حملة إسرائيلية لـ"إسكات" فلسطينيي48.. بتهمة الارهاب
2023-11-09 20:11:55
كشفت حالة اعتقال امرأة ثلاثينية تتحدر من قرية النحف في منطقة الجليل داخل الخط الأخضر، التصعيد الاسرائيلي لجهة قمع وملاحقة كل فلسطيني في أراضي 48 على أثر كتابة منشورات داعمة لغزة منذ السابع من تشرين الاول/أكتوبر الماضي، سواء كان واضحاً أو تلميحاً.
وأظهر الفيديو مجموعة من أفراد الشرطة الإسرائيلية يحيطون بالمرأة ويتلو أحدهم على مسامعها لائحة الإتهام ضدها. ونسبت نيابة الاحتلال تهمة للفلسطينية بـ"التحريض على الإرهاب وإظهار الانتماء لتنظيم إرهابي"، وذلك بعدما ادعت شرطة الاحتلال أن المرأة كتبت في حالة "الواتس آب" الخاص بها في يوم الهجوم الذي نفذته كتائب "القسام" على منطقة غلاف غزة: "هذا الصباح فخر لن يُنسى، 2023.10.7، الله ينصرهم ويحفظهم".
بس عم بجرب اتخيل بشو فكرت حتى صرخت هيك! صرختها بتخليك تشعر شو يعني ظلم وشو يعني عذاب! pic.twitter.com/GafQuRlUJf
— Yumna Fawaz (@yumnafawaz) November 9, 2023
وخلال استماعها للائحة الاتهامات، أطلقت المرأة المعتقلة صرخت ممزوجة بلغة جسد اختزلت حجم الظلم والقهر الذي تشعر به؛ فهي تواجه اعتقالاً، فقط، لمجرد كتابتها شيئا يزعمه الاحتلال.
وتنص لائحة الاتهام ضد المرأة أيضاً على أن "الجمع بين محتوى النشر وظروفه يشكل احتمالاً حقيقياً لارتكاب عمل من أعمال العنف أو الإرهاب"، مدعية أنه "في نهاية تحقيق شامل للشرطة، تم تقديم لائحة اتهام ضدها ومددت المحكمة اعتقالها حتى قرار آخر".
وتتوزع التهم التي تنسبها إسرائيل لمعظم الفلسطينيين الملاحقين بين ثلاثة عناوين للاتهام؛ "دعم الإرهاب" أو "التحريض" أو "التعبير عن دعم ومناصرة منظمة إرهابية". وتصر شرطة ونيابة الاحتلال على تمديد اعتقال المعتقلين لفترات طويلة، بحجة استكمال التحقيقات والانتهاء من الإجراءات القانونية.
اعتقالات بالجملة
ووثقت "المدن" أكثر من 160 حالة اعتقال لفلسطينيين داخل الخط الأخضر خلال 34 يوماً فقط، وتم تقديم 60 لائحة اتهام بمصادقة المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية والمدعي العام. واللافت أن أحدهم اعتُقل أو وُضع رهن الإقامة المنزلية لمجرد نشر صورة بعض الأطعمة مثل "شكشوكة" (بيض مع بندورة مقلية)، وهو ما أكده أحد محامي مركز "عدالة" المتابع لهذا الملف.. فالاحتلال يزعم أن نشر صور معينة أو كتابة نصوص محددة وغامضة يوحي بأنها "تحمل رسائل تحريض أو تأييد لحماس"، رغم أن الاعتقالات شملت فلسطينيين غير مؤطرين حزبياً.
وحدة سايبر..للمراقبة
الحال أن ملاحقة الفلسطينيين بسبب كتاباتهم وتعبيرهم عن رأيهم تتولاها وحدة "سايبر" تابعة لشرطة الاحتلال، وتم تعزيز عملها ورفدها بتقنيات وعدد كبير من الموظفين، على دراية بعدد من اللغات، وخصوصاً العبرية والعربية والإنكليزية، وتشمل المراقبة لما يُكتب في مواقع التواصل، وتطبيقات الهاتف المحمول مثل "واتس آب". وقد ساهمت وسائل إعلام عبرية بترهيب الفلسطينيين ومنعهم من إبداء رأيهم أو تعاطفهم مع غزة منذ اليوم الأول للحرب على القطاع.
وقد حذر مذيع في تلفزيون "مكان" العبري فلسطينيي48 بالقول إن "الشرطة لديها وحدة متخصصة تعرف كل اللغات وتراقب كل شيء"، في محاولة لمنعهم من الكتابة بأي لغة كانت. في حين دعا مسؤولون إسرائيليون، كل من يتعاطف مع غزة، إلى "طردهم إلى غزة، لا تعيشوا هنا"، بالترافق مع فصل معلمات من المدارس، وموظفين آخرين من عملهم، وطلبة من جامعات.
