2025- 05 - 09   |   بحث في الموقع  
logo الخارجية الأميركية: نحن على بعد خطوات من حل لإيصال المساعدات الى غزة logo من هو المرشح لعضوية مجلس بلدية طرابلس سمير مسعد؟ logo من هو المرشح لعضوية مجلس بلدية طرابلس ظهير صافي؟ logo “الريجي” ضبطت مصنوعات تبغية مهرّبة ومزوّرة logo “الجديد” بين التطهير والطرد logo “رؤية طرابلس” تواصل جولاتها: أبي سمراء والقبة تحتضنان حشوداً شعبية ودعوات للتغيير logo من هي المرشحة لعضوية مجلس بلدية طرابلس دانا رياض قاوقجي؟ logo رجي: العلاقات مع الخليج شهدت تحولًا إيجابيًا
دول الطوق: حزام أمان لإسرائيل
2023-12-09 10:00:55


من الموروث السياسي العربي، جملة دول الطوق، أي مجموع الجغرافيا العربية المحيطة بفلسطين، الذي يضم مصر وسوريا ولبنان والأردن. خلف هذا الطوق كان العراق عمقاً قريباً، وكانت الجزائر وليبيا وسائر دول المغرب العربي، ودول الخليج... هي العمق الذي يتفاوت نَأْياً عن دول المواجهة.
ثغرة دول الطوق الرسميّة، كانت لبنان، وعلامة الاستفهام الدلالية كانت خاصّة بالأردن، أما مصر وسوريا، فكانتا رأس حربة القوى التقدمية الساعية إلى تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، قبل عام 1967، ثم تحولتا إلى مهمّة إزالة آثار العدوان، واستعادة الأرض المحتلة بعد هزيمة حرب الأيام الستّة، الذائعة الصيت.
تغيَّر الزمن، وتغيّر التصنيف، وتغيرت المهمات الوطنية لدول الطوق مجتمعة، وحده لبنان، الذي كان خاصرة رخوة في جسد الطوق "الصلد"، صار كل الجسد بعد أن تحوّل الطوق، الذي يحيق بالعنق "الإسرائيلي"، إلى أقلامٍ ناعمة، وقّعَتْ اتفاقيات سلام، كما هي الحال في مصر وفي الأردن، ووقّع "الخراب" الذي حلّ في الديار السورية، اتفاقية الانسحاب من الفعل داخل الطوق، بعد أن تبدَّدت عناصر الفعل، وتناثرت مقوماته.
مناسبة التذكير بما كان من طوقٍ عربي محيط بفلسطين، ليس حنيناً إلى ماضٍ انقضى، وليس نداءً إلى استنهاض طوقٍ عربيٍّ جديد، فالأمران غير واقعيين، والتجربة في هذا المضمار، مرّة، وخلاصاتها كانت أشد مرارة، وترجمات الخلاصات، ماثلة للعيان، منذ عقود في البلاد العربية المنكوبة بالفوضى وبالفرقة وبالاقتتال، وفي فلسطين اليوم، حيث يواجه الفلسطينيون آلة الإبادة الصهيونية، وفي لبنان، الذي عاد ليكون نافذة "الانتصار" الوحيدة، لمصير فلسطين.
إذن، وفي مناسبة التذكير، تحضر عناوين ثلاثة، تحمل في ثنايا شرحها تأكيداً لما هو مؤكَّد من سياسات، غربية وعربية وفلسطينية ولبنانية، وتحمل إضافات فرضتها اليوميّات الغزاوية، فصارت وسائل شرح عيانية لفرضيّات سياسية رائجة، محليّاً وعربياً ودوليّاً.

