ بعد ذلك أنني أردت العكس تماماً. لذلك أزلتُ كل التوتّر من العلاقة. هناك لحظات توتّر، كما هو الحال في مشهد الكاريوكي، لكنها تظلّ ضمن الحدود الطبيعية. لم أرغب في المبالغة في تصوير تلك اللحظات.في السيناريو، في البداية، عندما يستقلان الحافلة من المطار إلى الفندق، هناك سطر يصف كيف استقرت ذراعه المجبّسة عليها: "مع حميمية بلا مجهود". ومن اللقطة الأولى، هذا هو بالضبط ما يجب أن تظهر عليه علاقتهما.- كالوم ليس أباً مثالياً، ولا أعتقد أن هناك أصلاً آباء مثاليين. لكن عندما نتحدث عن الأبوة والأمومة في الكتب أو الأفلام أو في التلفزيون، فغالباً ما يكون ذلك مشحوناً أخلاقياً. نتحدث عن الصواب والخطأ، بينما فيلمك لا يفعل ذلك.* أهتم دائماً - ليس فقط عندما يتعلق الأمر بالأبوة، ولكن عندما يتعلق الأمر بالشخصيات بشكل عام - بكتابة شخصيات معقّدة ومتناقضة، وهو ما ينطبق على الناس جميعاً تقريباً. لكن هذا صعب لأن الشخصيات عادة ما تُحصر في قالب محدد للغاية، مع ترسيم محدّد للغاية وأخلاقيات لا يتوافق معها الناس بالضرورة.- الناس، في الأخير، أكثر من ذلك بكثير. إنهم مقيدون بالمعايير والقواعد، لكنهم أكثر من ذلك....*... وهم يحاولون باستمرار الخروج من هذه المعايير، حتى بطرق قد لا يفهمونها تماماً. هذا شيء يسائله بول ميسكال، الذي يلعب دور كالوم. احتاج كلانا إلى فهمٍ واضح لشخصية كالوم، حتى لو لم يكن واضحاً دائماً على الشاشة ما الخطأ معه بالضبط. قال بول إن كالوم نفسه لا يعرف أو يفهم حقاً ما يحدث. لقد أحببتُ ذلك حقاً، لأن معظمنا يتصرّف بناءً على المشاعر من دون أن يكون لديه بالضرورة فهم فكري عميق لدوافعه. لكن عندما نشاهد الأفلام، اعتدنا ونتوقّع أن نكون قادرين على الحصول على هذا الفهم الفكري العميق لكل شيء.- بول ميسكال وفرانكي كوريو، التي تلعب دور صوفي، رائعان. أشعر حقاً أننا ننضمّ إلى شخصين في إجازة. كيف استعددت للتصوير معهما؟ وكيف كانت الأجواء أثناء التصوير؟* في موقع التصوير، كانت وظيفتي خلق بيئة تشعر فيها فرانكي بالراحة والاستمتاع من أجل تحقيق إمكاناتها التمثيلية الكاملة. لهذا السبب تحدثنا أنا وبول كثيراً عبر الهاتف مسبقاً.قبل أن نبدأ التصوير، حدّدنا مدة أسبوعين للاستكشاف، وكانت لدي فكرة مثالية أنني سأقضي هذين الأسبوعين في العمل مع فرانكي وبول. لكن خلال ذلك الوقت كنت مشغولة معظم اليوم باختيار وإعداد مواقع التصوير. لم يكن لدينا سوى ساعة ونصف الساعة في الصباح عملنا خلالها قليلاً على مشاهد فردية.بقية الوقت أمضاه فرانكي وبول معاً. لقد قضيا إجازتهما معاً لمدة أسبوعين. أصبح بول حقاً جزءاً من عائلة فرانكي، ذهبوا جميعاً إلى الشاطئ معاً، ولعبوا في المسبح، استمتعوا وتعارفوا. ثم خلال التصوير، كان أمامهما ستة أسابيع أخرى للتعرّف على بعضهما البعض. عندما صوّرنا أخيراً مشهد الحافلة إياه، حيث تستقر ذراعه عليها من دون عناء، كان هذا أحد الأيام الثلاثة الأخيرة من التصوير وكان ذلك مهماً لأننا لم نكن لنتمكّن من تصوير المشهد نفسه في اليوم الأول.- عمل الكاميرا والصور رائعة أيضاً. هناك لقطات عديدة مؤثرة، وذلك ببساطة بسبب طريقة التقاطها وتصميمها. كيف كان العمل مع المصوّر السينمائي غريغوري أوكي؟* ذهبت أنا وغريغ إلى مدرسة السينما معاً، عرفنا بعضنا البعض لفترة طويلة وننسجم جيداً مع الناس وكصانعَي أفلام. أذواقنا متشابهة، لكنها ليست متطابقة، وفي بعض الأحيان لدينا إدراكات مختلفة للغاية، تكمل بعضها البعض بشكل جيد. كان غريغ أول مَن عرضت عليه السيناريو. لذلك شارك في وقت مبكر جداً وقمنا معاً بتطوير فهم للتصوّر المرئي للفيلم.منظور السرد تحدٍّ رئيس دائماً. كاميرا الفيديو التي تستخدمها صوفي وكالوم لتصوير عطلتهما كانت أداة لمواجهة هذا التحدي. لخّص غريغ أخيراً تأمّلاتنا الجماعية بالقول إن صوفي البالغة تمثّل منظوراً شاملاً، لكن ليس مطلقاً. تحت هذا التصوّر، هناك منظور سردي كلّي العلم للفيلم. هناك أيضاً مشاهد من وجهة نظر صوفي عندما كانت طفلة، التقطت من مسافة قريبة ومجزّأة تقريباً، كما لو كانت صوراً تشكّل أساس ذكريات صوفي. أخيراً، هناك لقطات لكالوم وحده، والذي صوّره غريغ دائماً من مسافة أبعد. غالباً ما يُحجب منظور كالوم هنا ويتملّص من أنظارنا. العمل مع الكاميرا، العمل مع غريغ هو الجزء الأكثر إبداعاً في عملية صناعة الفيلم بالنسبة لي، ويسعدني أن يظهر ذلك في النسخة النهائية من الفيلم.- وصفتِ صناعة الأفلام بأنها طريقة للتعبير عمّا لا يمكنك التعبير عنه بالكلمات أو بالصور. هل أنتِ مهتمة بمواصلة ذلك في مشاريع أخرى؟* أعتقد أنه إلحاح أو ضرورة أكثر منه الاهتمام. نقطة البداية لأفلامي تأتي دائماً من رغبتي في قول شيء ما. أشعر بالفضول حيال كيف سيتطوّر الأمر، لكنّي لا أريد أن أنجز أفلاماً من أجل صناعة الأفلام فقط. طالما يمكنني دفع الإيجار بطريقة ما، فأنا أريد أن أصنع أفلاماً لأن لدي رأياً أو أريد التعبير عن شيء ما. لا أعتقد أن بإمكاني فعل ذلك لأي سبب آخر.(*) فاز الفيلم بسبع جوائز في حفلة توزيع جوائز الأفلام المستقلة البريطانية 2022، كما رشّح بطله بول ميسكال لجائزة أوسكار أفضل ممثل 2023.





ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top