تتصاعد بشكل متسارع عمليات القصف المتبادلة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية في ثالث أسابيعها، مما يثير المخاوف من اتساع رقعة الاشتباكات لتشمل العاصمة بيروت ومناطق لبنان المختلفة. يعيش اللبنانيون في جو من الاستنفار والتشاؤم، ما يضطرهم إلى تغيير نمط حياتهم وسط تصاعد الاحتمالات لتحول الوضع إلى حالة حرب فعلية. هذا التطور يلقي بظلاله السلبية على مختلف القطاعات الاقتصادية في البلاد، مع تعقيدات أزمة اقتصادية مستمرة للبنان منذ أربع سنوات.
تتوقع تحليلات قلقة بشكل كبير أن دخول لبنان في حرب واسعة النطاق سيكون له تأثيرات كارثية على الاقتصاد الوطني. يجد لبنان نفسه في زمان حرج، حيث يكاد يكون عاجزًا عن تحمل تكاليف إعادة بناء البنية التحتية المتضررة، نظرًا لندرة الموارد المالية الحكومية وصعوبة تأمين رواتب الموظفين في القطاع العام.
في سياق آخر، شهدت الساحة الاقتصادية للبنان تغييرات هامة خلال الفترة التي تلت الانهيار المصرفي الذي شهدته البلاد في عام 2019. استمرت السياسة النقدية المستنزفة في تلك الفترة في تآكل احتياطات لبنان بالعملات الأجنبية، وتراجعت إلى 8.76 مليار دولار، مما أظهر فشلًا واضحًا في تحقيق الاستقرار.
وفي هذا السياق العالمي المتغير، يعكس دعوات وزير الخارجية الصيني ( وانغ يي ) ووزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود إلى تحمل المسؤوليات الدولية في وقف التصعيد في منطقة الشرق الأوسط على أهمية التعاون الدولي لتحقيق الاستقرار.
مع تولي وسيم منصوري المسؤولية بعد نهاية ولاية رياض سلامة، شهدنا تغييرًا جذريًا في السياسات الاقتصادية. بينما كانت فترة سلامة متميزة بشعار "عدم تمويل الدولة" بالدولار أو الليرة، فإن فترة منصوري شهدت تحولات مهمة، بوقف استنزاف الاحتياطات وتحقيق استقرار في سعر صرف الليرة. ولاحظنا نجاحات في تمويل سداد الرواتب بالدولار وتحسين حجم الاحتياطات.
وعلى الرغم من هذه التحولات الإيجابية، يظل التحدي الأكبر هو ضمان استمرارية السياسة النقدية المستدامة. ويرتكب ذلك إلى فعالية المنصة الجديدة للتداول وشفافيتها، بالإضافة إلى توحيد أسعار الصرف وتصحيح النظام المالي، مما يتطلب تفكيرًا دائمًا وتحركًا حازمًا لضمان استقرار لبنان على المدى البعيد.