1- انبعاث الصهيونية الغربية:حاضر العدوان الشامل على غزّة، يحيل اضطرارياً إلى نبش شيء من تاريخ الغرب الذي كان وراء نشأة الصهيونية في دياره، وكان خلف تصديرها إلى فلسطين، وتثبيتها فوق أرضها.
في السياق أعلاه، وباختصار ذي دلالة، لقد روّج "البروتستانت لفكرة غربة اليهود عن النسيج الحضاري الغربي، لأنهم شعب الله المختار، ووطن هذا الشعب فلسطين". تلك بداية من بدايات الفكرة، بعد الإصلاح الديني الذي قام به مارتن لوثر في ألمانيا. على خطى الفكرة هذه، اقترح نابليون بونابرت إنشاء دولة يهودية في فلسطين، ولم يتأخر اللورد بالمرستون، رئيس مجلس الوزراء البريطاني، عن تعيين قنصل بريطاني في القدس عام 1838، وتكليفه بمنح الحماية الرسمية لليهود في فلسطين. لقد وجدت الفكرة حمايتها، ووجدت تجسيدها في بناء أول مستوطنة يهودية عام 1870، ثم تتابعت الأحداث حتى الاستيلاء على فلسطين، بدعم من بريطانيا التي كانت عظمى، وعادت اليوم مع قريناتها الغربيّات إلى استعادة ألوان من السياسات الاستعمارية.هذه التوطئة المختارة من التاريخ، يكملها اليوم ساسة الولايات المتحدة الأميركية. توصم غزَّة بالإرهاب، فيباد شعبها. يعرف الأميركي وأقرانه الغربيون، حقيقة ما حصل في فلسطين قبل النشأة، وبعدها، لكن كل هؤلاء، يعطون الوقت الكافي لإسرائيل "الضحيّة"، للدفاع عن نفسها. يحسم الأميركي بوضوح سياسة دعمه للصهاينة الجدد، ويصمت ويتلعثم ويكذب، عندما يتعلق الأمر بمصير غزّة وشعبها، وبالمسألة الفلسطينية وأفق حلّها، وبمطلب الدولتين، الذي أقرّه اتفاق أوسلو فوق الأرض الأميركية ذاتها.ما الذي يطفو على سطح سياسات الغرب الذي استعاد صيهونيته المختلطة الأبعاد؟ الشأن الإنساني فقط؟ ومن هو الإنسان الفلسطيني الذي ستشمله الرعاية الغربية الإنسانية؟ هو ذلك المطمور تحت أنقاض بيته، وهو القتيل الملقى في الشارع، وهو الجريح النازف في مستشفى مقصوف...لم يتراجع الغرب عن روايته التاريخية المزوَّرة، وهو يطالب الفلسطيني والعربي، وكل من لا يقول قوله، باعتماد ذات الرواية، ويدعو كل الرواة إلى اعتماد سرديّته التي تقرّ بحق "شعب الله المختار" في العيش بأمنٍ وسلام فوق أرضه المقدسة، فلسطين.

2- انبعاث الشخصية الوطنية الفلسطينية:يكرّر الفلسطينيون اليوم، ما فعله آباؤهم بالأمس، فهم والحال ما هي عليه، وَرَثَةُ الحالة الصراعية التي خاضها الأجداد، دفاعاً عن الإسم الفلسطيني، وعن الأرض وعن التاريخ وعن الهويّة.كان الفلسطيني وما زال، مزدوج التعريف، فهو فرد وقضية، وهو شعب وقضية، وهو تاريخ وقضية، وهو مستقبل وقضية. إزدواجية الفلسطيني التعريفية، هي مادّة وجوده، في غياب القضية، ينزاح الاسم من ثبات وجوده، وفي غياب الاسم تنزاح الأرض عن حقيقة بقائها...العودة بتاريخ الصراع من أجل الاسم والأرض، تمتد لعشرات السنين، فإذا كانت مستوطنة "مكفا إسرائيل" أي أملها، قد بنيت عام 1870، يمكن القول أن ذات العام هو عام إطلاق الشرارة الأولى ضد العدوان الصهيوني الذي ما زال مستمرّاً.لقد كيلت التهمُ للفلسطيني بعد نكبة 1948، لأنه لم يقاتل دفاعاً عن أرضه، لكن التاريخ المعروف أسقط كل التهم، وأعاد التذكير بكل المعارك التي انتصر فيها على المستوطنين، لكن المستعمر البريطاني كان يتدخّل دائماً، لقلب نتائج المعارك.كان دور الاستعمار الغربي وما زال، توفير الحماية الشاملة للكيان الغاصب، هذا ما عرفته أرض فلسطين التاريخية ذات يوم، وهذا ما تعيشه أرض غزّة الفلسطينية اليوم، وهذا ما واجهه العرب في حرب عام 1973، عندما نجحوا في اختراق خطوط العدوان الصهيونية، فجاءت النجدة الغربية، بقيادة "أميركا" لتمنع عن الكيان إياه، ما قد يتعرض له من أخطار.
اختصاراً، خاض الفلسطيني معركة انبعاث شخصيته الوطنية قبل ضياع وطنه، وبعد هذا الضياع، وقد دفع في سبيل ذلك ثمناً باهظاً، وها هو اليوم يدفع الثمن الأعلى في تاريخه، يحدوه أمل انتزاع اعتراف بدولة تكون عنوانه الثابت في التاريخ، وإطاراً ضامناً لبلورة هويته، ليتسنّى له بعد ذلك، الاستمرار، وعلى طريقته، في استكمال صراعه التاريخي، مع من سرق أرضه، ويحاول الآن طمس هويته الوجودية.