تهديد وترهيب.. للإسكات
وفي مسعى لإسكات أي رأي مناهض للاحتلال ورافض للمجازر التي ترتكبها إسرائيل في غزة، حرصت شرطة الاحتلال على تكرار رسالة تهديد لجميع فلسطينيي48، بالقول إنها "في المرصاد لكل من يقوم بالتحريض على الإرهاب، مشجعاً وداعماً، سيتم إلقاء القبض عليه، والتعامل معه بحزم وبلا هوادة".. وهو تهديد تزامن مع عملية قمع لحرية التعبير للفلسطينيين داخل الخط الأخضر إما لعزلهم، أو توطئة لعملية تطهير عرقي وتهجير ونفي بحجج مختلفة.
ويقول صحافي فلسطيني مقيم في أراضي 48 لـ"المدن" إن الوضع صعب جداً، موضحاً أنّ إسرائيل تخنق فلسطينيي الداخل بطريقة لم يسبق لها مثيل، وأن الاعتقالات بالجملة بسبب الرأي. وشدد على أنهم "يواجهون الأبارتهايد بالكتابة بين الأسطر والنقاط"، مؤكداً أن الهدف من وراء الحملة الإسرائيلية هو قمع وترهيب وملاحقة وردع لكل صوت فلسطيني وطني.
"قوانين"..لتشديد الخناق
وبموازاة الاعتقالات ومراقبة الهواتف ومواقع التواصل، يجري حراك إسرائيلي لسن قوانين خطيرة تجاه فلسطينيي الخط الأخضر، ضمن حالة جنون يمارسها الاحتلال منذ هجوم السابع من أكتوبر، وسط تأييد غربي. حيث صدّق بالقراءة الأولى على قانون يجرم مشاهدة المحتوى المؤيد لـ"الإرهاب"، وهو توصيف فضفاض يعممه الاحتلال على أي موقف وطني فلسطيني، حتى لو كان صاحب هذا الموقف غير منتمٍ لأي حزب سياسي فلسطيني.
كما يخطط أقطاب اليمين الحاكم لتمرير قوانين لسحب الجنسية والإقامة من فلسطينيي48 والقدس لمجرد إبداء رأيهم الوطني، أو مناهضتهم ممارسات الاحتلال وغطرسته.
واعتقلت الشرطة الإسرائيلية في الساعات الأخيرة عدداً من القيادات الفلسطينية داخل أراضي48 بحجة نيتهم تنظيم تظاهرة "غير مرخصة" ضد حظر تنظيم احتجاجات مناهضة للحرب على غزة. وكان من بين المعتقلين رئيس التجمع الوطني الديمقراطي، سامي أبو شحادة، والنائبة السابقة في الكنيست عن التجمع حنين زعبي، وعدد آخر من قادة الأحزاب العربية في الداخل.
الضفة الغربية.. أيضاً
وفي حين تذرع الاحتلال بأن حملة الملاحقة هدفها منع تأجيج الوضع وفتح جبهة أخرى والحيلولة دون التأثير على مجريات الميدان في غزة، حذرت مؤسسات حقوقية من أن تستغل إسرائيل الأحداث الجارية منذ 7 أكتوبر لتصعيد قمعها ضد فلسطينيي الداخل، والعمل على تهجيرهم تحت ذرائع متعددة.
وبينما تُمعن شرطة الاحتلال في ملاحقة فلسطيني48، فإنها تسمح وترعى عملية تحريض إسرائيلية متصاعدة ضد الفلسطينيين، تجلت بدعوات "الموت للعرب" أطلقها إسرائيليون، ومحاصرة بعضهم لطلبة فلسطينيين في سكنهم بكليات جامعية لمحاولة الاعتداء عليهم، وعلى آخرين.
كما تشمل الحملة الإسرائيلية الضفة الغربية أيضاً، إذ تصاعدت الملاحقات غير المسبوقة للناشطين في السوشال ميديا، متمثلة بهدم قوات الاحتلال محلاً تجارياً في قلقيلية بسبب منشور داعم لغزة، وإغلاق محل آخر في رام الله للذريعة نفسها، على سبيل المثال لا الحصر، بموازاة اعتقال عدد كبير من سكان الضفة بسبب نشاطهم كصحافيين أو فعاليتهم في مواقع التواصل.
وكالات