ذلك أنَّ الضربة الكبيرة التي وجّهها اليمن لإسرائيل عبر احتجاز سفينة إسرائيلية وسوقها إلى الشواطئ اليمنية، تُعد إشارة بالغة الدقة على المستوى الدولي، وتتخطى الكيان الإسرائيلي لتصل إلى القوى الغربية الكبرى وفي طليعتها الولايات المتحدة، مع ما يشكّله البحر الأحمر ومضيق باب المندب من أهميةٍ استراتيجية هائلة.
أما في جنوب لبنان وشمال فلسطين، فبعد الضربات المتعددة التي وجّهها حزب الله أمس لمواقع ومراكز إسرائيلية، وبعد إسقاط مسيرة متطورة، أرسل اليوم الإثنين إشارة جديدة إلى عزمه استمرار وضع الجيش الإسرائيلي تحت النار، مع استهداف ثكنة "برانيت" بصواريخ "بركان"، التي أدّت إلى دمارٍ كبير. ومن شأن هذه الصورة، أن تبقي إسرائيل تحت ضغط الإستنزاف، في الوقت الذي تواصل فيه سياسة "الأرض المحروقة" في غزة، من دون أي أفق سوى التدمير والتهجير.
على المستوى الداخلي، يتواصل سياق المزايدة في التعاطي مع ملف اقتراب نهاية ولاية العماد جوزف عون. ذلك أن الذرائع التي يضخها المروجون للتمديد، بلغت مستوى فكاهياً لا بل بالأحرى خطراً بمدى استخفافه بقوانين المؤسسة العسكرية، وأنظمتها، وأعرافها. فزيارة وفد من تكتل القوات اللبنانية بكركي لتأكيد التقاطع مع بكركي في مساعي التمديد، أعقبها تصريح للنائب بيار بو عاصي حصرَ فيها الخبرة العسكرية بالعماد جوزف عون، دون غيره من الضباط العامين، بقوله "نريد قائداً يتمتع بخبرة عسكرية عالية وأي قائد سيعين اليوم لن يكون متمتعاً بخبرة العماد عون"، وكأن المؤسسة الكبيرة انعدمت فيها خبرات الضباط الكبار.
ومن شأن هذا السياق من المزايدات، وإطلاق المواقف غير المستندة إلى الدستور والقانون، أن تزيد من التجاذب والإنقسام الذي ينعكس سلباً على المؤسسة الأكثر تمثيلاً للوجدان الوطني اللبناني.