3- الخاصرة اللبنانيةلم يخطئ اللبنانيون عندما طعّموا لبنانيتهم بعروبتهم. هذه الأخيرة كان لها "نكهتها" اللبنانية الخاصة، منذ حقبات السلطنة العثمانية، وحتى إنشاء لبنان الكبير.كانت تلك حقبات تكوّن الشخصية اللبنانية، وكان عمر لبنان الكبير، الذي صار قرناً من الزمان، مصهراً كافياً لبلورة لبنانية واضحة كهويّة، لا تنال منها خلافات الطائفيات، ولا تدعو إلى النكوص عنها، جملة النزاعات، السلمية وغير السلمية.لقد اجتاز لبنان معمودية توحيده حول هويته، في ميدان نار أهله في الداخل، وفي ميدان رمايات "أشقائه" من خارج. لقد وصفه هؤلاء بأنه الخاصرة الرخوة، لكنه عاد ليثبت، وبفضل تعدديته وحرياته، أنه الذراع الأقوى في ميدان الدفاع عن قضية فلسطين، وأنه استمر في حمل الشطر الأوسع من أعبائها بعد هزيمة الجيوش النظامية العربية. تاريخ الدفاع عن فلسطين له محطات، كان أولها عام 1948 فوق أرض فلسطين، وفي معركة المالكية، وكانت التتمات منذ 1965 وحتى تاريخه، قتالاً مشتركاً مع الفلسطينيين، في مواجهة ما تعرّض له لبنان من العدوانية الصهيوينية.
في وطن الخاصرة "الرخوة"، عاش اللبنانيون والفلسطينيون في شبه وحدة لم تعرفها دول عربية عديدة. لقد سبق اللبنانيون الشعارية العربية الوحدوية التي لم تتحقق، فنسجوا عناصر وحدة شعبية ظلّت هي الأبقى، حتى بعد اختلاف اللبنانيين حولها، وحتى بعد انفضاض أطياف لبنانية عديدة عن دعم الفلسطيني، لأسباب وجيهة ليس أقلها، اتهام الفلسطيني بانحيازه إلى فريق لبناني في ميدان الصراعات البينية الطائفية.على سبيل الاسترجاع، وفي سبيل الاستفادة. إن مشاركة المقاومة الإسلامية اللبنانية في الحرب الدائرة ضد غزّة، انطلاقاً من معادلة "قواعد الاشتباك"، هي المساهمة الواقعية الممكنة الوحيدة، التي لا يستطيع لبنان التجاوز عليها، ولا يستطيع أي طرف كان، التجاوز على قدرة اللبنانيين، وعلى حدود احتمالهم. إذن، وفي ذات الاتجاه، لا يحق للفلسطيني المقاتل، أن يستغل التعاطف العارم مع قضيته اليوم، فيعلن من جانب واحد أن لبنان ساحة يستطيع أن يجعلها قاعدة تعبئة قتالية، أو نقطة ارتكاز انطلاق أعمال عسكرية. إن من شأن ذلك، أن يلحق الضرر الفادح بزخم الدعم الذي بادر إليه كل اللبنانيين، قولاً وسياسة وعملاً، ومن شأنه أيضاً، أن يستحضر لغة الفرقة والافتراق والتوصيف الطرفي... أي كل ما لا يريد الحريصون على فلسطين، أن تنزلق الأمور إلى وحوله.

أي طوق:عودة إلى العناوين التي سبق ذكرها، ليس بعيداً من الواقع القول، إن الاستعمارية الجديدة، بمضمونها السياسي الصهيوني الأصلي، تريد تأمين طوق سلام وأمان جديد لإسرائيل، بعد أن زال الطوق القديم، بمواصفاته، وبموجباته، وتقتضي العملية البنائية الجديدة تفكيك حلقتين، هما كل الطوق. الأولى حلقة غزّة التي تستمر عملية تدميرها وتهجيرها، والثانية حلقة لبنان من خلال إنفاذ بنود القرار 1701، طوعاً أو قسراً. ماذا يوجب ذلك؟ الصمود والصمود في فلسطين، والمؤازرة السياسية والديبلوماسية لتثمير الصمود جنىً فلسطينياً دائماً. الحذر الحذر في لبنان، فليس بين اللبنانيين جميعاً من يريد دفع كلفة مجانية. هذا يعني، أن الحنكة السياسية، والبصيرة الاستراتيجية، كفيلتان بعدم أخذ اللبنانيين إلى جرعة خسارة بلا مردود سياسي.قديماً قيل: "عند تبدّل الدول، خبئ رأسك"، لذلك، يجب الانتباه إلى الرأس، أقلّه حتى مرور العاصفة، واستنفاد زخم عَصْفها.



lea maria ghanem



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top